logo
اقتصاد

«الفيدرالي» الأميركي تحت الضغط وسط طرح عشوائي للرسوم الجمركية

«الفيدرالي» الأميركي تحت الضغط وسط طرح عشوائي للرسوم الجمركية
جيروم باول بعد ترشيحه لمنصب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حديقة البيت الأبيض في واشنطن العاصمة يوم 2 نوفمبر 2017.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:6 مايو 2025, 12:04 م

يجد الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) نفسه أمام معضلة صعبة نتيجة الطرح العشوائي لسياسة الرسوم الجمركية التي أقرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب: هل يتعين على البنك المركزي أن يركز على معالجة ركود اقتصادي محتمل، أم مواجهة فترة من الركود التضخمي؟

سيناقش مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي هذه المفاضلة الدقيقة خلال اجتماع السياسة النقدية الذي يستمر يومين هذا الأسبوع، في وقت يستمر فيه رئيس الفيدرالي جيروم باول وزملاؤه في اتباع سياسة «الترقب والانتظار» فيما يخص خفض أسعار الفائدة، وذلك تفادياً للتخلي المبكر عن معركتهم ضد التضخم.

يشبه هذا الموقف ما يُعرف بـ«معضلة حارس المرمى»: هل يقفز نحو اليمين، ويُبقي على أسعار الفائدة المرتفعة لمواجهة التضخم؟ أم يقفز نحو اليسار، ويخفض الفائدة لدعم النمو؟ يقول باول عن هذه المفاضلة: «سنتخذ قراراً سيكون بلا شك صعباً للغاية».

أخبار ذات صلة

في حالة إقالة باول.. من هو مرشح ترامب لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي؟

في حالة إقالة باول.. من هو مرشح ترامب لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي؟

 التحرك المبكر 

غير أن التحرك المبكر لدعم الاقتصاد قد يفاقم الضغوط التضخمية على المدى القصير بفعل الرسوم الجمركية أو النقص في الإمدادات. وفي هذا السياق، يقول ريتشارد كلاريدا، النائب السابق لباول، إن «الاحتياطي الفيدرالي لن يبادر إلى الخفض استباقياً بناءً على مجرد توقعات بتباطؤ الاقتصاد، بل سيتطلب الأمر بيانات ملموسة، وخاصةً من سوق العمل».

ومع ذلك، فإن الانتظار حتى تظهر علامات واضحة على الضعف الاقتصادي، يحمل في طياته مخاطرة بحدوث ركود أعمق. وتوضح لايل برينارد، التي شغلت منصب نائبة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي لوور ستريت جورنال أن «سجل باول في قيادة البنك خلال السنوات السبع الماضية يُظهر أنه يفضّل التأكد من البيانات أولاً، ثم التحرك بسرعة إذا تدهورت سوق العمل بشكل واضح».

في بعض الأحيان، يتخذ الاحتياطي الفيدرالي قراراته من منطلق تعظيم الفوائد، كما حدث العام الماضي عندما خفض أسعار الفائدة تزامناً مع تراجع التضخم. وفي أحيان أخرى، يكون التركيز على تقليل الخسائر المحتملة، كما حدث بين عامي 2022 و2023، عندما رفع الفائدة بقوة مخاطراً بحدوث ركود لمنع ترسيخ التضخم المرتفع.

الرسوم الجمركية

لكن الرسوم الجمركية قد تجبر الفيدرالي على تبني السيناريو الثاني. فالضرائب على الواردات ترفع الأسعار مؤقتاً، بينما تُضعف الثقة الاقتصادية بفعل التنفيذ المفاجئ، مما يخلق بيئة شبيهة بالركود التضخمي. وقد يؤدي ذلك إلى تردد المسؤولين في خفض الفائدة تحسباً لتحول الزيادة المؤقتة في الأسعار إلى زيادات مستدامة.

