logo
اقتصاد

توترات البحر الأحمر.. كيف تؤثر على سعر التأمين وتكلفة الشحن؟

توترات البحر الأحمر.. كيف تؤثر على سعر التأمين وتكلفة الشحن؟
تاريخ النشر:18 ديسمبر 2023, 04:32 م
تخوفات كبيرة داخل الأوساط التجارية العالمية من أن تؤدي هجمات الحوثي البحرية إلى عودة تضخم تكاليف الملاحة البحرية سواء التأمين أو الشحن؛ ما قد يشكل تهديدا جديدا للاقتصاد العالمي الذي لم يتعافَ بعد من أزمتي حرب أوكرانيا وجائحة كورونا.

ووفق محللين فإن هجمات الحوثي وقرصنة السفن المستمرة منذ شهرين -بدعوى دعم غزة في حربها ضد إسرائيل- سيرفع أقساط التأمين البحري في الشرق الأوسط، خاصة للناقلات المرتبطة بإسرائيل.

والأسبوع الماضي، قالت وكالة ستاندرد آند بورز إن كلفة التأمين ارتفعت بمتوسط 13% بالنسبة إلى سفن الحاويات، وبزيادات مرتقبة خلال الفترة المقبلة على بقية أنواع السفن.

إذكاء التضخم

والجمعة الماضية، أدرجت سوق التأمين في العاصمة البريطانية لندن منطقة جنوب البحر الأحمر ضمن المناطق عالية المخاطر، مؤكدة أنه "يتعين على السفن إخطار شركات التأمين الخاصة بها عند الإبحار عبر هذه المناطق، وكذلك دفع قسط إضافي".

وبحسب بيانات السوق فإن أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب ارتفعت من 0.03% إلى 0.1% من قيمة السفينة، وهذا يترجم إلى عشرات الآلاف من الدولارات كتكاليف إضافية لرحلة تستغرق 7 أيام، ما يعني أثرا سلبيا في إذكاء التضخم على الدول المستوردة.

واليوم الاثنين، وسعت سوق التأمين البحري في لندن نطاق المنطقة التي تَعُدها عالية المخاطر في البحر الأحمر وسط تصاعد الهجمات على السفن التجارية هناك.

وتحظى توجيهات لجنة الحرب المشتركة، التي تضم أعضاء نقابيين من رابطة سوق لويدز، وممثلين من سوق شركات التأمين في لندن، بمتابعة عن كثب، وتؤثر على اعتبارات الشركات بشأن أقساط ورسوم التأمين.

وأضاف البيان أن لجنة الحرب المشتركة قامت بتوسيع منطقة الخطورة العالية إلى 18 درجة شمالا من 15 درجة شمالا سابقا.

ووفق بيانات منظمة التجارة العالمية، فإن مضيق باب المندب يمر عبره حوالي 10% من تدفقات النفط العالمية المنقولة بحرا.

 وقال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك اليوم الاثنين إن الحكومة تجري محادثات مع قطاع الشحن والشركاء حول كيفية تعزيز الأمن البحري، وخصوصا بعد الهجمات على السفن في البحر الأحمر.

وردا على سؤال عن قرار شركة النفط الكبرى بي.بي إيقاف جميع عمليات العبور عبر البحر الأحمر مؤقتا، قال المتحدث إن مثل هذه القرارات مسائل تجارية.

وأضاف للصحفيين "نتحدث إلى القطاع وإلى شركائنا على المستوى الدولي وفي المنطقة حول كيفية تعزيز الأمن البحري، وخصوصا في سياق الهجمات الأحدث".

رسوم إضافية

وفي أول تداعيات مباشرة، قالت شركة إيه.بي مولر ميرسك، الدنماركية الدولية لشحن الحاويات، إنها ستطبق رسوما إضافية لمخاطر الطوارئ على جميع بضائع العملاء التي يتم تفريغها في موانئ إسرائيل.

وأضافت، في بيان، أن تطبيق رسوم إضافية على البضائع المستوردة من إسرائيل للحجوزات التي لها تاريخ حساب السعر اعتبارا من الثامن من يناير 2024.

كما قالت مجموعة فرونت لاين لناقلات النفط، ومقرها النرويج، اليوم الاثنين إن سفنها ستتجنب المرور عبر البحر الأحمر وخليج عدن في الفترة المقبلة بسبب الهجمات على السفن في المنطقة، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار التي يجب على العملاء دفعها مقابل نقل النفط الخام.

وقال لارش بارشتا، المدير التنفيذي للشركة، لرويترز: "أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب آخذة في الارتفاع بقدر طبيعي، لكن مع إعادة توجيه السفن إلى مسار يمر حول أفريقيا، ستصبح إمدادات الشحن أقل لأن الشحنات تبحر لفترة أطول. وهذا من شأنه أن يضع الأسعار تحت ضغط صعودي قوي".

تغيير مسار الشحنات

وتسببت هجمات الحوثي البحرية في ارتباك كبير بحركة التجارة البحرية العالمية، حيث أعلنت عدة شركات على مدار الأيام الماضية وقف مسار شحناتها عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر.

