logo
عقارات

«عدم دستورية» الإيجار القديم.. كيف يؤثر في أسعار العقارات في مصر؟

«عدم دستورية» الإيجار القديم.. كيف يؤثر في أسعار العقارات في مصر؟
مبان سكنية في منطقة المنيب، الجيزة، مصر، 4 أكتوبر 2022.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:13 نوفمبر 2024, 01:01 م

حكم نهائي جديد في مصر بشأن نحو 3 ملايين وحدة سكنية بنظام «الإيجار القديم» المرتبط بقانون يعود لنحو 43 عاماً، أعادت تساؤلات بشأن تأثيراتها في السوق العقارية التي تشهد ركوداً خلال عام 2024، عبر فائض في المعروض وانكماش في الطلب مع ارتفاع أسعار الوحدات المتأثرة بزيادات في تكاليف مواد البناء والنقل والعمالة وأسعار الأراضي.

الحكم الذي أقر عدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية لوحدات الإيجار القديم التي تتراوح بين نحو 10 جنيهات (0.2 دولار) وصولاً إلى 80 جنيهاً (1.6 دولار) في مناطق بعضها بحي الزمالك الراقي غربي القاهرة يصل سعرها العادل حالياً لنحو ألف دولار على الأقل، يراه خبراء تحدثوا لـ«إرم بزنس»، ينبئ عن مسارين لأسعار العقارات مع تطبيق الحكم، أولها انخفاض لكثرة المعروض وتراجع الطلب، وثانيها توازن في القيمة السعرية نظراً للاستثمارات المتوقعة بالقطاع.

وحال صدور قانون من مجلس النواب بحد أقصى يونيو 2025، حسب منطوق الحكم فإن السوق العقارية تنتظر «انتعاشة كبيرة ورواجاً يواجه الركود الحالي» وفق تقديرات خبراء عقاريين لأسباب بينها توقع بتغيير القيمة الإيجارية، وإخلاء أماكن في مناطق متميزة، لا سيما داخل القاهرة التاريخية، وجذب استثمارات أجنبية وضخ عوائد لخزينة الدولة أبرزها يتمثل في دفع ضرائب عقارية مستحقة.

وقضت المحكمة الدستورية العليا المصرية (أعلى محكمة بالبلاد وأحكامها نهائية) قبل أيام، بعدم دستورية ثبات أجرة الأماكن المؤجرة لأغراض السكنى الخاضعة للقانون رقم 136 سنة 1981، الذي يحدد بشكل ثابت قيمة الإيجار بـ7% من قيمة الأرض ووجوب تدخل المشرع لإحداث التوازن في العلاقة الإيجارية.

وتعليقاً على الحكم، قالت النائبة ميرفت عازر، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن المجلس سيسعى إلى حلول فعالة قوية تضمن التحقيق العادل لكل من المالك والمستأجر، لافتة إلى أن اللجنة من المفترض أن تناقش تعديلات قانون الإيجار القديم لتحديد القيمة الإيجارية خلال الدور التشريعي الحالي لمجلس النواب، الذي بدأ في أكتوبر الماضي، ويستمر لمدة تسعة أشهر حتى يونيو 2025.

بينما طالب رئيس ائتلاف مُلاك العقارات القديمة في مصر، مصطفى عبد الرحمن، بأن يكون الحد الأدنى لإيجار الوحدة السكنية بنظام القانون القديم 2000 جنيه (نحو 41 دولاراً)، على أن يخضع لزيادة سنوية، واقترح المستشار القانوني لرابطة المستأجرين، ميشيل حليم، أن يتم رفع القيمة الإيجارية للوحدة بمعدل 5 أضعاف مبدئياً مع إقرار زيادة سنوية بقيمة 15%، وفق ما أورده إعلام محلي.

وحسب خريطة وحدات المباني العادية للسكن أو العمل بنظام الإيجار القديم، هناك 3 ملايين وحدة يقع معظمها في مناطق حضرية بنحو 2.792 مليون وحدة مقابل 227.4 ألف وحدة في الريف، بينها نحو 2.878 مليون وحدة، لأغراض السكن بنسبة تجاوزت 93%، مقابل 141.1 ألف وحدة للعمل بنظام الإيجار القديم، وفق إحصاءات رسمية سابقة نقلها إعلام محلي.

