انعكاس القرار على تنافسية الصادرات خارجياً غير واضح ويحتاج إلى وقت
خبير اقتصادي: تأثير القرار أقل من خطة «تخفيف الأحمال» على المستثمرين
أثار قرار الحكومة المصرية بإلغاء خفض أسعار الكهرباء المخصصة للأنشطة الصناعية، بدءاً من يوليو المقبل، مخاوف القطاع الصناعي في البلاد من تأثير القرار على عناصر تكلفة الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة، خاصة الألمنيوم والحديد، وهو الأمر الذي قد يضعف تنافسية الصادرات خلال الفترة المقبلة.
كان مجلس الوزراء المصري أقر في أبريل 2020 خفض أسعار بيع الكهرباء للقطاع الصناعي بمقدار 10 قروش لكل كيلوواط/ساعة، تتحمّل قيمته الموازنة العامة للدولة ضمن جهود دعم الصناعة الوطنية.
إلغاء القرار جاء في وقتٍ تواجه القاهرة ضغوطاً متزايدة في قطاع الطاقة، خصوصاً في ما يتعلق بتوفير الغاز الطبيعي اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء، ما دفعها لإعلان خطة لترشيد استهلاك الكهرباء في الحي الحكومي داخل العاصمة الإدارية الجديدة، أخيراً، بحسب مسؤولين وخبراء تحدثوا مع «إرم بزنس».
قال رئيس غرفة مواد البناء في اتحاد الصناعات المصرية، أحمد عبد الحميد، إن إلغاء دعم الكهرباء للمصانع سيرفع التكاليف على القطاع الصناعي بنسب متفاوتة حسب درجة استهلاك الكهرباء.
وأضاف عبد الحميد لـ«إرم بزنس» أن تقييم أثر القرار على القطاع الصناعي وتحديداً الصناعات كثيفة الاستهلاك يتطلب بعض الوقت، خصوصاً أن درجة تأثير الكهرباء في عناصر التكلفة تختلف من قطاع لآخر.
عبد الحميد أوضح أن أغلب قطاعات مواد البناء مثل السيراميك والطوب والأسمنت والزجاج لن تتأثر كثيراً، خصوصاً أن أغلبها يعتمد على الغاز أو الفحم في عمليات التشغيل، بعكس الألمنيوم ومصانع صهر الحديد التي تعتمد على الكهرباء في عمليات الإنتاج.
بدوره، قال عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، محمد البهي، إن أغلب القطاعات الصناعية في مصر لن تتأثر بخفض دعم الكهرباء بشكل واضح، ولن ينعكس الأمر على عناصر التكلفة أو عمليات التسعير خلال الفترة المقبلة.
وأكد البهي لـ«إرم بزنس» أن الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة والتي تعد الكهرباء أو الغاز مكوناً أساسياً ضمن عناصر تكلفة الإنتاج ستتضرر بشكل ملحوظ، لأنها تستهلك كميات ضخمة من الطاقة، فيما لن تتأثر باقي الصناعات التي تعتمد على الكهرباء في الإنارة أو عمليات تسخين المياه وخلافه.
أوضح البهي أن «حدود تأثير القرار على الصناعات كثيفة الاستهلاك مثل الألمنيوم والحديد والأسمدة والزجاج والسيراميك لا زالت غير واضحة، لكنها بالتأكيد ستتأثر، ونأمل ألا ينعكس التأثير على ارتفاع التكاليف والأسعار بما يضر تنافسية صادراتها في الأسواق الخارجية».
البهي نبه على أن القرار كان يجب أن يراعي الصناعات كثيفة الاستهلاك، وأن يضع مدى تأثر صادرات الصناعات المعدنية في الحسبان، لا سيما أن الدولة المصرية تولي أهمية قصوى لزيادة عوائد الصادرات، التي تعد أهم مصادر العملة الأجنبية.
بلغت صادرات مصر من الصناعات المعدنية 8 مليارات دولار في 2024، مقابل 6.12 مليار دولار في 2023، بحسب بيانات أعدتها الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وحصلت «إرم بزنس» على نسخة منها.
كما تمثل صادرات الألمنيوم، الأكثر تضرراً بالقرار، نحو 11% من صادرات مصر من الصناعات المعدنية، حيث بلغت 879 مليون دولار في 2024 بنمو 26% طبقاً للبيانات.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي ورئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية الأسبق، مدحت نافع، إن المصانع المصرية وتحديداً «مصر للألمنيوم» التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، حصلت على دعم الكهرباء عام 2020 تحت ضغط جائحة «كورونا» وما تبعها من خسائر ألمت بمختلف الشركات الصناعية في العالم، خصوصاً كثيفة استهلاك الطاقة.
نافع أوضح لـ«إرم بزنس» أن شركة مصر للألمنيوم على وجه التحديد كانت تحتاج هذا الخفض في أسعار الكهرباء عام 2020، خصوصاً بعدما تسببت الجائحة في هبوط سعر الألمنيوم إلى 1800 دولار وتكبّد قطاع الألمنيوم في العالم خسائر ضخمة.
«الدعم الحكومي أفاد (مصر للألمنيوم) وكل الشركات التي تتعامل بالجهد الفائق مثل شركات السبائك الحديدية والحديد والصلب، لكنه في الوقت نفسه لم يكلف الحكومة أعباء إضافية، نظراً لأن تكلفة إنتاج الكهرباء ذات الجهد الفائق كانت أقل كثيراً على الدولة مقارنة بما تدفعه الشركات»، وفق نافع.
أرجع مدحت نافع إقدام الحكومة المصرية على رفع دعم الكهرباء عن المصانع إلى ما تتعرض له الدولة من ضغط في مصادر الطاقة وتزايد المخاوف من شح إمدادات الغاز خلال فصل الصيف.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن خفض دعم الكهرباء للمصانع قد يكون أفضل كثيراً من أن تعود خطة تخفيف الأحمال الكهربائية بما تحمله من إشارات سلبية للمستثمر والمستهلك.
إلى ذلك أشار إلى أن إلغاء دعم الكهرباء للمصانع سيسهم في تغطية جانب من التكاليف الإضافية التي يتحملها مرفق الطاقة في مصر، وأن هذا الأمر قد يبدو مفسراً للقرار وموضحاً له.
كذلك لفت نافع إلى أن المصانع المصرية التي كان يُفرض على صادراتها رسوم إغراق لن تتضرر من القرار الجديد، مضيفاً «هذه الشركات ستستبدل رسوم الإغراق للدول التي تستقبل صادراتها بالزيادة الجديدة في أسعار الطاقة، لكن الشركات غير المقيدة برسوم إغراق ستتحمل فاتورة أكبر».
وتتحرك الحكومة المصرية لتأمين احتياجات الدولة من الغاز الطبيعي بما يضمن عدم العودة لخطة تخفيف الأحمال الكهربائية التي أرهقت البلاد العام الماضي، وتستهدف القاهرة تشغيل ثلاث سفن للتغويز اعتباراً من مطلع يوليو المقبل، بطاقة استيعابية إجمالية تبلغ 2250 مليون قدم مكعب يومياً، بجانب مساعيها لتعزيز الإنتاج المحلي والاستكشافات الجديدة، بحسب بيانات مجلس الوزراء المصري.