كان أحدثها شركة شحن الحاويات التايوانية إيفرجرين التي قالت إنها قررت التوقف مؤقتا عن قبول البضائع الإسرائيلية بأثر فوري، وأصدرت تعليمات لسفن الحاويات التابعة لها بتعليق الملاحة عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر.

وأضافت إيفرجرين أن السفن الموجودة في الخدمات الإقليمية لموانئ البحر الأحمر ستبحر إلى المياه الآمنة القريبة وتنتظر إشعارا آخر، بينما سيتم إعادة توجيه سفن الحاويات التي من المقرر أن تمر عبر البحر الأحمر حول رأس الرجاء الصالح لمواصلة رحلاتها إلى الموانئ.

والسبت، قالت شركة البحر الأبيض المتوسط للشحن (إم.إس.سي) وهي أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم، إنها ستتوقف عن استخدام قناة السويس بعد هجوم على إحدى سفنها.

وتعرضت السفينة إم.إس.سي بالاتيوم 3، التي ترفع العلم الليبيري، لهجوم الجمعة بطائرة مسيرة في مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر.

تحالف بحري

والأسبوع الماضي، قال المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينج لرويترز إن الولايات المتحدة تريد تشكيل "أوسع تحالف بحري ممكن" لحماية السفن في البحر الأحمر وإرسال "إشارة مهمة" إلى الحوثيين بأنه لن يتم التسامح مع المزيد من الهجمات.

وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان للصحفيين الأسبوع الماضي إن واشنطن تجري محادثات مع دول أخرى بشأن قوة عمل بحرية "تضمن المرور الآمن للسفن في البحر الأحمر"، دون مزيد من التفاصيل.

وأضاف ليندركينج أن الولايات المتحدة تريد من التحالف متعدد الجنسيات أن يرسل "إشارة مهمة من المجتمع الدولي مفادها أنه لن يتم التسامح مع تهديدات الحوثيين للشحن البحري الدولي".

300% زيادة متوقعة

وعن تأثير الهجمات البحرية، قال خالد سيد، العضو المنتدب لشركة “أبكس” لوساطة إعادة التأمين، إنه من المتوقع أن يتم رفع أسعار التأمين بنسبة 100 -300% بالنسبة للبضائع التي تمر بالسواحل أو الموانئ اليمنية، لافتا لى أن التصعيد في منطقة البحر الأحمر يؤثر على حركة سلاسل الإمداد والتوريد العالمية التي تمر عبر مضيق باب المندب، وبالتالي سينعكس في صورة ارتفاع تكلفة الشحن “النولون”، وتغطيات بوالص التأمين البحري.

واتفق معه السيد شريف محسن، مدير عام التأمين البحري بشركة "المهندس" للنقل البحري في مصر، مؤكدا أن إعلان الحوثي استهداف السفن المارة في المنطقة أثر بقدر كبير على الوثائق التأمينية التي تغطي البضائع التي تمر عبر باب المندب.

وأوضح أن شروط التأمين على البضائع تغطي الخسائر أو الأضرار للأشياء المؤمن عليها التي ترجع بدرجة معقولة إلى الحريق والانفجار، وجنوح أو شحوط أو غرق أو انقلاب السفينة أو القارب، وتصادم أو احتكاك السفينة أو القارب أو الناقلة بأي جسم خارجي عدا الماء، كذلك تفريغ البضاعة في ميناء الإغاثة.

الارتفاع قادم لا محالة

وقال نبيل الخطيب، رئيس نقابة وكلاء الشحن اللوجستية الأردنية، إنه لم يطرأ تأثير على أسعار الشحن البحري جراء هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر حتى الآن.

وأضاف رئيس نقابة وكلاء الشحن اللوجستية الأردنية، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن "التداعيات السلبية لهجمات الحوثي على السفن التجارية قد تظهر خلال الفترة المقبلة، وتتمثل في ارتفاع مدة الشحن والأجور ورسوم التأمين البحري؛ إذا ما استمر تصعيد الهجمات على السفن، والمخاوف من أن يمتد تأثيرها إلى تعطيل الإمدادات العالمية التي تبحر عبر المنطقة".

وأوضح أن أسعار أجور الشحن البحري حاليا كما هي ولم يطرأ عليها أي زيادة؛ لافتا إلى أن قناة السويس والبحر الأحمر واحدة من أكثر الطرق لنقل البضائع كثافة، وأّن عدم الاستقرار سيؤدي إلى زيادة التكاليف، خاصة مع اللجوء إلى الطرق البديلة، ما يضطر شركات التأمين إلى رفع كُلَفِ التأمين.

ولفت إلى أن حركة البواخر في ميناء العقبة منتظمة نوعا ما، ووفقا للخطيب، فإن واردات المملكة من مناطق الشرق الأقصى (الصين واليابان وجنوب شرق آسيا) تشكل 45% وواردات أوروبا نحو 55%.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC