شهدت سوق السندات الأميركية ضربة جديدة اليوم الاثنين، حيث قفزت العوائد على سندات الخزانة وتراجعت أسعارها بعد قرار وكالة «موديز» نهاية الأسبوع الماضي بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، ما أسفر عن فقدان البلاد آخر تصنيف «AAA» كانت تحمله بين وكالات التصنيف الكبرى. ويؤدي زيادة العوائد إلى زيادة أعباء الديون على المستهلكين الأميركيين.
ورغم أن القرار لم يكن مفاجئاً لوول ستريت — إذ سبق لكل من «فيتش» و«ستاندرد آند بورز» أن خفضتا تصنيف الولايات المتحدة قبل أعوام — فإن التوقيت كان بالغ الحساسية، خاصة مع تزايد الضغوط على سوق السندات الأميركية.
ويشهد الطلب الأجنبي على سندات الخزانة تراجعاً منذ الانتخابات التي أعادت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ومنحت الجمهوريين السيطرة على الكونغرس، وسط مخاوف من اتساع العجز المالي لتمويل تخفيضات ضريبية محتملة.
كما فجّر إعلان ترامب في 2 أبريل عن فرض رسوم جمركية موجة صدمة لدى الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وأطلق موجة بيع للأصول الأميركية، يُتوقع أن تبقي الضغط قائماً على سندات الخزانة والأصول المقوّمة بالدولار، ما أعاد إلى الأذهان مخاوف من ارتفاع التضخم بلا ضوابط.
وسجّلت عوائد سندات الخزانة لأجل 30 عاماً مستوى تجاوز 5% لفترة وجيزة الاثنين، قبل أن تتراجع إلى 4.95%، فيما ارتفعت عوائد السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 4 نقاط أساس لتصل إلى 4.48%، بحسب بيانات «فاكتست».
وتمثل هذه الزيادة في العوائد تحدياً إضافياً، إذ تعني ارتفاع كلفة الاقتراض للمستهلكين والشركات والحكومة الفيدرالية على حد سواء. وتأتي في توقيت حساس للجمهوريين الذين يسعون إلى تمرير مشروع قانون ضخم لخفض الضرائب وزيادة الإنفاق، وهو مشروع قد يضيف ما يصل إلى 3.3 تريليون دولار إلى الدين الأميركي خلال العقد المقبل، وفقاً لتقديرات حديثة، رغم أن المسار النهائي للمشروع ما زال غير واضح وسط احتمالات مقاومة داخل مجلس الشيوخ.
وقد تضرّرت السندات طويلة الأجل على نحو خاص مؤخرًا، مع تزايد شكوك المستثمرين بشأن درجة الأمان التي توفرها هذه الأدوات المالية على المدى الطويل، وما يتطلبه ذلك من عوائد أعلى لجذب حامليها.
من جهته، قال آدم عبّاس، مدير المحافظ في شركة «هاريس أوكمارك» لماركت ووتش، إن مشروع القانون الضريبي الجمهوري أعاد فتح النقاش حول استدامة العجز المالي الأميركي وبرامج الإنفاق، وكذلك ما إذا كانت الأصول الأميركية لا تزال تحتفظ بـ«فرادتها» على الساحة العالمية.
وأضاف عباس: «أعتقد أن مكانة الولايات المتحدة ستستمر، ولو بشكل أقل بروزاً، لكن العجز المالي سيبقى مشكلة دون حلول سهلة»، مشدداً على أن الأمر يتطلب معالجة جوهرية تتجاوز الحلول الجزئية.
أما فريق التحليل في «بنك أوف أميركا»، فتوقّع أن يُجري مجلس الشيوخ تعديلات على مشروع القانون قد تُضعف من مقترحات خفض الإنفاق التي أقرّها مجلس النواب، مما قد يؤدي إلى تأخير إضافي في إقراره.
وكان الجمهوريون يهدفون إلى تمرير القانون وتقديمه لتوقيع ترامب بحلول عطلة «يوم الذكرى»، لكن محللي «بنك أوف أميركا» يرون أن الصيغة النهائية قد تضيف ما بين 5 إلى 6 تريليونات دولار إلى العجز.
ويُقدَّر أن العجز في الميزانية الأميركية بلغ نحو 6.28% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2024، ويتوقع فريق البنك أن يرتفع إلى ما بين 7% و8% خلال العقد المقبل.