الضغوط السياسية تتزايد على رئيس البنك
الأسواق تتلمس إشارات بشأن حجم الخفض
بعد أسبوع حافل من بيانات التضخم الصادمة، بالتزامن مع بيانات الوظائف الأكثر إزعاجاً منذ عام تقريباً، ينتظر رؤساء البنوك المركزية حول العالم إطلالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول، في محاولة لتلمس أيّ إشارات بشأن اتجاه أسعار الفائدة.
تعد ندوة «جاكسون هول» الاقتصادية أقدم مؤتمرات المصارف المركزية في العالم، وتتم بتنظيم من «الفيدرالي» في مدينة كانساس الأميركية منذ عام 1978، ولكن في عام 1982 انتقل الحدث إلى «جاكسون هول»، في ولاية وايومنغ الأميركية.
من المتوقع أن يستعرض رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول كيف تطور الاقتصاد الأميركي إضافة إلى إعداد سياسة البنك المركزي خلال فترة ولايته في حدث يُراقب عن كثب في وايومنغ.
تنطلق ندوة جاكسون هول الاقتصادية مساء الخميس المقبل في (جاكسون هول، وايومنغ)، ومن المتوقع أن يكشف رئيس البنك جيروم باول، في كلمة يلقيها يوم الجمعة، عن إطار السياسة النقدية الجديد للبنك.
مع بقاء التضخم أعلى من مستهدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، وظهور إشارات على تباطؤ سوق العمل، انقسم صناع السياسات النقدية حول التوقيت المناسب لاستئناف خفض الفائدة.
قد يمنح خطاب باول مراقبي «الفيدرالي» مؤشراً جديداً على مدى تأييد خفض الفائدة في سبتمبر، في وقت تكثّف فيه إدارة ترامب ضغوطها للبدء بالتيسير، في الوقت الذي بات السؤال الأهم الان هو حجم الخفض المتوقع العام الجاري.
سبق أن استخدم باول خطابه في ندوة «جاكسون هول» السنوية عام 2020 لعرض تغييرات في إطار سياسة اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة، وبعد خمس سنوات تقريباً، من المقرر أن يصل هذا المخطط إلى نهايته.
وأشار محللو «ويلز فارغو» بقيادة سارة هاوس، في مذكرة، إلى أنه في العقد الذي سبق المراجعة السابقة لإطار عمل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، كانت البيئة الاقتصادية تهيمن عليها معدلات تضخم منخفضة بشكل مستمر وفائض في سوق العمل.
محللو «ويلز فارغو» كتبوا: «عكست التعديلات التي أُجريت عام 2020 في ذروة الوباء هذه المخاطر غير المتماثلة المتصورة للتفويض المزدوج للفيدرالي، وقد كُلف الاحتياطي الفيدرالي باستخدام خيارات سياساته للحفاظ على استقرار التضخم وضمان التوظيف الكامل».
مع مرور الوقت، منذ ذلك الحين (وباء كورونا)، تغيرت الخلفية الاقتصادية الكلية بشكل كبير، مدفوعة بصدمات حقبة الوباء، إذ تجاوزت نسبة التضخم 2% في مارس 2021 ولم يعد إلى ذلك المعدل وهو المستوى المستهدف للفيدرالي منذ ذلك الحين.
في الوقت نفسه، انخفض معدل البطالة إلى أقل من 4% بحلول نهاية العام نفسه ويقف حالياً عند 4.2%، بعد الزيادة المربكة في الشهر الماضي والتي جاءت عكس التوقعات بتسجيل بطالة عند مستويات 4.1%.
كتب محللو «ويلز فارغو»: «تميزت معظم السنوات القليلة الماضية بمواجهة صانعي السياسة النقدية الأميركية لمشكلة قديمة ولكنها جديدة: أسواق عمل مفرطة في النشاط وتضخم يتجاوز المستهدف».
في ظل هذه الخلفية، لا يتوقع محللو «ويلز فارغو» أن يكشف «الفيدرالي» عن أي تغييرات كبيرة في مجموعة أدواته كجزء من مراجعة العام الجاري، مع احتمال بقاء سعر الفائدة الفيدرالي الرئيس الأداة الرئيسية التي يمكن للبنك المركزي استخدامها للاستجابة للاتجاهات الأوسع في التوظيف والتضخم.
