الانقسام الشعبي يخيف نتنياهو
نشر موقع «واللا» الاسرائيلي تقريراً وصفه بأنه أحد أهم خمسة تقارير ستُتَدَاوَل هذا العام، حول ما سماه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالحرب ضد الأموال السوداء.
نتنياهو المنغمس في الحرب العسكرية حالياً في قطاع غزة وجنوب لبنان، يخوض حرباً اقتصادية على التوازي مع نظيرتها العسكرية.
رئيس الوزراء الإسرائيلي، وبحسب الموقع العبري، يريد تحويل الكتلة النقدية خارج البنوك إلى داخلها، من أجل محاربة المتهربين من الضرائب، وهي أزمة طالما أطلت بوجهها على الاقتصاد الإسرائيلي، لا سيما في أوقات الحروب.
الموقع الإسرائيلي وجه سؤالاً للقراء: هل تختفي فاتورة التوفير من حياتنا قريباً؟
وأجاب أن العديد من الإسرائيليين يعتمدون على النقد، وقد يجدون أنفسهم في ورطة في اليوم الذي تخرج فيه الورقة النقدية من التداول.
ويرى الصحفي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون الاقتصادية «نير قيبنيم» أن منطق نتنياهو وراء هذا الأمر غريب، إذ يروج رئيس الحكومة الإسرائيلية للحرب على رأس المال الأسود، لكن هناك قلقاً من أن السبب وراء خطته قد يكون أمراً آخر مثيراً للقلق لا أحد يعرفه حتى الآن.
ونقل الصحفي الإسرائيلي عن نظيره «ناتان ألترمان» ما كتبه في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الغالبية من الكادحين يحصلون على أموالهم نقداً، وهو طريق أكثر ملائمة للتخفي من أعين مفتشي السلطات الضريبية، في المقابل، هذا ما يدور في عقل نتنياهو دائماً الذي يريد إلغاء التعامل النقدي في البلاد، وعلى كافة المستويات.
تقرير «واللا» يشير إلى أن الكتب المقدسة اليهودية ترى أن فرض الضرائب يُصًعب الأمر على المتهربين الذين يكتنزون الأموال النقدية الضخمة في بيوتهم.
وأضاف التقرير أن الإسرائيليين يختلفون حول موضوع دفع الضرائب، فمنهم من يرى أنه يقوم بذلك على أمثل وجه، ومنهم من يرى أن جزءاً كبيراً لا يسدد ما عليه من ضرائب.
لذا، فإن قطاعاً كبيراً من الإسرائيليين يفضلون التعامل النقدي المباشر، ويرونه أقل إغراءً للإنفاق، ويفضلونه على استخدام بطاقات الائتمان، التي يمكن أن تتراكم عليهم بمزيد من الفوائد والديون.
التقرير أشار أيضاً إلى أن فئة كبيرة من الإسرائيليين لا ينسجمون مع الخدمات الإلكترونية والمحافظ الرقمية، وأبسطها بطاقات الخصم والائتمان في عصر يتم فيه إغلاق الفروع وتحويل الموظفين المكتبيين إلى مراكز خدمة إلكترونية، منهم كبار السن، وعدم المُتمكنين من استخدام الخدمات الإلكترونية، وبعض أطياف الحركات الدينية مثل الحريديم.
وراء كل ذلك، تبدو عمليات التهرب الضريبي منتشرة في المجتمع الإسرائيلي، لا سيما في مجتمعات بها نظام اقتصادي مغلق نسبياً مثلما هي الحال في أحد أحياء "بني براك"، وهو ما يندرج تحت مسمى "الأموال السوداء".
ولفت التقرير العبري إلى أن الخطوة التالية، تكمن في عمل المنظمات الإجرامية، التي لا تتمكن من كشف أموالها، فتقوم بعمليات غسيل الأموال المعروفة، ومنها منظمات وصفها التقرير بـ«الإرهابية» كانت تتلقى قبل حرب السابع من أكتوبر المنصرم الأموال عبر الأنفاق في طريقها لحماس.
وأوضح أنه بعد أن اندلعت الحرب الدائرة حالياً في غزة ولبنان، فإن المنطق يفرض نفسه بأهمية معرفة كل مصادر الأموال النقدية من خلال عدم تخزينها خارج المؤسسات المصرفية، ولا يجب الاعتراض على هذا النهج، حتى مع توقعات خبراء اقتصاديين بأن جدولة عملية الصرف لفترة محدودة جداً ستخلق مشكلة لأصحاب المبالغ النقدية الكبيرة.
وتساءل التقرير عن خطوات حرب نتنياهو الاقتصادية على هذه الأموال، وهل توجد حلول من الخبراء المقربين من نتنياهو حول آلية تنفيذ ذلك دون إلحاق الضرر برجال الأعمال وأصحاب الأموال النقدية الضخمة، وهل فكر هؤلاء الخبراء في حجم الزحام الرهيب المتوقع يومياً أمام البنوك من كل الفئات، لوضع أموالهم الكبيرة والزهيدة في هذه البنوك، وهو أمر قد يشل الحركة العامة في البلاد.
الصحفي نير قيبنيم يصف الأمر بـ«الجنون»، ووجه حديثه بسخرية إلى نتنياهو بأن الشيء الوحيد المؤكد هو فرحة الفقراء من رؤية أنفسهم في نشرات الأخبار، وهي تغطي الزحام الشديد للمواطنين أمام البنوك، وربما تتم عملية سرقة أموال العجائز خلال هذه الطوابير الضخمة.
الصحفي الإسرائيلي طالب من وصفهم بـ«حكماء الليل» بابتكار حلول واقعية لمحاربة رأس المال الأسود من خلال تقارير مفتشي الضرائب، وليس من نتنياهو.
السؤال الذي يطرح نفسه حالياً: كيف أصبح النقد الهامشي بين مكونات رأس مال غير معلن؟. بينما يسبب مشاكل من شأنها أن تدفع دولة بأكملها إلى الجنون، ولكن لأن نتنياهو يتجاهل عنصراً مهماً آخر، ربما هو العنصر الذي سيغذي الفكرة وهي لا تزال في مهدها أن جزءاً كبيراً من الأموال يمر عبر اقتصاد الحريديم، فهناك صناديق خيرية غير خاضعة للرقابة لا بد أن تكون في الحسبان، ويعملون على إيجاد حلول مبتكرة لمواصلة دفع رسوم مادية مقابل عدم تجنيد أبنائهم في الجيش.
وختم التقرير بأن أكثر ما يخيف بنيامين نتنياهو في الوقت الحالي هو إحداث أي انقسام في وحدة الشعب، تارة بسبب الأسرى وتارة ستكون بسبب حربه الجديدة ضد الأموال السوداء، لذلك فإنه يعمل على خفض الانقسامات لا سيما في المرحلة المقبلة بين اليسار واليمين.