logo
اقتصاد

أزمة في ألمانيا.. 2.9 مليون شاب من دون مؤهل مهني

أزمة في ألمانيا.. 2.9 مليون شاب من دون مؤهل مهني
متسوقون في وسط مدينة دوسلدورف، ألمانيا – 14 أبريل 2022المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:26 مايو 2025, 04:18 م

كشفت تقارير رسمية في ألمانيا عن ارتفاع غير مسبوق في أعداد الشباب غير المؤهلين مهنياً، ما يهدد استقرار سوق العمل ويكشف عن ثغرات هيكلية في نظام التدريب المهني الذي لطالما اعتُبر نموذجاً ناجحاً في أوروبا.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن نحو 2.9 مليون شاب وشابة تحت سن 35 عاماً في ألمانيا لا يمتلكون أي مؤهل مهني معتمد، في رقم قياسي يعد الأعلى منذ أكثر من عقد.

وتُظهر هذه الأرقام اتساع الفجوة بين ما يُعرض من برامج تدريبية وسوق العمل من جهة، وتطلعات الشباب من جهة أخرى، رغم أن معدل بطالة الشباب لا يزال منخفضاً نسبياً ويبلغ 6.5%، مقارنةً بـ17.6% في فرنسا و14.5% كمعدل أوروبي عام.

ويقوم نظام التدريب المهني الألماني، المعروف باسم «النظام الثنائي»، على الجمع بين التعليم النظري في المدارس المهنية (Berufsschule) والتدريب العملي داخل الشركات، وشارك فيه نحو 1.2 مليون شاب خلال عام 2023. إلا أن هذا النموذج بدأ يشهد تراجعاً ملحوظاً، إذ ارتفع عدد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و34 عاماً من دون أي مؤهل مهني من 1.9 مليون في عام 2015 إلى نحو 2.9 مليون في عام 2024، أي ما يعادل 19% من هذه الفئة العمرية.

من بين هؤلاء مليون شاب لا يعملون ولا يدرسون، في حين يعمل 1.9 مليون آخرون في وظائف مؤقتة أو غير مستقرة، وغالباً في مهام بسيطة معرضة للبطالة والفقر، مثل خدمات التوصيل والعمل بالمطاعم.

في المقابل، تعاني الشركات نقصاً في المتدربين، إذ بقي 14% من المقاعد التدريبية غير مشغولة، لا سيما في قطاعات البناء، والرعاية الصحية، والفندقة والمطاعم.

وتعود أسباب هذه الظاهرة – وفقاً لتقرير وكالة التوظيف الفيدرالية الصادر في مارس 2025 – إلى صعوبة دمج الشباب من أصول مهاجرة، الذين تدفقوا بأعداد كبيرة منذ عام 2015 في نظام التدريب.

كما أن ضعف تعليم اللغة الألمانية وعدم كفاية التأهيل الأكاديمي الأولي يعوق دخول هؤلاء الشباب إلى سوق التدريب.

ويشير التقرير إلى أن «نظام التعليم في ألمانيا لا يزال مرتبطاً بشكل كبير بمستوى تعليم الوالدين، ما ينعكس سلباً على فرص أبناء الأسر المهاجرة».

إلى جانب ذلك، يشكل الاعتراف بالشهادات المهنية المكتسبة في الخارج تحدياً بيروقراطياً، إذ تفشل السلطات في معادلتها بسهولة بسبب خصوصية النظام الألماني.

ويعمل كثير من الأجانب المؤهلين في وظائف أدنى من كفاءاتهم، مثل سائقي سيارات الأجرة وعاملي التوصيل في المدن الكبرى.

ويؤكد يان كروغر، مدير قسم التدريب في «اتحاد النقابات العمالية الألمانية» (DGB) ، أن «الإجراءات البيروقراطية تعيق دمج الشباب الأجانب، ما يجعلهم محسوبين على فئة غير المؤهلين، رغم امتلاكهم مهارات فعلية».

ودعا كروغر في تصريحات له إلى إطلاق «حملة شاملة للتدريب» تستهدف هذه الفئة.

من ناحية أخرى، تسهم ظروف العمل غير الجذابة في العزوف عن برامج التدريب، فقد بلغت نسبة فسخ عقود التدريب المهني 29.5% في عام 2022 مقارنة بأقل من 10% في 2005.

ويرجع ذلك إلى أن بعض التخصصات تتطلب عملاً بدنياً أو تتم في أوقات غير مناسبة، بينما لا تتجاوز رواتب المتدربين في السنة الأولى 680 يورو شهرياً، وهو أقل بكثير من دخل العامل غير المؤهل الذي قد يتجاوز 1,500 يورو في الفترة نفسها.

وحذّر كروغر من استمرار هذا الاتجاه، مشيراً إلى أن عدداً من أصحاب العمل مطالبون بتحسين جودة برامج التدريب، وإلا فإن ألمانيا ستفقد جيلاً كاملاً من العمال المؤهلين، ما يفاقم أزمة نقص اليد العاملة على المدى الطويل.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC