حققت مجموعة «بي بي» البريطانية نتائج مالية فاقت توقعات المحللين خلال الربع الثاني من العام الجاري، ما شكل مفاجأة إيجابية للأسواق، في وقت تشهد فيه كبرى شركات الطاقة العالمية تراجعات ملحوظة في أرباحها.
وأعلنت «بي بي» أن أرباحها الصافية بلغت 1.63 مليار دولار خلال الربع الثاني من 2025، مقارنة بخسارة بلغت 129 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يعكس تحسناً كبيراً في أدائها المالي، رغم الأثر المحدود للرسوم الاستثنائية التي أثرت في نتائج 2024 نتيجة تقلب أسعار الغاز الطبيعي المسال.
وأشاد الرئيس التنفيذي للمجموعة، موري أوكنكلوس، بالنتائج المحققة، واصفاً الفصل بأنه ممتاز على الصعيدين التشغيلي والاستراتيجي.
وأشار إلى أن هذه القفزة في الأرباح جاءت نتيجة تنفيذ خطة إصلاح شاملة أُطلقت بداية العام الجاري، شملت خفض التكاليف، وإلغاء آلاف الوظائف، والتركيز مجدداً على قطاع الهيدروكربونات.
ووفقاً لما أوردته وكالة الأنباء السويسرية، فإن المجموعة البريطانية تخطط لإعادة تقييم استراتيجيتها وتكاليفها في ظل التطورات الجيوسياسية والتقلبات بأسواق الطاقة.
وتتباين نتائج «بي بي» الإيجابية مع أداء شركات طاقة كبرى مثل «توتال إنرجيز»، و«أرامكو»، و«إكسون موبيل»، و«شيفرون»، التي سجلت تراجعات في أرباحها بسبب انخفاض أسعار النفط والغاز، وتباطؤ الطلب العالمي، والتحديات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، إضافة إلى زيادة الإنتاج التي أقرها تحالف «أوبك+».
وتراجع متوسط سعر خام برنت في الربع الثاني إلى 67.9 دولار للبرميل، مقارنة بـ85 دولاراً للبرميل في الفترة ذاتها من العام الماضي. ومع ذلك، ارتفعت أرباح «بي بي» التشغيلية المعدّلة إلى 2.4 مليار دولار، متجاوزة تقديرات المحللين التي كانت تشير إلى 1.8 مليار دولار، بحسب تحليل ديرين نايثن من شركة «Hargreaves Lansdown».
وكانت الشركة أعلنت في يوليو الماضي تخليها عن مشروعات طاقة الرياح البرية في الولايات المتحدة، في تحول واضح عن استراتيجيتها المناخية الطموحة، كما كشفت هذا الأسبوع عن اكتشاف حقل نفط وغاز ضخم قبالة السواحل البرازيلية، وصفته بأنه الأكبر منذ 25 عاماً.
كما تعهدت المجموعة البريطانية بخفض إضافي في التكاليف قدره 900 مليون دولار، بالتزامن مع تراجع الدين الصافي، ما يعزز موقفها المالي أمام المستثمرين.
ويبدو أن «بي بي» طوت صفحة الشائعات التي أثيرت مؤخراً حول إمكانية استحواذ «شل» عليها، وفقاً لتحليل كايثلين بروكس من «XTB».
وجاءت هذه التحركات تحت ضغط صندوق الاستثمار الأميركي «إليوت»، الذي انضم مؤخراً إلى قائمة المساهمين في الشركة، وهو معروف بدفعه نحو تغييرات استراتيجية في الشركات التي يستثمر فيها.
وفي هذا السياق، أكد الرئيس التنفيذي أوكنكلوس نيته إجراء «مراجعة معمقة» لحافظة أنشطة المجموعة، وإعادة النظر مجدداً في التكاليف، مشيراً إلى تواصله مع ألبرت مانيفولد، الذي سيتولى قريباً رئاسة مجلس الإدارة، لدفع هذه الإصلاحات قدماً.
تأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه «بي بي» إلى إعادة التموضع في السوق العالمي للطاقة، واستعادة الثقة في قدرتها على تحقيق نمو مستدام يوازن بين متطلبات الطاقة التقليدية والتزامات التحول نحو مصادر نظيفة.