أظهر تقرير مؤشر أسعار المستهلكين لشهر يوليو أن التضخم كان متوافقاً بشكل عام مع توقعات السوق، مشيراً إلى أن معدل التضخم لا يزال أعلى من هدف 2% الذي حددته مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، مع أن الشركات لم تقم بعد بتمرير جميع التكاليف المرتبطة بالرسوم الجمركية إلى المستهلكين.
فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين المعدل وفقاً للتغيرات الموسمية بنسبة 0.2% في يوليو، بما يتماشى مع توقعات «بلومبرغ»، مسجلاً تباطؤاً مقارنة بالارتفاع البالغ 0.3% في يونيو، وعلى أساس سنوي، استقر معدل التضخم عند 2.7%، أما مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة، فارتفع بنسبة 0.3%، ليصل المعدل السنوي إلى 3.1% في يوليو مقابل 2.9% في يونيو.
يشير خبراء الاقتصاد لوكالة «إم تي نيوز» إلى أن تقرير يوليو يقدم مؤشرات مهمة حول كيفية تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد.
قال كريستوفر هودج، كبير الاقتصاديين لشؤون الولايات المتحدة في «ناتيكسيس»، في رسالة إلكترونية: «ما زلنا نتابع تأثير الرسوم الجمركية، ولم يطرأ أي ارتفاع على أسعار السلع في يوليو، يبدو أن الشركات مترددة في تمرير كامل ضغوط الأسعار على المستهلكين، ما يعني أن توقعات التضخم للسلع ستظل مرتفعة، لكن دون قفزات مفاجئة من شهر لآخر».
ويرى محللو «بي أو إف إيه سيكيوريتيز» وجهة نظر مشابهة، مشيرين إلى أن تأثير الرسوم الجمركية على أسعار المستهلكين يتم بشكل تدريجي أكثر مما كان متوقعاً.
وأوضحوا في مذكرة بتاريخ 12 أغسطس: «بعد تقرير يونيو الذي أظهر بوضوح ضغوط الأسعار الناجمة عن الرسوم الجمركية، يُظهر تقرير يوليو انتقالاً أكثر تدريجية لهذه التكاليف إلى المستهلكين، ومن المؤكد أن أسعار السلع الأساسية دعمتها الرسوم الجمركية، بزيادة 1.1% على أساس سنوي، لكن يبدو أن الشركات لم تتمكن بعد من تمرير كامل التكلفة، هذا قد يؤدي إلى مرحلة تدريجية من ارتفاع الأسعار أو زيادة الضغط على هوامش الربح».
وبحسب «بلومبرغ»، استشهد تقرير لـ «غولدمان ساكس» بأن المستهلكين الأميركيين تكبدوا حوالي 22% من تكاليف الرسوم الجمركية حتى يونيو، لكن هذا الرقم قد يرتفع إلى 67% إذا اتبعت الرسوم المسار نفسه كما في الموجات السابقة.
فسرت الأسواق البيانات الأخيرة على أنها إشارة داعمة لمناصري سياسة نقدية تيسيرية، مع توقعات بأكثر من 90% لخفض أسعار الفائدة من قبل «الاحتياطي الفيدرالي» في سبتمبر، وهو احتمال يعتبره هودج مبالغاً فيه.
وأشار هودج: «تظل آثار الرسوم الجمركية غير واضحة، والأسعار الخدمية في ارتفاع، وحتى مع اهتمام «الاحتياطي الفيدرالي» بحماية سوق العمل، لا يزال التضخم فوق الهدف ويبدو أنه في اتجاه صعودي».
ويضيف هودج أن خفض الفائدة ممكن، نظراً لرغبة «الاحتياطي الفيدرالي» في دعم سوق عمل قوي، لكن تقرير التوظيف لشهر أغسطس سيكون حاسماً لاتخاذ أي قرار في سبتمبر.
وحذر: «أي ارتفاع قوي في تقرير التوظيف لشهر أغسطس قد يجعل العديد من صانعي القرار مترددين في خفض الفائدة»، مؤكداً أن خفض الفائدة في ذلك التاريخ ليس مضموناً.
في وقت سابق من الشهر، أظهرت البيانات الرسمية أن الاقتصاد الأميركي أضاف عدداً أقل من الوظائف في يوليو مقارنة بالتوقعات، بينما تم تعديل أرقام الشهرين السابقين بشكل كبير إلى الأسفل.
ويرى محللو «بي أو إف إيه» أنه من الضروري انتظار بيانات جديدة عن التضخم، بما في ذلك مؤشر أسعار المنتجين المتوقع الخميس، قبل إصدار حكم نهائي حول اجتماع سبتمبر لـ «الاحتياطي الفيدرالي».
وخلصوا إلى القول: «لا يزال التضخم أعلى من الهدف، لكن مع تأثير أقل من المتوقع للرسوم الجمركية، والمفاجآت التصاعدية مركزة على مكونات لا تؤثر مباشرة على مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، فسوق المال فسرت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين على أنها متساهلة (dovish)، نفضل انتظار أرقام مؤشر أسعار المنتجين قبل استخلاص استنتاجات نهائية حول تضخم يوليو».