ومن الأسئلة المفتوحة حالياً: إلى أي مدى سيكون الفيدرالي مستعداً للتحرك إذا ظهرت أدلة ملموسة على تدهور سوق العمل؟ إذ كلما ارتفعت معدلات البطالة، تزايدت المبررات لتحفيز الاقتصاد بخفض الفائدة.

ويواجه صانعو السياسة تحدياً كبيراً يتمثل في تقدير مدى ومدة الضغوط السعرية الناتجة عن الرسوم الجمركية واختناقات سلاسل الإمداد. ويعتقد مسؤولو الفيدرالي أن توقعات المستهلكين والشركات بشأن التضخم تؤثر فعلاً على مجريات الأمور؛ فكلما كانت هذه التوقعات «ثابتة»، كان من الأسهل السيطرة على التضخم.

وتحذر برينارد من أن «القيود التي تواجه الفيدرالي اليوم أشد مما كانت عليه قبل خمس سنوات، بسبب فترة التضخم المرتفع الأخيرة». 

وأضافت أن أي قرار بخفض الفائدة سيتوقف على مدى ارتفاع التضخم فعلياً، مشيرة إلى أن التوقعات التضخمية قد تكون أقل استقراراً مما تبدو عليه.

وتزداد الأمور تعقيداً مع تصريحات ترامب الذي سخر من باول واصفاً إياه بـ«السيد المتأخر دائماً»، معبّراً عن رفضه لاستراتيجية الفيدرالي الحالية.

وفيما يتعلق بالتواصل، يواجه باول معضلة أخرى: التلميح إلى الاستعداد لخفض الفائدة قد لا يساهم في تهدئة التباطؤ الناتج عن الرسوم الجمركية، بينما التشدد في الخطاب لمواجهة التضخم قد يؤثر على سلوك تحديد الأسعار والأجور في الأسواق.

ويرى روبرت كابلان، الرئيس السابق لفرع الفيدرالي في دالاس، أنه «حتى لو كنتُ أفكر في خفض الفائدة، فإنني سأتحدث بلهجة متشددة للحفاظ على ثبات التوقعات التضخمية».

أخبار ذات صلة

ترامب أم «الفيدرالي».. لمن يدين الدولار بالولاء الآن؟

ترامب أم «الفيدرالي».. لمن يدين الدولار بالولاء الآن؟

 

لا مكان لخفض الفائدة

ويتفق مسؤولو الفيدرالي على أنه لا مكان لخفض الفائدة في الوقت الراهن، ما لم تظهر أدلة واضحة على تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي وارتفاع معدلات البطالة.

لكن الخلافات بدأت تظهر حول ما إذا كانت الزيادات في الأسعار الناجمة عن الرسوم والنقص ستكون مؤقتة. فسرعة واستجابة الفيدرالي لأي تدهور في سوق العمل ستتوقف على هذه التقديرات.

من جانبه، يرى عضو مجلس محافظي الفيدرالي كريستوفر والر أن الرسوم الجمركية لن ترفع الأسعار إلى ما بعد نهاية هذا العام. وهو الوحيد حالياً الذي يطالب علناً بأن يكون البنك المركزي مستعداً لدعم النمو إذا لزم الأمر. لكنه يقرّ بأن الموقف الحالي مختلف تماماً عن صدمة إعادة الفتح في عام 2021، عندما ترافقت اختلالات حادة في الأسواق مع ارتفاع التضخم بشكل غير مسبوق.

أما رئيسة فرع الفيدرالي في كليفلاند، بيث هاماك، فقالت مؤخراً: «أفضل التحرك ببطء وبالاتجاه الصحيح، على أن أتحرك بسرعة وبالاتجاه الخاطئ»، في إشارة إلى حذرها من رد فعل متسرّع.

ويعكس هذا الحذر مخاوف مزدوجة: من احتمال ارتفاع توقعات التضخم بما يصعّب خفضه لاحقاً، ومن أن تؤدي اضطرابات العرض إلى زيادات أكبر في الأسعار.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC