logo
طاقة

كيف تتحرك السعودية لتأمين الليثيوم وتوطين صناعة السيارات الكهربائية؟

محللون: الحياد يمنح المملكة فرصة لتأسيس بديل لصناعة بطاريات خارج الصين

مفاوضات سعودية مع جهات تعدين في الأرجنتين وتشيلي

كيف تتحرك السعودية لتأمين الليثيوم وتوطين صناعة السيارات الكهربائية؟
زوار يشاهدون نظام شحن بطارية الليثيوم للسيارات في معرض مركبات الطاقة الجديدة الذكية والمتصلة، بكين، الصين، 23 سبتمبر 2023.المصدر: غيتي إيمجز
تاريخ النشر:22 يوليو 2025, 05:00 ص

تكثف السعودية جهودها لتأمين موارد الليثيوم، المعدن الأساسي في بطاريات المركبات الكهربائية، ضمن استراتيجيتها الطموحة لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، وتوطين صناعة المركبات الكهربائية. 

وعقد مسؤولون سعوديون كبار محادثات عبر تقنية الاتصال المرئي، الأسبوع الماضي، مع وزير الطاقة والمناجم في بيرو، خورخي مونتيرو، لبحث فرص التعاون بشأن احتياطيات الليثيوم المقدّرة بنحو خمسة ملايين طن في منطقة بونو الجنوبية بجبال الأنديز.

ووفقاً لموقع (AGBI)، تُعد هذه المحادثات—التي أوردتها وكالة الأنباء الرسمية في بيرو—أحدث خطوة ضمن سلسلة تحرّكات تقوم بها الرياض لتأسيس سلسلة توريد متكاملة للمركبات الكهربائية، من خلال الاستثمار في الليثيوم، أحد المكونات الأساسية للبطاريات القابلة لإعادة الشحن المستخدمة في السيارات الكهربائية والتقنيات المتقدمة.

فيما قال يونوت لازار، المستشار الرئيسي في شركة «سي آر يو» (CRU) البريطانية المتخصصة في الاستشارات، إن «السعودية ملتزمة جداً بتطوير صناعة البطاريات، وتُدرك أن انخفاض تكاليف الطاقة والتوسع المتوقع في مشاريع الطاقة المتجددة يمثلان ميزتين استراتيجيتين».

بينما يرى محللون أن ما يوصف بـ«عدم الانحياز الجيوسياسي» يمنح السعودية ميزة نسبية في مساعيها لإنشاء مركز بديل لصناعة البطاريات خارج الصين، التي تهيمن حالياً على السوق، وسط تصاعد التوترات التجارية والسياسية التي تعيق سلاسة التجارة العالمية.

أخبار ذات صلة

«أكوا باور» السعودية تمهّد لتصدير الكهرباء إلى أوروبا باتفاقيات جديدة

«أكوا باور» السعودية تمهّد لتصدير الكهرباء إلى أوروبا باتفاقيات جديدة

في السياق، أوضح لازار أن «الأمر يُنظر إليه في السعودية باعتباره مشروعاً متكاملاً يشمل تأمين الوصول إلى المواد الخام، وعلى رأسها الليثيوم».

وقد زاد استهلاك الليثيوم عالمياً عشرة أضعاف منذ عام 2010، ومن المتوقع أن يتضاعف ثلاث مرات أخرى بحلول 2040، وفقاً للرابطة الدولية لليثيوم (ILiA).

شراكة مع أميركا اللاتينية

وتسعى السعودية لتعزيز شراكاتها في أميركا اللاتينية، إذ تُجري حالياً محادثات مع جهات تعدين في الأرجنتين وتشيلي، بما في ذلك شركة «كوديلكو» (Codelco) الحكومية العملاقة، التي تفاوض شركة «سوسيداد كويميكا واي مينيرا دي تشيلي» (SQM)، ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم، لإبرام اتفاق شراكة استراتيجي.

وقال لازار: «تُعد كل من SQM وكوديلكو شريكين مثاليين للمملكة في سعيها لتعزيز موقعها في سوق الليثيوم، ومن المرجح أن ترحب الأولى بضخ رأس مال جديد، نظراً للظروف الراهنة التي يمر بها السوق».

