تشهد سياسات البنوك المركزية الكبرى في العالم تبايناً واضحاً، وسط تصاعد التهديدات التضخمية الناجمة عن الرسوم الجمركية التي فرضها البيت الأبيض، والتي تُقيّد قدرة «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي على اتخاذ خطوات جديدة، في وقت أدت فيه موجة خروج الدولار إلى ارتفاع قيمة العملات الأخرى، ما يعزز اتجاهات خفض التضخم عالمياً.
بينما يُبقي «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي على معدلات الفائدة دون تغيير، تقترب سويسرا مجدداً من العودة إلى أسعار الفائدة السلبية، فيما تظل اليابان حالة خاصة تميل إلى رفع الفائدة بشكل حذر.
فيما يلي استعراض لأوضاع 10 من أبرز البنوك المركزية في الأسواق المتقدمة:
يجتمع «البنك الوطني السويسري» في 19 يونيو، ويبدو مستعداً لإعادة أسعار الفائدة إلى المنطقة السلبية من المستوى الحالي البالغ 0.25%، في محاولة للحد من تأثير ارتفاع الفرنك السويسري على اقتصاد البلاد المعتمد على التصدير، ولتفادي مخاطر الانكماش.
لكن في ظل تحوّل المضاربين إلى البيع على المكشوف للفرنك، الذي ارتفع نحو 7% أمام الدولار منذ بداية أبريل بفعل الإقبال عليه كملاذ آمن، قد يتراجع البنك عن اللجوء إلى إجراءات نقدية غير تقليدية.
أبقى «بنك كندا» سعر الفائدة عند 2.75% في أبريل بعد سبعة تخفيضات متتالية، وقد انقسم صانعو السياسة حول الحاجة إلى مزيد من التيسير، بينما اعتبر المحافظ تيف ماكلم أن حالة عدم اليقين في التجارة العالمية تجعل التوقعات «عديمة الجدوى».
مع ذلك، تتوقع الأسواق المالية خفضاً جديداً بمقدار ربع نقطة بحلول يوليو، يليه خفض إضافي قبل نهاية العام.
يتوقع المتعاملون أن يخفض «بنك الاحتياطي النيوزيلندي» سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.25% في 28 مايو لحماية الاقتصاد المعتمد بشكل كبير على التجارة مع الصين.
من المرجح أن يواصل التخفيضات خلال ما تبقى من العام، خاصة مع مساهمة قوة الدولار النيوزيلندي في بقاء التضخم ضمن المستهدف.
أبقى «ريكسبنك» السويدي سعر الفائدة دون تغيير عند 2.25% يوم الخميس، لكنها أبقت الباب مفتوحاً أمام مزيد من التخفيضات.
لكن يبدو أن النشاط الصناعي في السويد بدأ يتعافى في أبريل، بدعم من تعهدات الحكومة بزيادة الإنفاق الدفاعي والاستثماري، ما عزز الآمال بتفادي الاقتصاد الاسكندنافي الدخول في ركود.
خفض «البنك المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة للمرة السابعة في عام خلال أبريل، ومن المتوقع أن يخفضها مجدداً بربع نقطة مئوية إلى 2% في 5 يونيو، مع ترجيحات قوية بخفض آخر قبل نهاية العام.
فيما تراجع معدل التضخم في منطقة اليورو إلى 2.2%، وساهم ارتفاع قيمة اليورو في خفض أسعار الواردات، بينما تباطأ النمو.
وعلى الرغم من الآمال بتنشيط مالي ألماني، أثارت الاضطرابات الأخيرة في البرلمان الألماني حالة من الشك.
واجه «الاحتياطي الفيدرالي» انتقادات من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرفضه خفض الفائدة، لكنه أبقى أسعار الفائدة بين 4.25% و4.50% يوم الأربعاء.
أشار البنك إلى تزايد المخاطر بشأن ارتفاع التضخم والبطالة، ما يُثقل كاهل التوقعات الاقتصادية في ظل تداعيات الرسوم الجمركية.
ويُبقي الفيدرالي معدلاته دون تغيير منذ ديسمبر، بعد أن خفضها بـ100 نقطة أساس العام الماضي، وتتوقع الأسواق تخفيضاً إضافياً بنحو 75 نقطة أساس قبل نهاية 2025.
خفض «بنك إنجلترا» سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 4.25% يوم الخميس، في خطوة متوقعة، ضمن سلسلة تخفيضات تهدف إلى مواجهة التضخم المتقلب.
لكن انقساماً غير متوقع إلى ثلاث كتل داخل لجنة السياسة النقدية فاجأ الأسواق، مع تصويت 5 أعضاء لصالح الخفض، واثنين لتخفيض أكبر بنصف نقطة، بينما أراد اثنان إبقاء الفائدة دون تغيير، ويتوقع التجار خفضاً إضافياً بحلول أغسطس.
ثبتت «البنك المركزي الأسترالي» أسعار الفائدة عند 4.1% في أبريل، لكن تهديد الرسوم الأميركية للصين، أكبر شريك تجاري لأستراليا، دفع الأسواق إلى ترجيح خفض بواقع 25 نقطة أساس في 20 مايو، يليه خفض إجمالي بنحو 105 نقاط أساس حتى نهاية العام.
تخلّى «نوردجز بنك» عن خطط التيسير النقدي مع تراجع قيمة الكرونة النرويجية المرتبطة بأسعار النفط، بالتزامن مع ضعف آفاق التجارة العالمية، ما يزيد الضغوط التضخمية.
وكما كان متوقعاً، ثبت البنك معدلات الفائدة عند 4.50%، وهي الأعلى منذ 17 عاماً.
رغم التوقعات السابقة بزيادة الفائدة، اختار «بنك اليابان» التريث لتقييم آثار الرسوم الجمركية على اقتصاد البلاد المعتمد على التصدير، خاصة بعد الضرر الذي لحق بالمصانع اليابانية نتيجة فرض واشنطن ضرائب جديدة على السيارات المستوردة.
ثبت البنك معدل الفائدة عند 0.5% في 2 مايو، وصرّح المحافظ كازو أويدا بأن تحقيق هدف التضخم عند 2% «تأجل إلى حد ما»، فيما يترقب المستثمرون نتائج مفاوضات التجارة عالية المخاطر بين اليابان والولايات المتحدة.