وتتصدر المراتب الثلاثة الأولى بين محافظات مصر (27 محافظة) التي تشهد أغلبها ذلك النظام، محافظة القاهرة بنحو 1.099 مليون وحدة إيجار قديم، يليها محافظة الجيزة بعدد 562.1 ألف وحدة إيجار قديم موزعة بين 517.3 ألف وحدة في الحضر و44.7 ألف وحدة في الريف، ومحافظة الإسكندرية بعدد 433.7 ألف وحدة سكنية موزعة بين 433.5 ألف وحدة في الحضر و189 وحدة في الريف.

انخفاض مرتقب

المستشار القانوني لجمعية المضارين من قانون الإيجار القديم (غير حكومية)، أحمد البحيري، قال في حديث لـ«إرم بزنس»، إن «القطاع العقاري حالياً يشهد ركوداً، وسيشهد مع تنفيذ الحكم النهائي رواجاً مع الحراك المتوقع مع التغيرات التي ستطرأ على 3 ملايين وحدة سكنية إيجار قديم بعضها تهالك على مدار السنوات الماضية وباتت تحتاج إلى استثمارات وتحديث».

ويرى أن الحكم له 3 فوائد، الأولى للمواطن مع انخفاض في القيمة الإيجارية لكثرة المعروض المتوقع، والثانية للمالك باستفادة مالية أكبر ستضخ بالسوق، والثالثة للدولة بانتعاش خزينتها، خاصة وهي لديها أملاك مؤجرة خاصة بوزارة الأوقاف بأماكن متميزة بالقاهرة بإيجار بين 3 جنيهات و20 جنيهاً (0.40 دولار) رغم أن القيمة الإيجارية الحالية لها تقدر بالآلاف، فضلاً عن الضريبة العقارية المستحقة التي سيتم جمعها بعد الخضوع للقانون الجديد.

ويستبعد أن يذهب المشرع إلى إقرار السعر العادل المتعارف عليه حالياً أو آخر توافقي بشكل متدرج، مرجحاً أن يحدث إلغاء لقانون الإيجار القديم عبر فترات انتقالية بين 5 أو 8 سنوات نشهد خلالها زيادات في القيمة الإيجارية وكل ذلك يفيد السوق العقاري ولا يضره.

ويستغرب أن يقبل سكان الإيجارات القديمة بدفع كل الخدمات والسلع بأسعارها المتغيرة والمرتفعة حالياً، بينما يشتكون من عدم قدرتهم على أي تغيير أو إخلاء للوحدة السكنية، ضارباً مثلاً قال إنه لشخص يدفع نحو 30 جنيهاً (0.60 دولار) في وحدة سكنية إيجار قديم في منطقة راقية بالقاهرة بينما قيمتها الإيجارية الحالية يتجاوز أكثر من ألفي دولار.

وفي 10 نوفمبر الجاري، أظهرت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء في مصر، أن التضخم السنوي في مدن مصر ارتفع قليلاً إلى 26.5% في أكتوبر من 26.4% في سبتمبر الماضي، وذلك للشهر الثاني توالياً.

النائب السابق وأحد من سبق له تقديم مشروع قانون لإنهاء الإيجارات القديم بالبرلمان، إسماعيل نصر الدين، قال لـ«إرم بزنس»، إن الحكم بداية تصحيح للوضع العقاري في مصر، مشيراً إلى أنه لا يعقل أن تكون القيمة الشرائية لكيلو اللحمة 400 جنيه (نحو 8 دولارات)، وإيجار وحدة سكنية بالقانون القديم يصل أحياناً إلى 10 جنيهات (0.20 دولار).

ويتوقع نصر الدين، أن تشهد السوق العقارية رواجاً كبيراً مع إنهاء ثبات القيمة الإيجارية التي عطلت حركة الاقتصاد لعقود، لافتاً إلى أنه اقترح خلال تقديم مشروع القانون تحت قبة البرلمان أن يتم إنشاء صندوق التكافل الإسكاني من جانب الحكومة للأسر التي يثبت أنها غير قادرة تماماً أو جزئياً لدفع المتغيرات المالية الجديدة للإيجار الجديد.

