لم تعد أتمتة المستودعات احتمالاً بعيد المنال، بل أصبحت ضرورة فورية لقادة سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إذ تُعد إدارة المخزون بكفاءة والتخزين الاستراتيجي والحركة السريعة للبضائع عوامل حاسمة للحفاظ على القدرة التنافسية. ومع ذلك، لا تزال العديد من المستودعات في المنطقة تعتمد على العمليات اليدوية أو على مستوى محدود من الأتمتة، مما يؤثر بشكل كبير على قدرتها في الاستجابة للطلب المتزايد وتزايد توقعات العملاء.
أصدرت شركة أوتو ستور تقريرها السنوي حول «حالة إدارة المستودعات وتنفيذ الطلبات لعام 2025»، والذي يحدد أولويات المستودعات على المستوى العالمي ويقيس مستويات استخدام الأتمتة. وفي هذا الصدد، يسلط التقرير الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه برامج تنفيذ المستودعات وأنظمة التحكم في الأتمتة في تعزيز الكفاءة، لا سيما وأنه في ظل وجود سوق لوجستي فمن المتوقع أن يتضاعف حجمه هذا العام مقارنة بعام 2020، ومع تزايد الضغط لتحقيق تنفيذ الطلبات بوتيرة أسرع ودقة أكثر، أصبحت أتمتة المستودعات أمراً حتمياً ولا غنى عنه.
تواجه العمليات اليدوية بطبيعتها صعوبة في التوسع، مما يجعل من الصعب مواكبة النمو والتغيرات في طلبات المستهلكين. ويعتقد 87% من قادة قطاع الخدمات اللوجستية أن عدم القدرة على الاستثمار في التكنولوجيا سيجعلهم غير قادرين على تحقيق أهداف أعمالهم، وهو ما يؤكد على مدى ضرورة أتمتة العمليات.
ومن ناحية أخرى، تكون المستودعات التي تعتمد على العمليات اليدوية أكثر عرضة للمخاطر خلال فترات ارتفاع الطلب لا سيما عندما تفتقر إلى المرونة اللازمة للتكيف بسرعة من حيث كثافة التخزين وسرعة الأداء. تزداد خطورة هذه التحديات في ظل التكهن بتجاوز حجم سوق التجارة الإلكترونية في المنطقة 50 مليار دولار أميركي بحلول عام 2025.
ويُشير تقرير أوتو ستور إلى أن الشركات في الوقت الراهن تقيس الأداء باستخدام ما يصل إلى 20 مؤشراً مختلفاً، مثل عدد الطلبات التي يتم إصدارها في الساعة والشحن في الوقت المحدد ودقة انتقاء الطلبات وكفاءة القوى العاملة وهي مجالات تتحسن بشكل ملحوظ من خلال الأتمتة.
يمكن للمستودعات من خلال الأتمتة اتخاذ قرارات فورية مدعومة بالبيانات، والانتقال من الإدارة التفاعلية إلى التحسين الاستباقي. كما تُسهم التحليلات المعززة بالذكاء الاصطناعي في تحديد المخزون بطيء الحركة وتحسين مسارات الانتقاء وتوقّع تقلبات الطلب مما يعزز إنتاجية المستودع بشكل كبير.
تؤدي الأنظمة المؤتمتة المهام المتكررة، مثل الانتقاء بسرعة ودقة وأمان مما يُتيح للعمالة البشرية التفرغ للأنشطة الاستراتيجية. كما أن الروبوتات تنقل الأحمال الأثقل بشكل أسرع، مما يقلل من مخاطر تعرّض العاملين للإصابات ويقضي على الوقت المهدر في التنقل داخل المستودع. وغالباً ما تحقق هذه الأنظمة معدلات دقة في الانتقاء تتجاوز 99% حيث يمكن لمُشغل مؤتمت واحد أن يعادل إنتاجية ما يصل إلى خمسة عمال يدويين.
على غرار ذلك، يمكن للمستودعات تخزين ما يصل إلى أربعة أضعاف المنتجات مقارنة بالطرق التقليدية. كما أن الكثافة التخزينية ترتفع بنسبة تصل إلى 150% مقارنة بالعمليات اليدوية، مما يتيح التعامل مع عدد أكبر من وحدات حفظ المخزون بكفاءة دون التضحية بعامل بالسرعة.
ووفقاً للتقرير، فقد أصبح تحسين كفاءة الإنتاج رابع أعلى أولوية في عام 2025. ولا تقتصر تقنيات الأتمتة على تحسين الإنتاجية فقط، بل تُسهم أيضاً في منح الأولوية ديناميكياً للمنتجات ذات الطلب المرتفع، مما يضمن استرجاعها بسرعة خلال فترات الذروة. فعلى سبيل المثال، يمكن لنظام أوتو ستور أن يعزز من سرعة استرجاع الصناديق بنسبة تصل إلى 20%.
تكمن الركيزة الأساسية لنجاح أتمتة المستودعات في البرمجيات المتطورة وأنظمة التحكم المتكاملة لا سيما في ظل توسّع المؤسسات في مستوى الأتمتة لتعزيز الإنتاجية والكفاءة، حيث إنها تواجه خطر التعامل مع أنظمة برمجية متعددة غير متكاملة بالكامل، مما يُضيف طبقة من التعقيد ويُقوّض القدرة على استخدام البيانات والتحليلات لتحسين العمليات.
كما تقوم أي منصة برمجيات بتبسيط العمليات من خلال دمج الأنظمة المؤتمتة المتعددة ضمن واجهة تحكم سلسة واحدة مما يعزز بدوره القدرة على التعافي من الأعطال ويُمكّن المشغلين من التكيف بسرعة مع الطلبات المتغيرة أو التحديات غير المتوقعة.
يُعد العائد الاستثماري الناتج عن أتمتة المستودعات مجدياً للغاية، حيث تحقق العديد من الأنظمة عوائد خلال فترة لا تتجاوز ثلاث إلى خمس سنوات. ويعود ذلك بشكل رئيس إلى خفض تكاليف العمالة وتحسين الدقة وتحقيق إدارة أكثر كفاءة للمساحات. كما تتيح الأتمتة للمؤسسات إطالة عمر المستودعات الحالية، مما يُجنبها تكاليف مرتفعة لا سيما تلك المتعلقة بالإيجارات أو تكاليف تطوير مستودعات جديدة بالإضافة إلى النفقات والتعطيل الناتج عن نقل المستودع. وتُثبت هذه المكاسب القابلة للقياس التأثير التحويلي للأتمتة على عمليات المستودعات وربحيتها على المدى الطويل.
أخيراً، أصبحت الحاجة الملحّة لأتمتة المستودعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واضحة وفورية ولم تعد الحلول المؤتمتة خياراً في ظل سعي قادة قطاع الخدمات اللوجستية في المنطقة لتعزيز موقعهم التنافسي بل أصبحت ضرورة. يمكن لمستودعات المنطقة من خلال دمج حلول الأتمتة المتقدمة أن تُحسن أداءها التشغيلي بشكل كبير، مما يتيح لها الازدهار في مشهد التجارة الإلكترونية المتغير بسرعة.