يُغير الذكاء الاصطناعي بسرعة طريقة عمل العديد من الشركات في كل القطاعات يومياً. ولا شك في أن بعض أكبر التغييرات تكمن في قطاع التكنولوجيا، حيث تستثمر شركات كبرى عديدة وبكثافة في روبوتات الدردشة الذكية والوظائف ذات الصلة. وبالتالي، قد تكون شركة «ألفابت» الأكثر تأثراً بكل هذا، حيث يُشكل محرك بحث «غوغل» جزءاً كبيراً من أعمالها، ويُحقق عشرات المليارات من الدولارات من عائدات الإعلانات كل سنة. وبما أن الذكاء الاصطناعي قد يُغير طريقة بحث الناس عن الأسئلة وإجراء عمليات البحث، فهل يُمكن أن يُسبب ذلك مشكلات كبيرة لأعمال «ألفابت»؟
تعتمد شركة «أبل» المدرجة في بورصة ناسداك تحت الرمز (AAPL) على «غوغل» كمحرك بحث افتراضي في متصفح «سفاري»، وتتطلع الشركة إلى إضافة خدمات الذكاء الاصطناعي كخيارات بحث محتملة في المستقبل، لأنها تعتقد بأن عمليات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي ستكون هي القاعدة الجديدة، لتحل محل محركات البحث التقليدية. وبسبب هذه الأخبار، انخفضت أسهم «ألفابت» مع قلق المستثمرين من أن ذلك قد يُشكل خطراً كبيراً على الشركة على المدى الطويل.
يرجع ذلك إلى أن الجزء الأكبر من أعمال الإعلانات للشركة يأتي من أعمال البحث، مع العلم أنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، بلغ إجمالي إيرادات الإعلانات لشركة «ألفابت» 66.9 مليار دولار. ومن هذا الإجمالي، جاء 50.7 مليار دولار من بحث «غوغل» وخدمات أخرى، بما في ذلك «جيميل» (Gmail) وخرائط «غوغل» و«غوغل بلاي»، وهو ما يمثل ما يزيد قليلاً على ثلاثة أرباع هذا الرقم. لذلك، قد يؤثر انخفاض حركة البحث بشدة على المبلغ الذي يرغب المعلنون في دفعه لـ«غوغل»، مما سيؤثر سلباً على إيراداتها.
بينما يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورةً في القطاعات والصناعات، قررت «ألفابت» أن تستثمر بكثافة في الذكاء الاصطناعي وروبوت الدردشة «جيميني» (Gemini). وإذا كنت تستخدم بحث «غوغل» اليوم، فقد ترى قسم «نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي» أعلى نتائجك، والذي يُلخص النتائج ويُقدم لك إجابةً مشابهةً لما قد تحصل عليه من روبوتات الدردشة الأخرى.
يُوفر هذا القسم للمستخدمين مزيجاً جيداً من إجابات الذكاء الاصطناعي عن أسئلتهم والنتائج التقليدية القائمة على الروابط التي قد يُفضلها البعض. وهذا يدل على أن «ألفابت» تتكيف مع التغييرات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وهي في وضع جيد للاستفادة منها. وما قد يعزز ذلك، هو أن علامة «غوغل» أصبحت مرادفةً للبحث، وهناك ثقة أكبر بكثير فيها مقارنةً بروبوتات الدردشة الجديدة والقادمة الأخرى، حيث قد يشكك المستخدمون في دقتها. على سبيل المثال، مرّ أكثر من عامين على ظهور «تشات جي بي تي» (ChatGPT)، ولم يكن هناك انخفاض حاد في أعمال «غوغل» الإعلانية يشير إلى أنها في ورطة. بدلاً من ذلك، يستمر نمو أعمال «ألفابت». وبينما قد تخسر بعض أعمالها نتيجةً للذكاء الاصطناعي في المستقبل، يمكنها أيضاً تحسين عمليات البحث الخاصة بها باستخدام «جيميني»، ليس فقط على بحث «غوغل»، ولكن أيضاً على «يوتيوب».
في الختام، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يطرح بالفعل بعض التحديات الجديدة، ولكنه يخلق فرصاً أيضاً. لذلك لا يزال سهم «ألفابت» خياراً جيداً للشراء على المدى الطويل لمن يرغب في الاستثمار بسوق الأسهم.