logo
سيارات

إيقاف الأسطوانات في عالم السيارات.. توفير ذكي أم مشكلة مضمونة؟

إيقاف الأسطوانات في عالم السيارات.. توفير ذكي أم مشكلة مضمونة؟
صورة مقطعية لداخل محرك V8 تظهر فيها الصمامات وغرف الحريق والمكابس في الأسطواناتالمصدر: envato
تاريخ النشر:4 أغسطس 2025, 04:53 م

قد تبدو فكرة إيقاف أجزاء من المحرك أثناء القيادة كمصطلح مستوحى من «السحر الأسود» في عالم السيارات، لكن الحقيقة أنها تقنية واقعية وعملية، بل وتستخدمها العديد من الشركات العالمية منذ عقود، مثل مرسيدس بنز، فولكس فاغن، جنرال موتورز، هوندا، وكرايسلر، في كل شيء بدءاً من محركات V8 الضخمة وصولاً إلى المحركات الصغيرة رباعية الأسطوانات.

كيف تعمل التقنية؟

ببساطة، تقوم هذه التقنية بإيقاف عمل بعض الأسطوانات عندما لا تكون هناك حاجة لقوة المحرك الكاملة، مثل حالات السير على الطرق السريعة بثبات، مما يساهم في تقليل استهلاك الوقود والانبعاثات الضارة، ويزيد كفاءة التشغيل، وكأن السيارة تسير بمحرك أصغر عند عدم الحاجة للقوة القصوى.

لكن فعالية هذه التقنية في الواقع تختلف كثيراً بحسب نمط القيادة ونوع السيارة. فهي مفيدة للبعض وتوفر لهم بنزيناً مجاناً تقريباً، لكنها قد تكون مصدراً للاهتزازات المزعجة، أو بطء في استجابة الدواسة، أو حتى تآكل ميكانيكي مبكر للبعض الآخر.

صورة مقطعية لمحرك تظهر المكبس في الأسطوانة حيث يتم تشغيله وإيقافه عبر وحدة إدارة الطاقة في السيارة.
صورة مقطعية لمحرك تظهر المكبس في الأسطوانة حيث يتم تشغيله وإيقافه عبر وحدة إدارة الطاقة في السيارة. المصدر: envato

عندما تعني «انفجارات أقل» توفيراً أكثر

في حالة القيادة بسرعة ثابتة على الطرق السريعة، لا يحتاج محرك V8 إلى تشغيل جميع الأسطوانات الثمانية للحفاظ على السرعة. قد تكفي أربع أسطوانات فقط للقيام بالمهمة، مما يعني استهلاكاً أقل للبنزين وانبعاثات أقل، معادلة رابحة للطرفين.

التحكم بعملية الإيقاف يتم عبر وحدة إدارة الطاقة في السيارة، والتي تعتمد على بيانات من حساسات متعددة. وتختلف آليات التنفيذ بين الشركات المصنعة:

  • جنرال موتورز تعتمد على ضغط الزيت لإغلاق صمامات الأسطوانات عبر رافعات صمامات خاصة، مما يؤدي إلى «تنويم» الأسطوانة بالكامل.
  • هوندا تستخدم نظاماً لفصل أذرع التشغيل (rocker arms) عن كامات التوقيت باستخدام ضغط الزيت، مما يلغي حركة الصمامات ويمنع الاحتراق في تلك الأسطوانات.

وعندما يضغط السائق على دواسة الوقود، تعود كل المكونات للعمل مجدداً وتستفيق الأسطوانات في جزء من الثانية.

أخبار ذات صلة

أزمة وزن السيارات الحديثة.. تكنولوجيا ضرورية أم عبء خفي؟

أزمة وزن السيارات الحديثة.. تكنولوجيا ضرورية أم عبء خفي؟

التقنية ليست جديدة.. لكن التطوير مستمر

يُعَدّ نظام V8-6-4 الذي قدمته كاديلاك في الثمانينيات أول محاولة جدية لتطبيق التقنية، حيث كان يتيح للمحرك العمل بـ8، أو 6، أو 4 أسطوانات حسب الحاجة. لكن النظام كان غير مستقر ومليئاً بالأعطال، خاصة في محرك L62 السيئ السمعة لعام 1981.

مع تطور الإلكترونيات، أصبحت الأنظمة اليوم أكثر دقة وسلاسة. من بين الأنظمة الشائعة حالياً:

  • Active Fuel Management  وDynamic Fuel Management  من GM
  • Variable Cylinder Management  من هوندا
  • Active Cylinder Technology  من فولكس فاغن
  • Multi-Displacement System  من كرايسلر

وكلها أنظمة خاضعة لتحكم حاسوبي يتيح الانتقال بين الأوضاع بسلاسة ودون تدخل من السائق. 

اقتصاد ورقي... وواقع معقد

على الورق، تقدّر وزارة الطاقة الأميركية أن هذه التقنية قد تُحسّن استهلاك الوقود بنسبة تصل إلى 7.5%، بينما تدّعي بعض الشركات المصنعة إمكانية الوصول إلى 20% لكن في الواقع، تكون المكاسب عادة أقل من ذلك.

في ظروف القيادة المثالية، مثل الطرق السريعة أو الضغط الخفيف على دواسة البنزين، تقدم التقنية بالفعل نتائج إيجابية، لكن بمجرد دخول السائق في بيئة قيادة مليئة بالتوقف والانطلاق، أو صعود المرتفعات، تبدأ التقنية بفقدان فعاليتها، حيث يعود المحرك للعمل بكامل قوته بشكل متكرر.

مشاكل محتملة في الأداء والاعتمادية

بعض المحركات لا تتعامل بسلاسة مع الانتقال بين تشغيل كامل وتشغيل جزئي للأسطوانات. تظهر أحياناً أعراض مثل تأخير في استجابة المحرك، أو خلل في الاشتعال (misfire)، نتيجة تغير ترتيب الاشتعال والاهتزازات الناتجة عنه.

ولمواجهة ذلك، تستخدم شركات مثل هوندا حوامل محرك نشطة وتقنيات إلغاء الضوضاء عبر النظام الصوتي لتقليل تأثير هذه التبدلات.

وهناك أيضاً حالات فشل واضحة، مثل محرك V8 5.3 لتر من GM موديل 2006 الذي واجه مشكلات مع نظام Active Fuel Management، مما أدى إلى استهلاك مفرط للوقود بدلاً من توفيره.

أخبار ذات صلة

لماذا تشعرك السيارات الكهربائية بالغثيان؟ العلم يكشف السر

لماذا تشعرك السيارات الكهربائية بالغثيان؟ العلم يكشف السر

الخلاصة: تقنية مفيدة، ولكن ليست للجميع

مع تطور الأنظمة، أصبحت تقنيات إيقاف الأسطوانات أكثر موثوقية وفعالية. لكنها لا تزال غير مثالية، وتعتمد فائدتها على ظروف القيادة وسلوك السائق.

في النهاية، إذا كنت تطارد استهلاكاً أقل للوقود، فإن الحفاظ على ضغط الإطارات المثالي والقيادة السلسة قد يحققان نتائج أفضل من الاعتماد على أسطوانات نائمة. فهذه التقنية توفر استهلاكاً فعلياً، لكنها لا تُعوّض عن العادات السيئة خلف المقود.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC