تعرض الاقتصاد الياباني اليوم الأربعاء، لبيانات شديدة السلبية لم يكن ليتوقعها أكثر المتشائمين، ليسقط الناتج الإجمالي المحلي لثالث أكبر اقتصاد بالعالم في فخ الانكماش الحاد.
ولم تشفع تدخلات البنك المركزي في أسواق الصرف لانقاذ العملة الضعيفة التي تتجه صوب أدنى مستوياتها في 33 عام وهو ما انعكس على قيمة العائدات الحكومية.
دون التوقعات
ووفقًا لبيانات مكتب مجلس الوزراء الياباني فقد انكمش الاقتصاد في اليابان للمرة الأولى منذ الربع الثالث 2022، بينما سجل أكبر انكماش منذ الربع الثالث 2023.
وانكمش الإنتاج المحلي الإجمالي أو القيمة الاجمالية للسلع والخدمات التي ينتجها الاقتصاد على أساس فصلي بنسبة -0.5% مقابل توقعات بانكماش -0.1% ومقابل نمو فعلي معدل بالخفض بنسبة 1.1%.
وفي المقابل وعلى أساس سنوي انكمش الناتج المحلي الإجمالي (GDP) -2.1% مقابل توقعات بانكماش -0.6% ومقابل نمو فعلي معدل بالخفض إلى 4.5%.
اقرأ أيضًا- قبل اندلاع الصراع.. مستويات قياسية للسفر بالشرق الأوسط
انكماش الإنفاق
وفي السياق ذاته انكمش الإنفاق الرأسمالي في الناتج الإجمالي المحلي (ربع سنويا) (الربع 3) -0.6% مقابل التوقعات بنمو 0.3% ومقابل انكماش فعلي بنسبة -1%.
وانكمش الطلب الخارجي في الناتج الإجمالي المحلي (ربع سنويا) (الربع 3) بنسبة -0.1% متفقًا مع التوقعات ومنخفضًا عن القراءة السابقة التي نمت بنسبة 1.8%.
أسعار الإنتاج
وكشفت بيانات مكتب مجلس الوزراء ارتفاع مؤشر أسعار الناتج الإجمالي المحلي (سنويا) (الربع 3) 5.1% متجاوزًا توقعات بنمو 4.8% ومتخطيًا القراءة السابقة عند 3.5%.
وفي غضون ذلك سجل الإستهلاك الخاص في الناتج الإجمالي المحلي (ربع سنويا) (الربع 3) نموًا صفريًا مقابل توقعات بنمو 0.2% ومقابل انكماش فعلي بنسبة -0.9%.
إصرار البنك
ورغم الأزمة التي يعيشها اقتصاد اليابان أكد محافظ بنك اليابان ، كازو أويدا أن البنك سيستمر في الحفاظ بصبر على التيسير النقدي لدعم النشاط الاقتصادي.
وقال أويدا: "لا يزال هناك عدم يقين بشأن ما إذا كانت اليابان ستتمكن من تحقيق نمو إيجابي بالأجور والتضخم، كما يتوقع بنك اليابان".
واضاف أويدا: "لا يزال بنك اليابان بحاجة إلى مزيد من الاقتناع بأن الأجور ستستمر في الارتفاع، وأن ارتفاع الأجور سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الخدمات وارتفاع التضخم، وأن الاقتصاد لا يزال قويا، قبل التفكير في الخروج من السياسة التيسيرية".
اقرأ أيضًا- إسرائيل تقر ميزانية حرب بالعجز والانكماش
موازنة المخاطر
ولفت محافظ بنك اليابان ، كازو أويدا إلى بنك اليابان في حاجة إلى أن يوازن بعناية بين تأثير السياسة النقدية المرغوب في تحفيزها للاقتصاد، مؤكدًا أن بنك اليابان سيواصل شراء السندات بكميات كبيرة.
وفي الجانب الآخر أكد اويد على ضرورة متابعة الآثار الجانبية للسياسة النقدية، وبخاصة في ظل استمرار بنك اليابان بتطبيق سياسة التحكم في منحنى العائد.
ورغم أزمة أكبر اتحاد لعمال القطاع الصناعي في اليابان UA Zensen يسعى للمطالبة بزيادة بنسبة 6% في الأجور خلال مفاوضات الربيع المقبل، إلا أن أويدت قال: " ترتفع أسعار الفائدة طويلة الأجل إلى حد ما".
فشل التحفيز
وأعلنت اليابان أنها قد قامت بتخصيص ميزانية إضافية بقيمة 886 مليار ين ياباني (أو ما يعادل نحو 5.854 مليار دولار أمريكي) من أجل تمويل حزمة تحفيزية إضافية لضخها في الاقتصاد.
وتأتي تلك الحزمة بجانب الحزمة التحفيزية الأساسية التي كانت حكومة اليابان قد أعلنت عنها الشهر الماضي، والتي أفاد رئيس وزراء اليابان، فوميو كيشيدا، بأنها ستكون بقيمة 17 تريليون ين (أو ما يعادل حوالي 113 مليار ين).
وتخطط المالية اليابانية لاستخدام تلك الحزمة الإضافية لتعزيز برنامج القروض والاستثمارات المالية الخاص بالحكومة، وتمريره إلى قنوات الاقتصاد عن طريق زيادة الإقراض المحلي.
اقرأ أيضًا- تسونامي خفض التصنيف يضرب أكبر 4 بنوك مصرية
ضغط محلي
وفي الأسبوع الماضي أكد تاكيشي نينامي، رئيس جماعة كيزاي دويوكاي (جماعة ضغط رؤساء الأعمال باليابان)، بأنه يجب على بنك اليابان التخلص من سياسته النقدية التيسيرية في أسرع وقت ممكن.
وقال رئيس جماعة كيزاي دويوكاي: "تطبيع السياسة النقدية لبدء التعايش مع أسعار الفائدة العادية، بات حتميًا خاصة وأنه حتى إذا قام بنك اليابان بتطبيع السياسة النقدية، فإن الأمر قد يستغرق نحو عام آخر لانتهاء آثار التحفيز النقدي الذي استمر لفترة طويلة للغاية".
وأضاف تاكيشي نينامي: " من الضرورة خروج بنك اليابان من السياسة النقدية التيسيرية، لأن هذا سوف يساعد الاقتصاد على التخلص من الشركات الأقل كفاءة على حد قوله".
ولفت نينامي إلى انه يجب على بنك اليابان أن يتخذ خطوة إنهاء التيسير النقدي بأقرب وقت ممكن.
تحفظات كثيرة
وأشار نينامي إلى أنه لا بد أن يكون هناك الكثير من التحفظات السياسية التي يجب أن تضعها الحكومة للتأكد من التخلص من أسعار الفائدة السالبة بشكل كامل ونهائي.
وقال نينامي: "من الأفضل أيضا أن يتخلى بنك اليابان عن سياسة التحكم في منحنى العائد لأجل 10 سنوات YCC".
و أضاف نيناميي نبغي أن يقوم البنك بالتخلي عن سياسة التحكم في منحنى العائد بشكل تدريجي لمنع التسبب بأي صدمات، نظرا لأن التخلي عنها بشكل مفاجئ، قد يؤدي إلى تأثيرات مضاعفة.