logo
اقتصاد

السعودية تستثمر في سوريا.. خطوة رمزية أم بداية لتحول اقتصادي؟

خبراء: نجاح الاستثمار السعودي مرهون بإصلاح بيئة الأعمال في سوريا

القطاع الخاص بحاجة لاستعادة مساهمته السابقة البالغة 60% بالاقتصاد

خبراء: بدء تنفيذ المشاريع هو الاختبار الحقيقي لنجاح منتدى الاستثمار

السعودية تستثمر في سوريا.. خطوة رمزية أم بداية لتحول اقتصادي؟
وزير الاستثمار السعودي ووزير الاقتصاد السوري، دمشق، سوريا، يوم 23 يوليو 2025.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:24 يوليو 2025, 12:45 م

في مشهد غير مسبوق منذ أكثر من عقد، شهدت العاصمة السورية دمشق يوم 24 يوليو 2025 حدثاً اقتصادياً مفصلياً تمثل بانعقاد منتدى الاستثمار السعودي السوري، الذي أعاد رسم خارطة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وجذب أنظار الأوساط الاستثمارية الإقليمية والدولية. 

استثمارات بدوافع سياسية

يتفق خبراء الاقتصاد على أن الاستثمارات المعلنة لا تحمل بالضرورة مردوداً اقتصادياً مجزياً للمستثمرين الخليجيين في الوقت الراهن، كما يوضح الخبير الاقتصادي غازي المهايني.

يضيف أن «الكل يعلم أن هذه الاستثمارات سياسية وداعمة للإدارة الجديدة في المرتبة الأولى، وهي لا تشكل مبالغ ضخمة أو مؤثرة على ميزانيات الدول المستثمرة.

بينما يرى خالد التركاوي أن «وصول وفد من نحو 120 مستثمراً عربياً بعد ساعات من الهدوء جنوبي سوريا، يحمل رسالة واضحة بأن المملكة العربية السعودية تسعى لترسيخ الاستقرار، ولن تتأثر بالمطبات السياسية أو الأمنية المؤقتة».

مع ذلك، فإن البعد الرمزي لا يلغي الأثر العملي المنتظر، إذ يرى المهايني أن هذه المشاريع قادرة على خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة «تبعث بالأمل للمواطنين على بدء التغيير المنتظر»، وهي، برأي التركاوي، تمثل «خطوة أولى في طريق طويل، ولكنها تُعبّر عن نية جادة من المستثمرين لتحسين البنية التحتية».

جدوى محلية وتأثير مضاعف في السوق السورية

يرى المهايني أن «حجم الاستثمارات المطلوبة لإعادة الإعمار خلال العشرين عاماً القادمة يُقدّر بـ400 مليار دولار، وبالتالي فإن مبالغ الاستثمارات ستمتص من قبل السوق السورية بسهولة إذا توفرت الإدارة والتخطيط»، محذراً من أن غياب ذلك «سيؤدي إلى تضخم عارم».

يتفق معه التركاوي في أن كل مبلغ يُضخ، سواء كان صغيراً أو كبيراً، «سينعكس عدة مرات في الدورة الاقتصادية؛ لأن العامل سيَصرف، والسوق ستتحرك، والدورة ستكتمل».

فيما يخص المخاطر، يؤكد المهايني أنه «من المنطقي أن تتعرض الاستثمارات إلى مخاطر التضخم المرتفع، وتقلبات سعر الصرف، وانخفاض العائدية نتيجة انخفاض دخل المواطن السوري حالياً».

يعزز التركاوي هذا التحليل بقوله: «المخاطر في سوريا حاضرة، ولكن كلما زادت المخاطر، زادت معها العوائد المحتملة. في أوروبا مثلاً الأرباح 3%–8% بسبب استقرار السوق، لكن في سوريا قد نرى أرقاماً أعلى بكثير».

أخبار ذات صلة

هل تحدد أحداث السويداء مصير الاقتصاد السوري؟

هل تحدد أحداث السويداء مصير الاقتصاد السوري؟

البيروقراطية والقانون

يشير المهايني إلى أن هذه الاستثمارات «تحتاج إلى بيئة قانونية وتنظيمية فعالة لحماية المستثمرين»، لكنه يحذّر من تأجيل الخطوات الاستثمارية بانتظار إصلاحات كاملة، معتبراً أن «الوضع الاقتصادي لا يحتمل التأجيل، ويجب التحرك على مسارين متوازيين: إطلاق الاستثمارات، وضمان الشفافية القانونية».

يتفق معه التركاوي موضحاً أن «الحكومة السورية بدأت بالفعل في تعديل قوانين الاستثمار، وربما نرى قريباً تغيرات على مستوى البنية القانونية وتعاملات المستثمرين»، مؤكداً أن «أحد التحديات هو البيروقراطية في المؤسسات الحكومية، خصوصاً في ما يتعلق بترخيص الشركات»، ومع ذلك، يرى أن «هناك إرادة سياسية لتحسين هذا الواقع».

الآفاق المستقبلية

يرى المهايني أن تأسيس «صندوق استثماري مشترك أو منطقة تجارة حرة بين سوريا والسعودية ضرورة قصوى وحتمية قادمة لا محالة»، لكن التركاوي يشكك في ذلك، معتبراً أن «وجود صندوق استثماري مشترك غير مرجح في الوقت الحالي؛ بسبب التباين الكبير بين حجم أصول شركات سعودية كالمهيدب مثلاً، وميزانية الحكومة السورية ذاتها».

مع ذلك، يشير إلى أن «اتفاقية التجارة العربية الحرة الكبرى موجودة بالفعل بين سوريا والسعودية، ويمكن تفعيلها وتعزيزها لتصبح إطاراً عملياً لتطوير العلاقات التجارية».

أما على صعيد الناتج المحلي الإجمالي، فإن المهايني يعتبر أن الأثر لن يكون كبيراً على المدى القريب، لكنه يظل مفيداً، مشيراً إلى أن «تطور الناتج القومي مرتبط برفع العقوبات، وانخفاض أسعار الطاقة، وعودة المعامل للعمل».

التركاوي يضيف أن القطاع الخاص يجب أن يعود للعب دوره الطبيعي، كما كان قبل 2011 حين كان يمثل 60% من الناتج المحلي، ويؤكد أن الصناعة المرتبطة بالزراعة، والسياحة، ستكون قطاعات واعدة مع دخول المستثمرين السعوديين.

أخبار ذات صلة

توقيع 47 اتفاقية بين السعودية وسوريا بقيمة 6.4 مليار دولار

توقيع 47 اتفاقية بين السعودية وسوريا بقيمة 6.4 مليار دولار

التنفيذ هو المؤشر الحقيقي للنجاح

يتفق الطرفان على أن أهم مؤشرات النجاح تكمن في الترجمة الفعلية للاتفاقيات على الأرض. يقول المهايني إن «إزالة العوائق البيروقراطية، وبدء مشاهدة المواطن لأساسات هذه المشاريع على أرض الواقع هو المؤشر الأول».

يضيف التركاوي: «إذا رأينا أول حجر أساس لمعمل أو مشروع، فذلك هو المؤشر الحقيقي على النجاح».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC