خاص
خاصالقاهرة

حيرة في سوق العقارات المصرية بعد "تحرير الجنيه"

ما زالت تداعيات قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر صرف الجنيه تُلقي بظلالها على مختلف القطاعات الاقتصادية، خاصة القطاع العقاري الذي واجه تحديات كبرى خلال الأعوام الماضية، بسبب ارتفاع أسعار الدولار في السوق الموازية.

ورأى خبراء اقتصاديون أن قرار تحرير سعر الصرف قد يُسهم في تحفيز الاستثمار الأجنبي في القطاع العقاري على المدى الطويل، من خلال توفير بيئة استثمارية أكثر استقرارًا ووضوحاً.

وأكدوا في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن قرار البنك المركزي برفع أسعار الفائدة واعتماد سعر صرف مرن للجنيه يُعيد الاستقرار والانضباط للسوق العقارية رغم بعض المُشكلات التي ما زال يُعانيها هذا السوق.

 تحديات وتفاؤل 

 واعتبر الخبير الاقتصادي، الدكتور عبد الله فرج، أن قرار المركزي خطوة إيجابية ستعيد الانضباط إلى مختلف المجالات التجارية والصناعية، وتُحَقّق الاستقرار في الأسواق خلال الفترة المقبلة.

 ورجح أن يكون للقرار تأثير إيجابي على القطاع العقاري، رغم التوقعات برفع أسعار العقارات بسبب زيادة أسعار مواد البناء في أعقاب قرار المركزي.

 وأوضح لـ"إرم الاقتصادية" أن المطورين كانوا يتعاملون خلال الأعوام الماضية، خاصة في النصف الثاني من عام 2023، بأعلى مستوى لسعر الدولار في السوق السوداء، الذي وصل إلى 70 جنيهاً.

 وتابع: "مع تحرير سعر الصرف واختفاء السوق السوداء، أُعيد تقييم الأسعار بناءً على سعر الدولار الرسمي العادل داخل البنوك المصرية، الذي يبلغ حالياً نحو 50 جنيهاً".

 وفي السياق ذاته، أشار فرج إلى أن القطاع العقاري يواجه تحديات جمة في ظلّ ارتفاع أسعار مواد البناء الأساسية، كحديد التسليح والإسمنت، بشكل جنوني خلال الفترة الأخيرة. 

 وحذر من خطورة استمرار هذا الارتفاع، مؤكداً أنّ سعر طن الحديد وصل إلى 53 ألف جنيه، بينما تجاوز سعر طن الإسمنت 23 ألفاً.

 وشدد على ضرورة إحكام الرقابة الحكومية على الأسواق خلال الفترة المقبلة، لضمان عدم استغلال بعض التجار لهذه الظروف لرفع الأسعار، مشيراً إلى أن القطاع العقاري يُمثل نحو 20% من الناتج المحلي، لذلك فإن أي اضطرابات في هذا القطاع سيكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد ككل.

 أسعار متقلّبة وحلول منتظرة

 وقال أحد كبار المطورين العقاريين اللواء إيهاب ماضي لـ"إرم الاقتصادية" إن قرارات المركزي ستُسهم في ضبط إيقاع السوق العقارية، الذي عانى تحديات عدة خلال العامين الماضيين، أبرزها ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل جنوني، وزيادة سعر الدولار في السوق السوداء.

 وتطرق إلى تأثير سلبي لارتفاع أسعار الحديد والأسمنت على السوق العقارية، إذ أدّى إلى ارتفاع أسعار العقارات بشكل لا يتناسب وقدرة شرائح كبيرة من المواطنين.

 ورغم القضاء على السوق السوداء، فإن قطاع العقارات يواجه تحديًا جديدًا يهدد استقراره، وهو عدم قدرة المطورين العقاريين على تحديد أسعار البيع للمواطنين.

 لذلك يرى بعض المطورين العقاريين أن "الحل الأمثل يكمن في التوسع بتصدير العقارات للخارج، فمن خلال ضخ العملة وتوفير الدولار بشكل دائم، سيُصبح لدى المطورين القدرة على مواجهة تقلبات أسعار مواد البناء، دون التأثير على أسعار العقارات للمواطنين.

 إفلاس يُنذر بمخاطر

 وقال رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان اللواء وليد البارودي، إن الإسكان التعاوني -إحدى أذرع وزارة الإسكان- واجه تحديات جرّاء التغييرات التي طرأت على سوق العقارات، لكنه يبقى ملاذًا آمنًا للمواطنين في ظل التقلبات الاقتصادية.

 وأضاف: "على عكس ما يُشاع عن تأثر سوق العقارات بتداعيات سعر الدولار، فإن الحقيقة تُشير إلى أن هذه السوق تُعد الاستثمار الأكثر أمانًا، خاصةً مع تحول المواطنين للاستثمار فيه بدلًا من الذهب والسيارات".

كما أشارإلى أن الزيادة في أسعار مواد البناء لا تُشكّل أزمة حقيقية بحد ذاتها، مبيناً أن المشكلة الفعلية تكمن في عدم القدرة على تحديد أسعار الوحدات السكنية بدقة، خاصةً مع تذبذب أسعار الدولار.

 وأوضح أن أسعار الدولار شهدت تراجعًا خلال الفترة الماضية، إلا أن أسعار مواد البناء لم تتراجع بالنسبة ذاتها، ما سبّب حالة من الارتباك في السوق العقارية.

 وبينما يشهد القطاع العقاري طفرة ملحوظة خلال السنوات الثمانية الماضية، يرى خبراء أن هناك بوادر مقلقة تُنذر بفقاعة عقارية محتملة.

 وتأتي هذه التحذيرات على وقع إعلان شركة "إيفرغراند" الصينية، أكبر شركة عقارية في العالم، إفلاسها مؤخرًا، بسبب تراكم الديون المُترتبة على بيع العقارات بالتقسيط، وفق البارودي.

 وتعتمد مخاوف الخبراء على ظاهرة شراء العقارات عن طريق الاستدانة، التي انتشرت بشكل كبير في مصر خلال الفترة الأخيرة، إذ يشرع العديد من المواطنين في شراء شقق أو وحدات سكنية عن طريق القروض المصرفية ، دون امتلاكهم القدرة المالية الكافية لسدادها.

 ولكن يصعب الجزم -وفق الخبراء- بوجود خطر حقيقي مشابه لما حدث مع "إيفرغراند" في مصر، إذ تختلف الظروف الاقتصادية والسياسية بين البلدين، بالإضافة إلى أن "الحكومة المصرية اتخذت بعض الخطوات للحد من مخاطر القطاع العقاري، مثل فرض قيود على الاقتراض".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com