ورغم التذبذب الأخير في أسعار الليثيوم نتيجة تباطؤ مبيعات المركبات الكهربائية وتوقعات بوجود فائض في المعروض حتى نهاية العقد، يتوقع محللون أن يتجاوز الطلب العرض لاحقاً، ما لم تُضَف طاقات إنتاجية جديدة للسوق.

توطين الصناعة

تأتي استراتيجية السعودية في قطاع الليثيوم ضمن دفعة أشمل نحو توطين صناعة المركبات الكهربائية، تقودها شركة «صندوق الاستثمارات العامة»، التي تمتلك حصة الأغلبية في شركة «لوسيد» (Lucid) الأميركية، وأطلقت مؤخراً علامة «سير» (Ceer) بالشراكة مع «فوكسكون» (Foxconn) و«بي إم دبليو» (BMW)، ومن المتوقع أن تطرح أولى سياراتها بحلول نهاية عام 2026.

كان جوزيف سالم، الشريك في شركة الاستشارات «آرثر دي ليتل» (Arthur D. Little)، قد صرّح في يونيو الماضي بأن الرياض وحدها ستحتاج إلى نحو 1.5 مليون مركبة كهربائية لتحقيق هدفها المتمثل في تحويل 30% من أسطول السيارات في المدينة إلى مركبات كهربائية بحلول عام 2030.

أخبار ذات صلة

من الرياض إلى وول ستريت.. الصكوك السعودية على طريق العالمية

من الرياض إلى وول ستريت.. الصكوك السعودية على طريق العالمية

ولتقليل الاعتماد على الاستيراد، تستثمر المملكة أيضاً في مشاريع لتكرير ومعالجة الليثيوم. ومن أبرز هذه المبادرات، مشروع مشترك بين شركة «يوروبيان ليثيوم» (European Lithium) ومجموعة «عبيكان» السعودية لتكرير الليثيوم المستخرج من النمسا داخل منشأة جديدة في المملكة.

كما تبني شركة «إي في ميتالز غروب» (EV Metals Group) الأسترالية مصنعاً لمعالجة مركّبات الليثيوم في مدينة ينبع الصناعية على ساحل البحر الأحمر، باستخدام مواد أولية مستخرجة من الدول المطلة على المحيط الهادئ.

محلياً، تستكشف السعودية إمكانية استخراج الليثيوم من المياه الناتجة عن آبار النفط. وقد أثمرت شراكة بين شركة «معادن»، و«أرامكو»، والشركة الناشئة «ليهيتك» (Lihytech) عن نتائج اختبار ناجحة في نهاية العام الماضي، ويجري حالياً تطوير مشروع تجريبي تجاري، رغم أن الإنتاج على نطاق واسع قد يستغرق وقتاً إضافياً.

كما أن استثمار المملكة في شركة «فال بيز ميتالز» (Vale Base Metals) البرازيلية، عبر استحواذ «معادن» على حصة 10% في عام 2023، يدخل ضمن استراتيجية طويلة الأمد.

وقال كريستوفر إكليستون، محلل استراتيجيات التعدين في شركة «هالغارتن آند كومباني» (Hallgarten & Company): «السعوديون لا يمتلكون خبرة واسعة في تعدين ومعالجة المعادن الثقيلة، باستثناء بعض المواد مثل البوكسيت، ويبدو أن مشاركتهم في فال كانت بهدف التعلم واكتساب المعرفة».

وتنسجم هذه الخطوات مع طموح المملكة لتصبح مركزاً عالمياً للمعادن الاستراتيجية والعناصر الأرضية النادرة، وهو قطاع تُقدّر قيمته المستقبلية بتريليونات الدولارات.

واختتم حمزة الكعود، محلل شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة «تي إس لومبارد» (TS Lombard)، قائلاً: «نحن أمام عمل ضخم لبناء سلسلة توريد جديدة بالكامل تتطلب تطويراً على جميع المستويات»، مضيفاً: «الجميل في هذه القصة أنها لا تزال في مراحلها الأولى، وستتطور بمرور الوقت».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC