مليار دولار إيرادات متوقعة لقطاع السينما السعودي سنوياً
منذ إعادة فتح دور العرض في عام 2018، نجحت المملكة العربية السعودية في بناء أحد أكبر أسواق السينما في المنطقة، إذ تحتضن اليوم 630 شاشة عرض تخدم أكثر من 35 مليون نسمة، وتقدّم مجموعة متنوعة من الأفلام العالمية والعربية، من بينها إنتاجات سعودية متزايدة.
بحسب شركة التحليلات الإعلامية «كومسكور» (Comscore)، يُتوقع أن ينمو سوق السينما السعودي بمعدل سنوي يبلغ 17%. كما تشير التقديرات إلى ارتفاع عدد دور السينما من 64 حالياً إلى 350 بحلول عام 2030، فيما يُتوقع أن تصل الإيرادات السنوية إلى مليار دولار.
وفقاً لتقرير نشره موقع (AGBI)، يُنتظر أن ينعكس هذا النمو على مستوى أوسع في منطقة الشرق الأوسط، حيث يُتوقع أن يتضاعف حجم سوق السينما الإقليمي بحلول عام 2033.
ويشكّل هذا التوسع السريع فرصة كبيرة لصنّاع السينما العرب. فرغم هيمنة الأفلام الأميركية على شباك التذاكر السعودي بنسبة تقارب 60%، فإن الأفلام المصرية والسعودية تمثل الآن مجتمعة 33% من السوق؛ ما يجعلها ثاني وثالث أكبر مصادر الإنتاج على التوالي. ويعكس ذلك فرصاً جديدة أمام المنتجين في المنطقة لتوسيع أعمالهم وتعزيز حضورهم.
ولا تقتصر طموحات المملكة على تلبية الطلب المحلي، بل تسعى لبناء صناعة سينمائية قادرة على إنتاج أفلام عربية قابلة للتسويق دولياً.
يتجلّى هذا التوجه في فيلم الأكشن الضخم «7 دوغز» (7 Dogs)، من بطولة النجمين المصريين كريم عبد العزيز وأحمد عز، إلى جانب الممثلة العالمية مونيكا بيلوتشي والممثل ماكس هوانغ.
الفيلم من إخراج عادل العربي وبلال فلاح، اللذين سبق لهما إخراج فيلم «باد بويز: رايد أور داي» (Bad Boys: Ride or Die). وقد بدأ تصويره في وقت سابق من هذا العام، بميزانية تتجاوز 40 مليون دولار؛ ما يجعله الأضخم في تاريخ السينما العربية من حيث التمويل.
وأوضح أشرف زيتون، المنتج السينمائي والشريك في شركة «كوكب إنترتينمنت» (Kawkab Entertainment) السعودية، أن «الميزة الكبرى لدى السعودية هي توفر المال».
تضخ المملكة استثمارات ضخمة في هذا القطاع من خلال مبادرات تمويلية ومشاريع بنية تحتية. ففي عام 2023، أطلقت الحكومة «الصندوق الاستثماري الكبير» برأسمال أولي بلغ 130 مليون دولار لدعم إنتاج الأفلام العربية في المنطقة.
في الوقت نفسه، تعمل المملكة على إنشاء أربعة مجمّعات ضخمة لاستوديوهات الإنتاج، هي: «استوديوهات الحصن» في الرياض، و«استوديوهات العلا»، و«استوديوهات نيوم»، و«استوديوهات جاكس للأفلام» التي يُتوقع افتتاحها في الرياض في وقت لاحق من هذا العام.
كما تقدم السعودية حوافز مالية سخية لجذب الإنتاجات الأجنبية، تشمل استرداداً نقدياً قد يصل إلى 40% من تكاليف الإنتاج، في خطوة تهدف إلى منافسة مراكز السينما التقليدية في المنطقة، مثل: مصر والمغرب.
ويضيف زيتون: «لقد ألقت السعودية حجراً كبيراً في بركة راكدة، وغيّرت المعادلة تماماً».
وقد دفعت هذه التحولات المفاجئة دولاً مجاورة إلى التحرّك لمواكبة المنافسة. ففي ديسمبر 2024، أعلنت «لجنة أبوظبي للأفلام» عن تعزيز برنامج الحوافز لديها ليشمل استرداداً نقدياً يصل إلى 50% من التكاليف لصالح الشركات المحلية. وفي مايو 2025، أطلقت العراق «هيئة أفلام إقليم كردستان – السليمانية» لدعم المخرجين المحليين والشركات الدولية الراغبة في التصوير داخل الإقليم.
كما أعلنت قطر عن خطط لتنظيم فعالية سينمائية جديدة في نوفمبر 2025، لمنافسة «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» في جدة، و«مهرجان الجونة السينمائي» في مصر، و«المهرجان الدولي للفيلم بمراكش» في المغرب.
ويختتم زيتون: «تشهد السوق تحولات متسارعة، وكل ذلك نتيجة دخول لاعب جديد يتمتع بإمكانات كبيرة وطموح واضح لحجز موقع مؤثر ضمن السوق الإقليمية».