رغم دعوات الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى خفض أسعار الفائدة، تمسّك مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) بموقفه الترقبي، وقرّر الإبقاء على أسعار الاقتراض دون تغيير عند 4.5%.
وأفاد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في بيانه حول السياسة النقدية أن الاقتصاد الأميركي «واصل النمو بوتيرة قوية»، موضحاً أن التباطؤ المسجل في الربع الأول من العام يعود إلى ارتفاع غير مسبوق في الواردات، إذ سارعت الشركات والأسر إلى الشراء تحسبًا للرسوم الجمركية الجديدة.
وأضافت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية أن سوق العمل «لا يزال متيناً»، وأن التضخم يبقى «مرتفعًا إلى حد ما»، مكرّرة بذلك العبارات الواردة في بيانها السابق.
لكن البيان الأخير سلّط الضوء على تصاعد المخاطر، ما قد يضع الاحتياطي الفيدرالي أمام خيارات صعبة في الأشهر المقبلة. وقالت اللجنة: «لقد ازدادت حالة عدم اليقين المحيطة بآفاق الاقتصاد»، وذلك في ختام اجتماع استمر يومين، وأسفر عن قرار بالإجماع بالإبقاء على سعر الفائدة الأساسي ضمن النطاق الحالي البالغ ما بين 4.25% و4.50%.
وأشار البيان إلى أن اللجنة «تتابع عن كثب المخاطر التي تهدد جانبي مهمتها المزدوجة، وتقدّر أن احتمالات ارتفاع البطالة والتضخم قد زادت».
وبعد صدور البيان، بقيت عوائد سندات الخزانة الأميركية شبه مستقرة، فيما عززت الأسهم مكاسبها بشكل طفيف، وسط توقعات المستثمرين بأن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة خلال اجتماعه المرتقب في نهاية يوليو.
وأكدت اللجنة أن توجهاتها المستقبلية في السياسة النقدية ستعتمد على كيفية تطور المخاطر المتعلقة بالتوظيف والتضخم، وفي حال حدوث سيناريو أكثر تعقيدًا يتمثل في ارتفاع كليهما في آنٍ واحد، فإن «الفيدرالي» قد يُضطر إلى الموازنة بين هذين التهديدين لتحديد أولوية التدخل.
وفي العادة، فإن ضعف سوق العمل يعزز الدعوات لخفض الفائدة، في حين أن ارتفاع التضخم يبرر الإبقاء على سياسة نقدية متشددة.
وقال آشيش شاه، مدير الاستثمارات العامة في «غولدمان ساكس لإدارة الأصول»، إن الاحتياطي الفيدرالي لا يزال في موقع الانتظار، على أمل أن تنقشع حالة «عدم اليقين»، مضيفاً أن «أرقام التوظيف الأخيرة، والتي جاءت أفضل من المتوقع، عززت هذا النهج، ويبقى على سوق العمل أن يضعف بما يكفي ليُستأنف مسار التيسير النقدي».
وكان الاحتياطي الفيدرالي قد أبقى على معدل الفائدة دون تغيير منذ ديسمبر الماضي، في وقت يجد فيه صعوبة في تقييم تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، والتي تهدد بزيادة التضخم وإبطاء النمو خلال هذا العام.
وفي آخر تحديث لتوقعاته الاقتصادية والسياسية في مارس، رجّح مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي خفضًا قدره نصف نقطة مئوية في سعر الفائدة الأساسي قبل نهاية العام.
وقالت ميشيل رانيري، نائبة رئيس وحدة الأبحاث والاستشارات الأميركية في «ترانس يونيون»، في مذكرة: «لا يزال احتمال خفض الفائدة قائماً في وقت لاحق من هذا العام، لكن الصورة الاقتصادية معقدة، ومن السابق لأوانه تحديد ما إذا كان هذا الخفض سيحدث، ومتى بالتحديد».