وأصدرت الوكالة تقريرًا مقلقًا، يُظهر انخفاضاً ملحوظاً، في نسبة تغطية السيولة للودائع غير المؤمنة في البنوك الأميركية، خلال عام 2023، خاصةً البنوك الصغيرة.
وأفاد التقرير بأن "67 بنكاً في سبتمبر 2023 قد أعلنت عن نقص في السيولة، وما لديها يغطي فقط أقل من 20% من الودائع غير المؤمنة، بينما كان عدد البنوك التي تعاني المشكلة ذاتها في سبتمبر 2021، لا يتجاوز 9 بنوك فقط".
وحذر كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك «بيبلوس»، الدكتور نسيب غبريل، من تزايد حدة الأزمة في القطاع المصرفي الأميركي، مشيراً إلى أن "السيناريو الذي شهده بنك «سيليكون» العام الماضي، يتكرر الآن بشكل كبير داخل المؤسسات المصرفية الأميركية".
وأوضح لـ"إرم الاقتصادية" أن انهيار بنك «سيليكون»، أدّى إلى خروج نحو 40 مليار دولار خلال ساعتين، ما يُمثّل 25% من إجمالي ودائعه، وأن هذه النسبة تضاعفت في اليوم التالي لتصل لـ60%.
وأرجع تكرار هذا السيناريو إلى خوف العُملاء، من انهيار البنوك والمصارف، نتيجة الأزمات المالية والاقتصادية، التي تعانيها الولايات المتحدة حاليًّا، ما دفعهم لسحب ودائعهم بشكل كبير.
وحذر غبريل من خطر محدق بالنظام المصرفي الأميركي، مُشيراً إلى أن "انتهاء الخط الائتماني السريع الذي قدّمه الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي)، للمصارف العام الماضي، يهدد بقطع شريان السيولة عن القطاع".
ويعاني القطاع المصرفي انقطاع مصدر السيولة، مع توقف تدفق الأموال من الاحتياط الفيدرالي، وتفاقمت الأزمة مع لجوء العديد من المصارف الأميركية إلى الاقتراض، من خلال "الائتمان العقاري"، لسد فجوة السيولة، إذ وصلت قيمة هذه القروض إلى 600 مليار دولار في الفترة الماضية.
وتثير هذه الممارسات المخاوف من انهيار النظام المصرفي الأميركي، خاصة مع ارتفاع نسبة الاقتراض من "الائتمان العقاري"، إلى مستويات قياسية، وفق الدكتور نسيب غبريل.
وتحت وطأة السياسات النقدية ورفع أسعار الفائدة، تواجه البنوك الأميركية ضغوطًا هائلة على سيولتها، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض من أسواق السندات.
ويُحذر الخبراء من مخاطر هذه الأزمة، مؤكدين ضرورة خفض سعر الفائدة، لحماية المؤسسات المصرفية، سواء كانت مؤسسات كبرى أو الناشئة، من الانهيار.
ومع ذلك، لا يُتوقع حدوث هذا الخفض قبل منتصف العام الحالي، ما يهدد بمشكلات أخرى، مثل توقف عمل المشاريع الإنتاجية والمصانع، بسبب توقف عمليات الاقتراض من البنوك.
وأكد الخبير المصرفي أحمد شوقي، أن النظام المصرفي الأميركي يواجه أزمات كبرى، مشيرًا إلى أن 2014 بنكًا في أميركا، برأسمال يتجاوز 300 مليون دولار، مهددة بالإغلاق.
وأرجع هذه التهديدات إلى السياسات النقدية التشددية، التي تنفذها الولايات المتحدة، والتي من شأنها زيادة نسبة تقلص وتراجع عدد البنوك الأميركية من 3% سنويًّا، إلى 26% بحلول عام 2030.
وأوضح أن هذه السياسات، التي تهدف إلى مكافحة التضخم، تؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، ما يجعل من الصعب على البنوك الصغيرة والمتوسطة البقاء على قيد الحياة.
وأشار الخبير إلى أن استمرار الأزمات، التي تضرب المؤسسات المصرفية في الولايات المتحدة، سيؤدي إلى موجة من الاندماجات بين البنوك.
ودعا الخبير المصرفي الاحتياطي الفيدرالي، إلى الاجتماع خلال الأيام المقبلة دون الانتظار إلى منتصف العام الحالي، لإقرار بعض السياسات النقدية التي تخفف من الأزمة.
وطالب بإقرار بعض السياسات النقدية التي تخفف من حدة الأزمة وضخ أموال داخل البنوك لحل أزمة السيولة، حتى لو كان ذلك بنسبة 20% من احتياجات البنوك لمدة يوم واحد في الأسبوع، حتى يتمكن كل مصرف من تأمين السيولة المطلوبة وتجنب الانهيار.
ودعا الخبير الاقتصادي الدكتور نهاد إسماعيل، إلى تخفيض سعر الفائدة بشكل سريع لدعم المؤسسات المصرفية، خاصةً الصغيرة منها، باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد الأميريكي.
وأشار لـ"إرم الاقتصادية"، إلى خطورة اللجوء إلى سياسة طباعة الدولارات مع رفع الفائدة، التي يزداد الحديث عنها في الولايات المتحدة حاليًّا، وشدد على أن "هذه السياسة ستهدد الثقة الدولية بالاقتصاد الأميركي، وستؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم".
وأوضح أن "ارتباط الاقتصاد العربي بالدولار، ووجود استثمارات سيادية عربية في بعض البنوك الأميركية، يجعل المنطقة عُرضةً لأزمة مالية عالمية"، لذلك حذّر من مخاطر انهيار المزيد من البنوك والمؤسسات المالية الأميركية على الاقتصاد العالمي، خاصة على الاقتصاد العربي.
ويكمن الحل، وفق الدكتور نهاد إسماعيل، في سرعة إصدار قرار فيدرالي بخفض الفائدة، ووضع حد للودائع غير المؤمنة وتنظيم عمليات السحب وتقييدها لفترات معينة.
ورأى الخبير أن هذه الإجراءات ضرورية لمنع هروب رؤوس الأموال من البنوك، وحماية النظام المصرفي من الانهيار.