قال محللو «ويلز فارغو»: «قد يتم أيضاً تقليل التركيز على ميزانية الفيدرالي كأداة سياسية في الوقت الحالي، ومن المتوقع أن يراجع باول كيفية تعامل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة مع اتصالات السياسة في وقت لاحق من هذا العام أيضاً».
أضاف الإستراتيجيون إن الإطار الجديد من المرجح أن يقنن ما هو بالفعل أسلوب عمل «الفيدرالي» نهج أكثر تماثلاً لأهداف التضخم والتوظيف.
في غضون ذلك كتب المحللون في بنك «باركليز» أن تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، خلال الفعالية السنوية في «جاكسون هول» بولاية وايومنغ، قد تشكل ملامح سياسة البنك المركزي حتى نهاية العام.
وأوضح المحللون في بنك «باركليز» عبر مذكرة بحثية، أن ندوة «جاكسون هول» الاقتصادية العام، المقرر انطلاقها في الـ21 من أغسطس، ستكون حاسمة بشكل خاص في ظل بيانات التوظيف الضعيفة والمؤشرات على تضخم مدفوع بالرسوم الجمركية.
بعد صدور أرقام ضعيفة لسوق العمل في وقت سابق من الشهر، ازدادت رهانات الأسواق على خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في الاجتماع المقبل للفيدرالي في سبتمبر، لكن التضخم لا يزال أعلى من مستوى 2%.
كتب إستراتيجيون في بنك «باركليز» يقودهم ستيفانو باسكالي: «إشارة تفيد بأن خفض الفائدة أقل تأكيدا، أو أن مخاطر التضخم لا تزال تفوق المخاوف بشأن النمو، قد تؤدي إلى تصحيح في أسواق الأسهم».
حذر الإستراتيجيون في بنك «باركليز» من التقليل من شأن هذا الخطر، مشيرين إلى أن السنوات الأخيرة أظهرت أن الأسهم إلى جانب أصول أخرى أصبحت أكثر تفاعلاً بشكل ملموس مع التعليقات الصادرة عن هذا المنتدى.
وفق بيانات «باركليز»، فإن متوسط حركة رد الفعل (بعد ضبطها على أساس تقلبات لمدة عام) عبر مؤشرات «ستاندرد آند بورز 500»، و«ناسداك» المركب المليء بأسهم التكنولوجيا، و«راسل 2000» الموجهة لأسهم الشركات الصغيرة، منذ عام 2017، كان أكبر مما كان عليه في السنوات السابقة.
كما أشار الإستراتيجيون في بنك «باركليز» إلى أن أسهم الشركات الصغيرة تحديداً شهدت أكبر قفزة في درجة التفاعل، فيما أظهرت عدة فئات أصول أخرى، مثل: الذهب والدولار الأميركي– حساسية كبيرة أيضاً للأخبار الصادرة من جاكسون هول.
مع ذلك، لفت الإستراتيجيون في بنك «باركليز» إلى أن عقود الخيارات على الصناديق المتداولة في البورصة، التي تغطي هذه الأصول، لا توفر بالضرورة أفضل قيمة تحوطية ضد تقلبات الأسعار الكبيرة.
وجه ترامب انتقادات متكررة إلى جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي، بسبب عدم خفض أسعار الفائدة، وحينما التقى الرجلان وجهاً لوجه للمرة الأولى، منذ التعيين في 2018، نهاية الشهر الماضي، أخبر ترامب باول أنه يرتكب خطأ بعدم خفض أسعار الفائدة.
من جهتها تتوقع الأسواق أن تكون هناك فرصة كبيرة لخفض أسعار الفائدة، عند الاجتماع المقبل للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في سبتمر، خصوصاً بعد أن بات من المتوقع ارتفاع عدد الاعضاء المؤيدين لخفض الفائدة إلى 3 أصوات من أصل 12 بينهم رئيس المجلس.
في يوليو، أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي عند نطاق 4.25 % و4.50 %، وهو ذاته منذ ديسمبر، وأشار صانعو السياسات منذ ذلك الحين إلى أنهم قد يبقون عليه لبضعة أشهر أخرى في انتظار مزيد من الوضوح بشأن الرسوم الجمركية.
شهد اجتماع «الفيدرالي» الأخير نهاية حقبة من التوحيد استمرت أكثر من 22 عاماً، مع حدوث أول حالة انقسام (عضوان) في التصويت منذ عام 1993 حينما صوت كرسيتوفر والر وميشيل بومان بخفض أسعار الفائدة 25 نقطة أساس.