بدوره، قال محمود داود، خبير التطوير العقاري، لـ«إرم بزنس»، إن هناك أكثر من 2 مليون وحدة سكنية على الأقل بمنزلة رأس مال مجمد لا تستغل، بسبب قانون الإيجار القديم بقيمة اقتصادية مهدرة تقدر بنحو تريليون جنيه، مضيفاً: «لا يعقل وحدة سكنية مساحتها 250 متراً تطل على النيل وتقدر حالياً بنحو 50 مليون جنيه (نحو مليون دولار) ومالكها يجني منها 70 جنيهاً شهرياً».

ويرى أن إعادة تأجير تلك الوحدات أو بيعها بعد التأهيل سيحدث حالة رواج بسوق العقارات، خاصة والعرب يحبون منطقة وسط القاهرة التاريخية وقد تكون تلك الأماكن المؤجرة حال إخلائها فيما بعد فنادق تاريخية يمكن ضخ استثمارات عقارية فيها كبيرة وتصير ذات قيمة اقتصادية تنمي السوق العقارية بعدما كانت أموالاً معطلة وديوناً معدومة.

ويختلف مع من يرى أنها ذلك الحراك المتوقع بزيادة المعروض سيحدث انخفاضاً بأسعار العقارات، قائلاً: «المعروض هنا يحسب بمبدأ مختلف عن مسار أن زيادة المعروض يسهم في انخفاض الأسعار، لأن المعروض بعد القانون الجديد لن يكون مقتصراً على المصريين فقط، بل سيزيد بالتبعية من الطالبين لتلك الوحدات، خاصة الموجودة بأماكن راقية وتاريخية مع توقع أن يضخ رأس مال أجنبي بها والأقرب حدوث توازن لا ارتفاع.

ويدعو الخبير العقاري عبد المجيد جادو، في حديث لـ«إرم بزنس» إلى «عدم استباق قراءة التأثير في الأسعار، خاصة وهناك أحاديث عن أن هناك نسبة كبيرة من جملة وحدات الإيجار القديم مغلقة، وهذا معناه أنها غير مستغلة وستعود حسب القانون لأصحابها، وبالتالي سيزيد المعروض والأسعار تقل»، غير مستبعد احتمال أن يحدث توازن في أسعار العقارات بعد القانون، وليس انخفاضاً أو ارتفاعاً مع تحرر العقود الإيجارية من تثبيت قيمتها، في ضوء وجود جاليات عديدة بمصر تؤثر في حركة البيع والشراء بالقطاع العقاري.

ويعول جادو على صدور القانون قبل يونيو 2025 حسب تفسير منطوق الحكم ما يحقق توازناً بين مصلحة المستأجر بالنظام القديم والمالك بما يحافظ على نسيج المجتمع، موضحاً أن القانون سيكون تأثيره في المدن القديمة مثل القاهرة والإسكندرية وغيرهما وليس المدن الجديدة التي لا يطبق فيها القانون القديم نهائياً.

وباعتقاد الخبير العقاري فإن تطبيق السعر العادل مع القانون الجديد سيحدث أزمة اجتماعية في ظل تضخم يتزايد، خاصة مع الأسعار المرتفعة الحالية، لافتاً إلى أن أقل شقة حالياً تباع بداية من 700 ألف جنيه (نحو 14 ألف دولار) و800 ألف (نحو 16 ألف دولار) وصولاً لأرقام فلكية تبدأ أيضاً من 2 مليون جنيه (نحو 40 ألف دولار) والإيجارات تبدأ من ألف جنيه (نحو 20 دولاراً) إلى أرقام تصل إلى 12 ألفاً (243 دولاراً) بالمناطق الشعبية وترتفع حسب المنطقة والاستخدام.

ويقترح جادو، أن تقدم الدولة تسهيلات بشراء أراض في مناطق جديدة كتعويض للملاك أو المستأجرين في النظام القديم لحل الأزمة، وإيجاد تنمية عقارية مستقبلية حال تم الإقبال عليها.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC