logo
اقتصاد

اقتصاد تونس يئن.. ترقب لزيارة صندوق النقد ومخاوف من مطالبه

اقتصاد تونس يئن.. ترقب لزيارة صندوق النقد ومخاوف من مطالبه
تاريخ النشر:27 أكتوبر 2023, 07:10 م
تعاني تونس أزمات اقتصادية طاحنة، خاصة ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم، بالتوازي مع ضرورة الوفاء بسداد الالتزامات الخارجية من الديون.

ومن المقرر أن تزور بعثة جديدة لصندوق النقد الدولي تونس، ديسمبر المقبل من أجل لقاء السلطات وتقييم أحدث التطورات الاقتصادية.

يأتي ذلك في وقت تنتظر فيه تونس إقرار برنامج قرض صندوق النقد الدولي منذ أكثر من عام، وهو البرنامج المتعثر على وقع الرفض التونسي للاشتراطات المرتبطة بالإصلاحات الاقتصادية من جانب الصندوق، وعلى رأسها ملف الدعم.

وقبل عام توصلت تونس لاتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي، بخصوص برنامج قرض قيمته 1.9 مليار دولار، لكن حتى الآن لم يتم إقرار البرنامج، فيما لا تتوافق تونس مع الصندوق بخصوص تنفيذ الإصلاحات اللازمة للحصول على هذا التمويل، في وقت تعصف فيه أزمة اقتصادية شاملة بالبلد الذي يئن تحت وطأة أزمات متعددة منذ 2011.

وتقدر الموازنة العامة في تونس خلال العام المالي الجاري حجم الاحتياجات المالية في حدود 24.3 مليار دينار (7.81 مليار دولار)، بينما سترفع الحكومة احتياجاتها من القروض الخارجية من 10.5 مليار دينار (3.32 مليار دولار) في 2023 إلى 16.4 مليار دينار (5.19 مليار دولار) في 2024.

مشروع الموازنة بدون قرض الصندوق

ولم يتضمن مشروع موازنة 2024 الذي تم الإعلان عنه مؤخرا، أي إشارة لقرض صندوق النقد الدولي، لكنه أظهر توقعات بنمو الاقتصاد التونسي 2.1% مقابل 0.9 % في 2023، مع الإبقاء على نفس نفقات دعم الوقود والكهرباء والغذاء، فضلاً عن رفع الضرائب على الفنادق والبنوك وشركات المشروبات الكحولية، كما تتطلع تونس إلى خفض عجز الموازنة إلى 6.6% في 2024.

وتسعى الحكومة إلى خفض فاتورة الأجور العامة إلى 13.5% العام المقبل مقابل 14.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023، في خط متوازي مع ترشيد الزيادات في الأجور وحصر باب التشغيل للقطاعات ذات الأولوية.

ويتعين على تونس، أن تسدد سندات بقيمة 500 مليون يورو، تستحق في أكتوبر، وأخرى بقيمة 850 مليون يورو تستحق في فبراير.

وسجلت خدمة الدين الخارجي ارتفاعاً بنسبة 19.6% في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام على أساس سنوي، مسجلة 7.6 مليار دينار (2.39 مليار دولار)، وفق بيانات البنك المركزي التونسي.

خفض التصنيف الائتماني

وخفّضت وكالة فيتش، منتصف العام الجاري، تصنيف تونس الائتماني من CCC+ إلى CCC- بسبب تأخيرات في المفاوضات للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي.

واعتبر محافظ البنك المركزي مروان العباسي، أنّ الزيارة التي سيقوم بها فريق من صندوق النقد الدولي إلى تونس، من 5 إلى 17 ديسمبر المقبل، تعد إشارة إيجابية على إعادة التواصل بين الطرفين.

وأوضح أن هذه الزيارة ستتم في إطار المادة الرابعة للصندوق، المتعلّقة بمراجعة أداء الاقتصاد التونسي وإصدار تقرير في الغرض.

