logo
اقتصاد

ماذا يعني رفع القيود عن منتجات أميركية في مصر للمستوردين والسوق؟

ماذا يعني رفع القيود عن منتجات أميركية في مصر للمستوردين والسوق؟
ميناء غرب بورسعيد المصري على شاطئ البحر المتوسط خلال استقبال إحدى السفن يوم 1 إبريل 2021.المصدر: مجلس الوزراء المصري
تاريخ النشر:3 يونيو 2025, 09:41 ص

أثار إعلان الحكومة المصرية إعفاء عدد من المنتجات الأميركية من قيود الاستيراد، بما في ذلك السيارات وبطاريات السيارات ومنتجات الألبان، تساؤلات واسعة حول هذه الخطوة، ومدى تأثيرها على الاقتصاد المصري وعلى هيكل التبادل التجاري مع الولايات المتحدة.

تنص الاتفاقية، التي أعلن عنها مجلس الوزراء في 11 مايو الماضي، على إلغاء شرط الالتزام بالمواصفات القياسية المصرية الإلزامية الواردة في «القائمة رقم 44» الخاصة بالسلع والمنتجات الهندسية؛ ما اعتُبر مؤشراً على تقارب اقتصادي جديد بين القاهرة وواشنطن، يهدف إلى تخفيف الحواجز التجارية أمام بعض السلع الأميركية.

أخبار ذات صلة

«إم إن تي-حالاً».. من تطبيق ناشئ إلى أحد أكبر المقرضين في مصر

«إم إن تي-حالاً».. من تطبيق ناشئ إلى أحد أكبر المقرضين في مصر

تحوّل في السياسة الاستيرادية

هشام أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات في مصر ونائب رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية، أوضح لـ«إرم بزنس» أن جميع السيارات الأميركية التي تدخل السوق المصرية كانت تخضع لقيود تنظيمية، أبرزها شرط الحصول على «أسيد نمبر»، أي التسجيل في المنظومة الصناعية الرسمية، وهو ما كان يُشكل عائقاً كبيراً أمام المصدّرين من الخارج.

وأضاف أن القرار يخفف من هذه القيود، لكنه يرى أن السيارات الأميركية، رغم إعفائها، لا تُمثل قيمة مضافة كبيرة للسوق المصرية، كونها ذات محركات كبيرة وتستهلك كميات عالية من الوقود، مقارنة بالسيارات الاقتصادية المنتشرة محلياً. ولفت إلى أن الاستفادة الكبرى من القرار ستكون من نصيب قطاعات أخرى، مثل منتجات الألبان ومستلزماتها.

أما منتصر زيتون، رئيس شعبة كفر الشيخ للسيارات، فأكد لـ«إرم بزنس» أن الاتفاقية لا تشكل فرقاً كبيراً لقطاع السيارات، مشيراً إلى أن التعاون بين القاهرة وواشنطن في هذا القطاع «منعدم فعلياً»، وأن شركة «فورد» الأميركية، التي كانت تنتج سيارات اقتصادية، انسحبت من السوق الشرق أوسطية لصالح الطرازات الصينية الأرخص.

مصالح أميركية وفرصة مصرية

من جانبه، اعتبر وائل النحاس، المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال، أن القرار المصري يُقرأ في سياق أوسع، مع ارتباطه بتوترات التجارة الدولية خصوصاً منذ فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية على عديد من دول العالم. وأوضح لـ«إرم بزنس» أن الإعفاءات تمثل أحد مظاهر السياسة الاقتصادية المتبادلة، وليس تنازلاً أحادياً.

وأشار النحاس إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة يُقدّر بنحو 7.5 مليار دولار، إذ تستورد مصر منتجات أميركية بقيمة 4 مليارات دولار، مقابل 3.5 مليار دولار صادرات مصرية سنوياً. ورغم أن هذه الأرقام تُظهر توازناً نسبياً، فإن بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء كشفت عن ارتفاع كبير في حجم التجارة الثنائية خلال 2024، بنسبة 4.37%، ليصل إلى 8.9 مليار دولار، مقابل 1.7 مليار فقط في 2023، في ارتفاع ملفت يُثير تساؤلات حول تغير جوهري في نمط العلاقات التجارية.

