السعودية تستثمر 600 مليار وترامب يريد تريليوناً
الإمارات أعلنت عن استثمارات تقدر بـ1.4 تريليون دولار
في مخالفة للأعراف الدبلوماسية لزيارات الرئيس الأميركي الخارجية بعد دخوله المكتب البيضاوي، قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بدء جولاته الخارجية بمنطقة الخليج مخالفاً العادة الحديثة لرؤساء الولايات المتحدة ببدء زياراتهم إلى المملكة المتحدة وكندا والمكسيك.
من المقرر أن يصل ترامب إلى العاصمة السعودية الرياض، غداً الثلاثاء، للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومن المتوقع أن يحضر ترامب قمة زعماء الخليج، يوم 14 من مايو، قبل أن يسافر إلى قطر في اليوم نفسه، ثم ينهي رحلته التي تستمر ثلاثة أيام في الإمارات العربية المتحدة في الـ15 من مايو.
تتجلى الأهمية الاقتصادية للمنطقة بالنسبة لترامب في أن زيارته إلى السعودية كانت ستُعدّ أول رحلة خارجية له خلال ولايته الثانية في البيت الأبيض، وذلك قبل أن تقوده وفاة البابا فرنسيس إلى حضور جنازته في روما أواخر أبريل.
يعد تأمين استثمارات جديدة للولايات المتحدة من دول الخليج، وخاصة من صناديق الثروة السيادية المدعومة حكومياً، على رأس أولويات ترامب، والذي من شأنه أن يساعد ترامب على إرسال إشارة إلى الداخل بأن أجندته أميركا أولاً تؤتي ثمارها.
في الوقت ذاته تجذب الزيارة الرئاسية كبار قادة وول ستريت ووادي السيليكون إلى المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج.
من المقرر أن يُعقد منتدى استثماري سعودي أميركي في الـ13 من مايو بالرياض، بمشاركة رؤساء تنفيذيين من «بلاك روك»، و«بالانتير»، و«سيتي غروب»، و«آي بي إم»، و«كوالكوم»، و«ألفابت»، و«فرانكلين تمبلتون».
في غضون ذلك، التزمت دولة الإمارات العربية المتحدة باستثمار 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة على مدى السنوات العشر المقبلة، في قطاعات، مثل: الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والطاقة، والتصنيع.
أعلن البيت الأبيض عن تلك الاستثمارات الضخمة في مارس الماضي بعد لقاء الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني الإماراتي، بالرئيس ترامب في واشنطن.
تستثمر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية مليارات الدولارات في قطاعي التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في محاولة لتنويع اقتصاداتهما بعيداً عن النفط.
وتأتي الزيارة في الوقت الذي تتطلع فيه الإمارات على وجه الخصوص، إلى ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي.
يعد الذكاء الاصطناعي أحد الملفات التي ستهيمن على جدول أعمال زيارة ترامب، وكذلك جذب استثمارات خليجية أكبر إلى شركات التكنولوجيا الأميركية، مقابل تعزيز وصول المنطقة إلى أشباه الموصلات الأميركية المتطورة.
وفقا لتقارير أميركية، من المتوقع أن يقوم البيت الأبيض بصياغة قواعد جديدة من شأنها أن تنطوي على مفاوضات مباشرة مع الإمارات العربية المتحدة، والسعودية فيما يتعلق بالحصول على رقائق وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدمة على غرار شرائح «إيه 100» و«إتش 100» المصممة لتسريع مهام التعلم الآلي.
وفي الأسبوع الماضي، ألغت إدارة ترامب لوائح الرقائق التي وضعتها إدارة بايدن والتي فرضت قيوداً على صادرات الرقائق الأمريكية المتقدمة إلى أكثر من 120 دولة بما في ذلك دول الخليج.
منذ عامين، وسَّعت الولايات المتحدة نطاق القيود المفروضة على صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي والأجهزة الدقيقة المتقدمة من شركة «إنفيديا»، لتشمل بخلاف الصين بعض البلدان في الشرق الأوسط، ومن بينها الإمارات والسعودية.
يعد ملف الذكاء الاصطناعي بالنسبة للإمارات العربية أمراً بالغ الأهمية، إذ تعمل الإمارات على بناء قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي.
ارتفعت حيازة الإمارات من سندات الخزانة الأميركية إلى 119.9 مليار دولار خلال فبراير 2025، بارتفاع قدره 27.3 مليار دولار، مقارنة بشهر يناير 2025.
توزعت استثمارات الإمارات في سندات الخزانة الأمريكية خلال شهر فبراير الماضي إلى 49.2 مليار دولار في سندات طويلة الأجل تمثل 41% من الإجمالي، و70.7 مليار دولار في سندات قصيرة الأجل تشكل ما نسبته 59%.
في يناير الماضي، قال الأمير محمد بن سلمان إن السعودية ستستثمر 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة.
في المقابل، أبدى ترامب رغبةً في رفع هذا المبلغ إلى تريليون دولار، بما في ذلك شراء المزيد من المعدات العسكرية الأميركية.
ومن المقرر أن يُوَقَّع عددٌ من الاتفاقيات الاقتصادية خلال الزيارة، والتي ستؤدي إلى مزيد من التكامل بين الاقتصادين السعودي والأميركي، والمشاريع المشتركة في المملكة.
يمتلك صندوق الاستثمارات العامة «صندوق الثروة السيادية السعودي»، الذي يسيطر على أصول بقيمة 925 مليار دولار، استثمارات عديدة في الولايات المتحدة، وتشمل هذه الاستثمارات «أوبر»، وشركة الألعاب «إلكترونيك آرتس»، وشركة السيارات الكهربائية «لوسيد».
خفضت السعودية استثماراتها في أذونات وسندات الخزانة الأميركية 7.7% خلال يناير الماضي، إلى 126.9 مليار دولار (476 مليار ريال).
تعد مبيعات السعودية من السندات الأميركية في يناير هي الأعلى منذ جائحة كورونا، حيث كانت باعت في شهري مارس وأبريل 2020 سندات بـ59 مليار دولار.
وفق بيانات وزارة الخزانة الأميركية، تعد حيازة السعودية بنهاية يناير الماضي هي الأقل منذ أكتوبر 2023، إلا أنها تبقى الـ17 بين كبار المستثمرين بأداة الدين الأميركية.
يأتي هذا الدفع في ظل رياح اقتصادية معاكسة، إذ أدت الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس ترامب على الواردات إلى إرباك التجارة العالمية والثقة بالاقتصاد الأميركي نفسه.
في غضون ذلك، انخفض الناتج الاقتصادي الأميركي في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وهو أول انخفاض له منذ ثلاث سنوات.
في الوقت ذاته، تسبب انخفاض أسعار النفط العالمية منذ بداية العام في زيادة الضغوط على مالية دول الخليج، إذ هبطت أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في أربع سنوات.
تفاقم الانخفاض بعد إعلان مجموعة الدول المنتجة للنفط «أوبك+»، عن خطط لزيادة الإنتاج، جنبًا إلى جنب ومخاوف متزايدة من أن تؤدي الحرب التجارية إلى إضعاف النمو الاقتصادي العالمي.