تداعيات اقتصادية وخيمة

في هذا الصدد، قال أيمن العبروقي الكاتب والمحلل التونسي، إن زيارة وفد صندوق النقد الدولي لتونس ليس لها علاقة مباشرة بالمفاوضات على القرض الذي تبلغ قيمته 1.9 مليار دولار، بل تندرج هذه الزيارة ضمن المادة الرابعة التي تقوم بها الدول الأعضاء في الصندوق، وسيقوم الوفد الزائر بمراجعة الوضع الاقتصادي في تونس وإصدار تقرير في هذا الغرض.

وبالنسبة للمفاوضات مع صندوق النقد، أشار العبروقي، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، إلى أنها وصلت إلى طريق مسدود خاصة وأن رئيس الجمهورية، قيس سعيد، أعلن صراحة أنه يرفض رفع الدعم عن المحروقات والمواد الأساسية، لأن ذلك ستكون له تداعيات وخيمة على الوضع الاجتماعي وسيفجر الأوضاع.

وتابع: "كما أن اتحاد الشغل أكبر هيكل نقابي في البلاد عبر في عدة مناسبات أنه سيتصدى لأي اتفاق تعقده الحكومة التونسية مع صندوق النقد، والذي قد يتضمن التفريط في المؤسسات العمومية ورفع الدعم"، لكن يرى مراقبون أن هذه الزيارة قد تكون فرصة لإذابة الجليد في العلاقة بين تونس وهذه المؤسسة المالية لبحث سبل استئناف المفاوضات مثلما صرح محافظ البنك المركزي مروان العباسي، إنما المفاوضات حول القرض فشلت وعُلقت منذ أشهر.

وأوضح العبروقي أن عدم حصول تونس على هذا القرض كانت له تداعيات سلبية فيما يتعلق بالتصنيف الائتماني السيادي وإيجاد تمويلات من الأسواق المالية الخارجية والدول الشقيقة والصديقة، والذي سيظل رهن حدوث اتفاق بين تونس وصندوق النقد الدولي.

أزمات متوقعة

بدوره، قال الخبير الاقتصادي، أحمد خزيم، إن تونس تعاني حاليا من عدة مشاكل أبرزها أن عناصر الإنتاج تعتمد فيها على السياحة بشكل رئيسي، وغياب المجلس التشريعي وعدم الاستقرار السياسي، ما أدى إلى وجود اختلافات حول ما قُدم إلى صندوق النقد الدولي باحتياجات البلاد في برنامج إصلاح اقتصادي يبدأ بـ 2 مليار دولار.

وأضاف خزيم، في تصريحات خاصة لـ "إرم الاقتصادية"، أن الصندوق طلب من تونس تخفيض حجم العمالة في الجهاز الإداري للدولة، ورفع أسعار المحروقات، وتخفيض الإنفاق العام لتقليل العجز في الموازنة، وتعويم العملة التونسية، لكن هذا الأمر أدى إلى حالة من الاضطرابات والرفض الشعبي خاصة مع وجود قوى وطنية مؤثرة، وبالتالي البرنامج مع الصندوق تأجل مرتين، وهذه المرة الأمر يدخل في نطاق المراجعة الأولى للاتفاق على الشروط.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن تونس ستواجه مجموعة من الأزمات نتيجة تطبيق البرنامج في حالة الموافقة عليه مستقبلا، كما حدث في مصر عام 2016 بعد اتفاقها مع الصندوق مع فارق طبيعة الاقتصاد، مشيرا إلى أن المراجعة سوف تجرى هذه المرة، لأنه لم يعد أمام تونس في الفترة الأخيرة إلا اللجوء للصندوق، وقد تحدث حالة من الاتفاق على بنود منها تخفيض جزء من العمالة وبيع بعض المشروعات.

وتوقع خزيم، أن ذلك سيؤدي إلى سلسلة من الأزمات داخل تونس، خاصة وأن البرنامج لن يكون في مصلحتها، في ظل الاضطرابات السياسية التي تحدث في المنطقة وسيكون لها تداعيات على الكل، فيما يخص عمليات سلاسل الإمداد الشحن البحري والإقراض الدولي والسياحة، مختتما تصريحات قائلا: "التوقيت سيئ بالنسبة لتونس والتكلفة ستكون عالية على المواطن".

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC