تشهد القدرة على تحمل تكاليف السكن في إسطنبول تدهوراً حاداً، إذ بات الأتراك يجدون صعوبة متزايدة في شراء أو استئجار مساكن، بسبب ارتفاع الأسعار وجمود الأجور، بحسب تقرير «رسم خريطة الأسعار العالمية» الصادر عن «دويتشه بنك» (Deutsche Bank).
وأوضح التقرير، الذي نقل عنه موقع AGBI ويقارن تكاليف المعيشة في 69 مدينة حول العالم، أن أسعار العقارات والإيجارات في إسطنبول سجلت ارتفاعاً بين الأعلى عالمياً خلال السنوات الخمس الماضية.
وزاد متوسط سعر المتر المربع لشراء شقة في وسط إسطنبول 103%، من 1492 دولاراً عام 2020 إلى 3036 دولاراً في 2025.
تندرج أزمة الإسكان في تركيا ضمن تحديات اقتصادية أوسع نطاقاً، تتسم بارتفاع معدلات التضخم، وزيادة أسعار الفائدة، وضغوط كبيرة على الموازنة العامة.
وشهدت البلاد سلسلة كوارث طبيعية وبشرية، من بينها زلزال مدمر ضرب المناطق الجنوبية والوسطى قبل عامين، إلى جانب اتباع سياسة نقدية توسعية طويلة الأمد قبيل الانتخابات الرئاسية.
وبحسب التقرير، بلغ معدل التضخم التراكمي في تركيا خلال خمس سنوات 464%، وهو ثاني أعلى معدل بعد الأرجنتين التي سجلت زيادة بنسبة 2614% في مؤشر أسعار المستهلك.
وأدى هذا التضخم المتسارع، بالتوازي مع جمود الأجور، إلى إقصاء عدد متزايد من المواطنين الأتراك من سوق الإسكان.
وتبدو الأوضاع أشد حدة بالنسبة للمستأجرين، إذ ارتفع متوسط الإيجار لشقة مكوّنة من ثلاث غرف نوم بنسبة 193% خلال خمس سنوات، بينما ارتفعت الشقق ذات الغرفة الواحدة ارتفاعاً 178%، وفقاً للتقرير.
يُرجع الخبير الاقتصادي في قطاع العقارات الدكتور أحمد بويوك دومان، هذا التصاعد في الأسعار إلى النقص المزمن في المعروض.
وقال لـ(AGBI): «الطلب يتزايد، لكن المعروض من المساكن الجديدة والميسورة لا يدخل السوق بالوتيرة المطلوبة».
وأشار إلى أن تركيا تشهد سنوياً تكوّن ما بين 500 إلى 550 ألف أسرة جديدة، بينما تحتاج البلاد إلى بناء 800 ألف وحدة سكنية سنوياً لتلبية هذا النمو، وهو ما لا يتحقق حالياً.
يدفع ارتفاع أسعار الفائدة على قروض الإسكان المزيد من الأسر إلى سوق الإيجار، بحسب دومان.
وقال: «في ظل هذه الفوائد المرتفعة، يرتفع الطلب على الإيجارات، ما يؤدي بدوره إلى مزيد من الارتفاع في الأسعار، وهو وضع لا يمكن استمراره».
ولا تقتصر أزمة القدرة الشرائية على قطاع الإسكان فقط، فقد حلّت إسطنبول في المرتبة الرابعة عالمياً من حيث تكلفة شراء سيارة عائلية تقليدية.
كما تصدّرت إسطنبول قائمة أغلى المدن الـ69 التي شملها التقرير في سعر شراء أحدث إصدارات هواتف «آيفون» (iPhone)، ويُعزى ذلك بشكل أساسي إلى الضرائب المرتفعة والرسوم الجمركية المفروضة على التكنولوجيا.
ورغم تصاعد الأسعار، تبقى الرواتب في إسطنبول من بين الأدنى في المدن التي شملها التقرير، إذ جاءت في المرتبة 57.
ووفق تقديرات «دويتشه بنك»، يبلغ متوسط الدخل الشهري في المدينة نحو 934 دولاراً، أي ما يعادل 18% فقط من متوسط الدخل في نيويورك.