النحاس أكد أيضاً أن الولايات المتحدة، أكثر من مصر، بحاجة إلى هذه الاتفاقية في الوقت الراهن، خصوصاً في ظل توسع النفوذ الصيني في الأسواق العربية، قائلاً إن «الولايات المتحدة تسعى للحفاظ على موطئ قدم في منطقةٍ باتت تُفضّل البضائع الصينية ذات الأسعار الأرخص والملائمة لحاجات المواطن البسيط».

أخبار ذات صلة

مصر تبيع أذون خزانة بقيمة 485.5 مليون دولار لأجل سنة

مصر تبيع أذون خزانة بقيمة 485.5 مليون دولار لأجل سنة

ملف الألبان.. فرصة وتحدٍّ

في ما يتعلّق بقطاع الأغذية، يرى منتصر زيتون أن الاتفاقية تكتسب أهمية كبرى للجانب الأميركي، تحديداً في ما يخص منتجات الألبان ومشتقاتها. وتُعدّ مصر من أبرز الأسواق في استيراد الألبان؛ ما يمنح الشركات الأميركية فرصة لتعزيز صادراتها، شريطة تجاوز إشكالية «شهادة الحلال» التي أُعفيت منها المنتجات الأميركية.

وأظهرت بيانات جهاز الإحصاء أن أبرز الواردات المصرية من الولايات المتحدة تشمل الوقود والزيوت المعدنية ومنتجات التقطير بقيمة 3.3 مليار دولار في 2024، مقابل 1.1 مليار دولار في العام الذي سبقه، بنسبة نمو ضخمة بلغت 1,182%. كما ارتفع عجز الميزان التجاري بين البلدين إلى 3.5 مليار دولار، مقابل 1.3 مليار دولار في 2023، بزيادة تقارب 5.68%.

تحفيز للاستثمار

من الجانب الأميركي، رحّب نيك لوريس، نائب الرئيس التنفيذي للسياسات الاقتصادية في شركة C3 الأميركية، بالقرار المصري، مؤكداً في تصريح عبر البريد الإلكتروني لـ«إرم بزنس» أن الاتفاقية ستُسهم في تسهيل التبادل التجاري وتوفير منتجات ذات جودة وسعر تنافسي في السوق المصرية. وأضاف أن القرار لا يرتبط بشكل مباشر بالسياسات الحمائية لإدارة ترامب، بل يأتي ضمن جهود الحكومة المصرية لجذب الاستثمارات الأجنبية.

وبنظرة ميدانية على أثر القرار في الواقع التجاري، عبّر محمد عوف، رجل الأعمال المصري الأميركي وصاحب شركة لتصدير السيارات الأميركية للشرق الأوسط، عن شكوكه في جدية تنفيذ الاتفاقية على الأرض. وأوضح لـ«إرم بزنس» أن قرارات مشابهة صدرت في السابق، مثل السماح بالاستيراد الشخصي، دون أن تُنفّذ فعلياً بسبب تعقيدات الـ«أسيد نمبر».

عوف أشار إلى أن صادرات مصر إلى الولايات المتحدة في 2024 تجاوزت 150 مليون دولار للمرة الأولى، لكنه انتقد التكاليف الجمركية الباهظة التي تواجه السيارات الأميركية، لافتاً إلى أن سيارة طراز «كاديلاك» مثلاً سعرها الكامل 120 ألف دولار، لكن جماركها تصل إلى 170 ألف دولار داخل مصر عبر مبادرة المغتربين، متسائلًا: «كم سيكون سعرها خارج هذه المبادرة؟».

تساؤلات جوهرية

في المحصلة، تمثل الاتفاقية خطوة رمزية نحو تحرير التجارة بين البلدين، لكنها تُثير تساؤلات جوهرية حول أثرها الفعلي على الاقتصاد المصري، ومدى قدرة السوق المحلية على الاستفادة منها في ظل استمرار المعوقات البيروقراطية.

وبينما تبدو واشنطن في موقع المستفيد الأكبر، تراهن القاهرة على أن خفض القيود قد يشكل رسالة طمأنة للمستثمرين الأجانب، حتى لو لم تُترجم إلى تحولات مباشرة في هيكل التجارة حتى الآن.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC