من المتوقع أن ينتقل 9800 مليونير إلى الإمارات بنهاية العام الحالي
من المتوقع أن تجذب المملكة العربية السعودية 2400 مليونير هذا العام، مقارنة بـ300 مليونير فقط بنهاية العام الماضي، أي بزيادة تصل إلى 8 أضعاف، بحسب تقرير «هينلي لهجرة الثروات الخاصة 2025» الصادر عن شركة «هينلي آند بارتنرز».
بدورها، تصدّرت دولة الإمارات العربية المتحدة، قائمة دول العالم في جذب الأفراد الأثرياء، حيث توقّع التقرير، أن ينتقل إليها 9800 مليونير بحلول نهاية هذا العام، إذ أن السياسات الضريبية المواتية، وأسلوب الحياة الفاخر، والمراكز المالية المتنامية، مثل دبي، وأبو ظبي تجعلها وجهة جذابة جداً.
تحتل السعودية، وفق التقرير، المركز الأول لجهة الأسرع نمواً في عدد الأثرياء المتوقع جذبهم، والذين يملكون ثروات مجتمعة تبلغ قيمتها 18.4 مليار دولار.
يُعزى هذا النمو إلى أجندة «رؤية 2030» الطموحة، والإصلاحات المؤيدة للأعمال، وتنامي الفرص الاستثمارية، لا سيما في كل من الرياض وجدة.
فقد خلصت شركة «نايت فرانك» في تقرير لها عن السوق السعودية، إلى أن «رؤية السعودية 2030» تُعد مخططاً شاملاً للتحوّل الاقتصادي، كونه صُمم لوضع المملكة في مصافّ أكثر الاقتصادات حيوية وتطلعاً في العالم.
وذكرت، أن هذه الاستراتيجية الطموحة تهدف إلى تنويع الاقتصاد من خلال تقليص الاعتماد الكبير على إيرادات الهيدروكربونات مع الحفاظ على التراث الثقافي والتقاليد العريقة للمملكة.
ونوّهت الشركة، بأنه في صلب «رؤية 2030» يأتي هدف تحسين مستويات المعيشة للمواطنين السعوديين، مع التركيز القوي على قطاع العقارات باعتباره محركاً للنمو الاقتصادي.
تُبرز الاستراتيجية، أهمية تطوير البنية التحتية، وزيادة نسبة تملّك المساكن، وتوسيع نطاق الوصول إلى الإسكان عالي الجودة في مختلف أنحاء المملكة.
وقد أطلقت «الرؤية» حتى الآن 35 مشروعاً كبيراً في مجالي العقارات والبنية التحتية، تُعرف باسم «المشاريع العملاقة»، وتُجسّد هذه المشاريع حجم الطموح الذي يشهده التحوّل الجاري، لا سيما مشروع «نيوم» المستقبلي، والذي يُقدّر حجمه بـ500 مليار دولار، وتُضاهي مساحته مساحة دولة مثل بلجيكا، ويعد بإعادة تعريف أسلوب الحياة الحضرية من خلال الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة، والاستدامة، والابتكار في آن معاً.
من ناحيتها، قالت مجموعة «تي إم إف» إن السعودية، إلى جانب عدد من الدول بينها المملكة المتحدة، وهولندا في أوروبا، ومصر، وأستراليا، وهونغ كونغ، قد تكون مراكز ربط تجارية جديدة، وتستفيد من فوضى الرسوم الجمركية الأميركية.
وأرجعت ذلك إلى تميّز هذه الدول بمستوى منخفض من التعقيد التنظيمي، ما يعكس بيئة مؤاتية للأعمال في ظل فائض تجاري منخفض مع الولايات المتحدة، ما يقلل من احتمالية اتخاذ إجراءات انتقامية ضدها، إضافة إلى امتلاكها لاقتصادات ذات حجم معقول، ومستوى كافٍ من التطور، يسمح بتنفيذ أنشطة متنوعة على نطاق واسع، واستيعاب الاستثمارات دون أن يؤدي ذلك إلى فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة. كما أن موقف هذه الدول متعدد الأقطاب، يُتيح لها التعامل مع كتل تجارية مختلفة.
تُعد هجرة الاستثمارات، واحدة من أبرز أسباب هجرة الأثرياء لمتابعة أعمالهم، خاصة مع الحوافز التي تمنحها السعودية، وقد أسهمت القوانين الاقتصادية الحديثة في دعم نمو القطاع الخاص، بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية 2030».
وقال مصدر في أحد بنوك الاستثمار المصرية، إن السعودية أجرت تعديلات تشريعية وتنظيمية كبيرة جعلت بيئة الأعمال بها سلسة، بجانب اهتمامها بتطوير أسواق المال، ما خلق فرصاً استثمارية جاذبة للمستثمرين.
وأوضح، أن تحسّن ترتيب السعودية في مؤشرات إنفاذ القانون، وكذلك حقوق الملكية الفكرية، كان عاملاً أيضاً في طمأنة المستثمرين، وأصحاب الثروات، خاصة مع التوترات في الدول التي اعتادت أن تكون مركزاً لجذب الثروات مثل المملكة المتحدة، وأميركا.
تقدّمت السعودية 14 مرتبة في مؤشر «إنفاذ حقوق الملكية الفكرية» لتصل إلى المركز 13 عالمياً، وفقاً لتقرير الكتاب «السنوي للتنافسية العالمية» لعام 2025 الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية.
كما حققت قفزة لافتة في تقرير «مؤشر الملكية الفكرية الدولي» للعام 2025 والصادر عن غرفة التجارة الأميركية، حيث سجلت ارتفاعاً بنسبة 17.55% في التقييم العام، لتصبح من أكثر الدول تقدماً بين 55 اقتصاداً شملها التقرير.
وفي شهر ديسمبر من عام 2023، دخل القانون المدني السعودي الجديد حيّز التنفيذ، منهياً العمل بالإرشادات السابقة التي منحت القضاة، صلاحيات واسعة للحكم استناداً إلى الشريعة فقط في القضايا التجارية.
ويمثل هذا التغيير نقطة تحوّل مهمة للمؤسسات المالية، حيث يوفّر وضوحاً قانونياً أكبر للاستثمار، رغم أن ثقة السوق لا تزال بحاجة إلى وقت لترسيخها مع التطبيق العملي للقانون، بحسب تقرير لمجموعة «أوكسفورد غروب».
كما دخل حيّز التنفيذ نظام الشركات الجديد، الذي يتيح تأسيس شركات مساهمة مبسطة دون حد أدنى لرأس المال.
ويمنح القانون المدني الجديد المستثمرين حقوقاً تعاقدية أكثر وضوحاً، مثل إمكانية الانسحاب من الاستثمارات عبر شروط مسبقة، أو إلزام المساهمين الأقلية بالانضمام إلى عملية بيع الشركة.
كما يتم تحديد قيمة التعويضات بناءً على ما ورد في العقود، باستثناء حالات الاحتيال أو الإهمال الجسيم، ويمنح القانون المقاولين الحق في التوقف عن العمل في حال تأخر السداد.
واعتباراً من شهر يناير من عام 2024، بدأ تطبيق تنظيم جديد يُلزم الشركات الأجنبية، التي تمتلك عمليات خارجية تتجاوز مليون ريال، وترغب في التقدّم للمناقصات الحكومية، بإنشاء مقر إقليمي داخل المملكة.
وتستهدف السعودية جذب 480 شركة عالمية بحلول عام 2030، مع توفير حوافز، منها إعفاء ضريبي لمدة 30 عاماً، وإعفاء من ضرائب التحويلات للمستثمرين الأجانب الحاصلين على ترخيص من وزارة الاستثمار.
في شهر أغسطس من عام 2024، صدر قانون استثمار جديد، بدأ تطبيقه في فبراير الماضي، ويهدف إلى تعزيز العدالة بين المستثمرين المحليين والأجانب.
ويلغي القانون شرط الحصول على رخصة «استثمار أجنبي» ويكتفي بالتسجيل لدى وزارة الاستثمار، كما يوفّر حوافز استثمارية إضافية، ويتيح استخدام وسائل بديلة لتسوية النزاعات بين المستثمرين.
قالت شركة الاستشارات العالمية «كابجيميني» إن جاذبية منطقة الشرق الأوسط في تزايد مستمر بالنسبة للجيل الجديد من أصحاب الثروات العالية، مشيرة إلى أن الاستقرار الاقتصادي والأمن الجيوسياسي، يُعدان من أبرز دوافع اهتمام المستثمرين بالمنطقة.
وأشارت، إلى أن جهود المملكة لجذب رؤوس الأموال العالمية عبر استراتيجيات تنويع الاقتصاد جعلتها مركزاً صاعداً لرؤوس الأموال الدولية.
كما أكدت «كابجيميني» أن دولة الإمارات تستفيد من ناحيتها أيضاً من هذه التوجهات، حيث تسعى اقتصادات الخليج إلى استقطاب المستثمرين العالميين الذين يبحثون عن أسواق نمو مرتفعة وبيئة مالية مستقرة.