تصاعد الحرب التجارية الأميركية الأوروبية
تصاعد الحرب التجارية الأميركية الأوروبية

حرب الدعم الأخضر.. تتصاعد

الاتحاد الأوروبي يستعد للرد على سياسة بايدن الصناعية ودعمه للشركات

تتسارع وتيرة حرب عالمية على التجارة والدعم الأخضر، مع توجيه الاتحاد الأوروبي ضربة قوية للولايات المتحدة، بإطلاق خطة الصفقة الخضراء الصناعية، ذلك اسمها بالفعل، التي تمثل رد مباشر على قانون الحد من التضخم الأميركي (IRA) العام الماضي.

وكما هو الحال في كافة الحروب التجارية، سوف يخسر الجانبين.

يبدو واضحاً استياء الأوروبيين من الحمائية التي فرضها قانون الحد من التضخم الأميركي، الذي يُمثل أفضل ما تضمنه خفض ضريبي للمستهلك، يصل إلى 7500 دولار فقط على السيارات الكهربائية التي يتم تجميعها في أميركا الشمالية، حيث يُمكن الحصول على نصف الدعم عند شراء سيارة تحتوي مكونات بطارية مصنوعة في أميركا الشمالية، والنصف الأخر إذا احتوت البطارية معادن تم استخراجها من الولايات المتحدة، أو دولة لديها اتفاقية تجارة حرة معها.

لاحظ الأوروبيون ما يتضمنه القانون من إعانات بعشرات المليارات لعدد كبير من الصناعات الأميركية، بدايةً من احتجاز الكربون إلى طاقة الرياح، وبدا القلق عليهم من جذب تلك الإعانات للاستثمارات بعيداً عن أوروبا.

وهنا جاء رد بروكسل، وتضمنت الخطة المقترحة تقديم 250 مليار يورو (مساعدات لم يتم استخدامها لمكافحة الأوبئة) إعانات للصناعات الخضراء في أوروبا، كما منح الاتحاد استثناء للدول التي تنتهك قواعد مكافحة دعم المشاريع الخضراء حتى عام 2025، ما يعزز جهود الدعم الفرنسية والألمانية المكثفة، مع التأكد من تقديم دعم للدول المثقلة بالديون، التي تواجه صعوبات في بلوغها الحياد الكربوني.

لا تتعاطف كثيراً مع رد الاتحاد الأوروبي على الدعم الأميركي الأخضر، فقد توجه الاتحاد لفرض ضريبة على الواردات وفقاً لحجم انبعاثات الكربون أثناء إنتاج السلع، وذلك من قبل فرض قانون الحد من التضخم الأميركي. وبدلاً من مواجهة تلك الضريبة والعمل لصالح المصنعين والمستهلكين على جانبي المحيط الأطلسي، صعدت إدارة بايدن من وتيرة حرب التجارة الخضراء، وأطلقت قانون الحد من التضخم الأميركي.

يا لها من فوضى سياسية وتهديد جديد للنمو العالمي. فطالما اعترضت الولايات المتحدة على الإجراءات التي تحد من حرية التجارة والاستثمار بسبب الإعانات الصناعية الأوروبية، واتفق الأوروبيون معهم، وأقر الاتحاد الأوروبي، منذ فترة طويلة، قواعد لمكافحة الدعم، التي عادت بروكسل للتخلي عنها الآن.

لكن إدارة بايدن طبقت سياسة صناعية أميركية حماسية، لم يكن يتخيلها دونالد ترامب نفسه، ما يحمل مخاطرة بعودة العالم لزمن مضى من الحمائية المحلية للإنتاج، والحد من المنافسة، وارتفاع التكاليف على المستهلكين.

سيؤدي دعم الطاقة الخضراء وضرائب حدود الانبعاثات الكربونية إلى تشوه توزيع الاستثمارات وما يتبعه من ارتفاع التكاليف وتباطؤ النمو، كما ستتحول الشركات التي تحصل على الدعم مثل جنرال موتورز، وباقي شركات صناعة السيارات الكهربائية إلى رهائن لسياسات حروب التجارة الخضراء.

الغريب أن ما يحدث يأتي بعد درس التضخم القاسي الذي تسبب فيه الوباء وخطر تباطؤ التجارة العالمية وسلاسل التوريد، وما تسبب فيه سرعة ارتفاع الأسعار من حاجة الغرب لوفرة الطاقة الرخيصة.

لن يؤتي التحول الأخضر بالقوة ثماره حيث يمثل أكبر خطأ اقتصادي واستراتيجي منذ جنون الائتمان في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وسيدفع المستهلكون الثمن بارتفاع الأسعار من جديد.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com