قد تبدو فكرة إيقاف أجزاء من المحرك أثناء القيادة كمصطلح مستوحى من «السحر الأسود» في عالم السيارات، لكن الحقيقة أنها تقنية واقعية وعملية، بل وتستخدمها العديد من الشركات العالمية منذ عقود، مثل مرسيدس بنز، فولكس فاغن، جنرال موتورز، هوندا، وكرايسلر، في كل شيء بدءاً من محركات V8 الضخمة وصولاً إلى المحركات الصغيرة رباعية الأسطوانات.
ببساطة، تقوم هذه التقنية بإيقاف عمل بعض الأسطوانات عندما لا تكون هناك حاجة لقوة المحرك الكاملة، مثل حالات السير على الطرق السريعة بثبات، مما يساهم في تقليل استهلاك الوقود والانبعاثات الضارة، ويزيد كفاءة التشغيل، وكأن السيارة تسير بمحرك أصغر عند عدم الحاجة للقوة القصوى.
لكن فعالية هذه التقنية في الواقع تختلف كثيراً بحسب نمط القيادة ونوع السيارة. فهي مفيدة للبعض وتوفر لهم بنزيناً مجاناً تقريباً، لكنها قد تكون مصدراً للاهتزازات المزعجة، أو بطء في استجابة الدواسة، أو حتى تآكل ميكانيكي مبكر للبعض الآخر.
في حالة القيادة بسرعة ثابتة على الطرق السريعة، لا يحتاج محرك V8 إلى تشغيل جميع الأسطوانات الثمانية للحفاظ على السرعة. قد تكفي أربع أسطوانات فقط للقيام بالمهمة، مما يعني استهلاكاً أقل للبنزين وانبعاثات أقل، معادلة رابحة للطرفين.
التحكم بعملية الإيقاف يتم عبر وحدة إدارة الطاقة في السيارة، والتي تعتمد على بيانات من حساسات متعددة. وتختلف آليات التنفيذ بين الشركات المصنعة:
وعندما يضغط السائق على دواسة الوقود، تعود كل المكونات للعمل مجدداً وتستفيق الأسطوانات في جزء من الثانية.
يُعَدّ نظام V8-6-4 الذي قدمته كاديلاك في الثمانينيات أول محاولة جدية لتطبيق التقنية، حيث كان يتيح للمحرك العمل بـ8، أو 6، أو 4 أسطوانات حسب الحاجة. لكن النظام كان غير مستقر ومليئاً بالأعطال، خاصة في محرك L62 السيئ السمعة لعام 1981.
مع تطور الإلكترونيات، أصبحت الأنظمة اليوم أكثر دقة وسلاسة. من بين الأنظمة الشائعة حالياً:
وكلها أنظمة خاضعة لتحكم حاسوبي يتيح الانتقال بين الأوضاع بسلاسة ودون تدخل من السائق.
على الورق، تقدّر وزارة الطاقة الأميركية أن هذه التقنية قد تُحسّن استهلاك الوقود بنسبة تصل إلى 7.5%، بينما تدّعي بعض الشركات المصنعة إمكانية الوصول إلى 20% لكن في الواقع، تكون المكاسب عادة أقل من ذلك.
في ظروف القيادة المثالية، مثل الطرق السريعة أو الضغط الخفيف على دواسة البنزين، تقدم التقنية بالفعل نتائج إيجابية، لكن بمجرد دخول السائق في بيئة قيادة مليئة بالتوقف والانطلاق، أو صعود المرتفعات، تبدأ التقنية بفقدان فعاليتها، حيث يعود المحرك للعمل بكامل قوته بشكل متكرر.
بعض المحركات لا تتعامل بسلاسة مع الانتقال بين تشغيل كامل وتشغيل جزئي للأسطوانات. تظهر أحياناً أعراض مثل تأخير في استجابة المحرك، أو خلل في الاشتعال (misfire)، نتيجة تغير ترتيب الاشتعال والاهتزازات الناتجة عنه.
ولمواجهة ذلك، تستخدم شركات مثل هوندا حوامل محرك نشطة وتقنيات إلغاء الضوضاء عبر النظام الصوتي لتقليل تأثير هذه التبدلات.
وهناك أيضاً حالات فشل واضحة، مثل محرك V8 5.3 لتر من GM موديل 2006 الذي واجه مشكلات مع نظام Active Fuel Management، مما أدى إلى استهلاك مفرط للوقود بدلاً من توفيره.
مع تطور الأنظمة، أصبحت تقنيات إيقاف الأسطوانات أكثر موثوقية وفعالية. لكنها لا تزال غير مثالية، وتعتمد فائدتها على ظروف القيادة وسلوك السائق.
في النهاية، إذا كنت تطارد استهلاكاً أقل للوقود، فإن الحفاظ على ضغط الإطارات المثالي والقيادة السلسة قد يحققان نتائج أفضل من الاعتماد على أسطوانات نائمة. فهذه التقنية توفر استهلاكاً فعلياً، لكنها لا تُعوّض عن العادات السيئة خلف المقود.