لماذا بدأ أثرياء بريطانيا حزم حقائبهم للمغادرة؟

تقارير
تقاريروزير المالية البريطاني جيريمي هانت
عندما أعلن وزير المالية البريطاني، جيريمي هانت، عن خطط لإلغاء النظام الضريبي لغير المقيمين، قال إن التغيير يعني أن أصحاب "الأكتاف الأوسع" سيدفعون المزيد إلى الخزانة البريطانية. لكن بدلاً من ذلك، يحزم العديد منهم حقائبهم ويغادرون بريطانيا.

وتفصيلا، تعود قوانين غير المقيمين إلى عهد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ويليام بيت الأصغر، وتسمح للأجانب الذين يعيشون في المملكة المتحدة بتجنب دفع الضرائب على الدخل المتدفق من الخارج، وفقا لصحيفة "تليغراف" البريطانية.

أما الدوافع، فقد جرى تقديم وضع غير المقيم في عام 1799 لأن الأرستقراطيين كانوا "مرعوبين" من أن ضريبة تمويل الحرب النابليونية ستؤثر على أصولهم في المستعمرات.

وفي العقود الأخيرة، أصبحت هذه الضريبة "سامة سياسيا بنحو متزايد"، إذ يزعم المعارضون أنها إعفاء ضريبي غير عادل للأغنياء، وفقا لتليغراف.

وفي هذا السياق، اضطرت زوجة رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، وريثة الملياردير الهندي أكشاتا مورتي، إلى التخلي عن وضعها الضريبي (الذي يجري معاملتها به) بعد الكشف عن كونها غير مقيمة.

وتخطط وزارة المالية البريطانية لإنهاء العمل بهذا النظام في أبريل المقبل، في تحول تأمل أن يدر ما لا يقل عن 2.7 مليار جنيه إسترليني سنويًا للمملكة المتحدة.

* غضب وفائدة

ومع ذلك، أثارت هذه الخطط رد فعل عنيفًا من نخبة رجال الأعمال والمصرفيين الأثرياء في لندن، الذين يقولون إن التغيير سيجبرهم على المغادرة.

ومن بين المستفيدين المحتملين؛ دول مثل إيطاليا، التي أدخلت نظام غير المقيمين في عام 2017، واليونان، التي قدمت الإعفاء الضريبي في عام 2019.

ومن جانب آخر، يشير مستشارو الضرائب إلى أن وضع غير المقيمين يساعد في جذب الأثرياء إلى بريطانيا.

ففي حين أنهم قد لا يدفعون ضرائب على استثماراتهم في الخارج، فإن هؤلاء الأشخاص يعززون الاقتصاد بطرق أخرى، كشراء العقارات، والاستثمار في الشركات، والعمل في الشركات ذات الربح المرتفع مثل صناديق التحوط، وإنفاق الأموال على كل شيء بدءا من العشاء إلى الترفيه.

وقال نيمش شاه، الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات الضريبية بليك روثنبرغ، إن "الأمر يجذب الأجانب للقدوم إلى المملكة المتحدة، ومن وجهة نظر المملكة المتحدة، لدينا أصحاب أعمال، ومختصون في مجال التمويل ينجذبون للقدوم إلى المملكة المتحدة للعمل والعيش هنا".

وأضاف شاه أن النظام "الذي نلغيه كان في الواقع موضع حسد من معظم دول العالم".

ومن بريطانيا إلى إيطاليا، فقد قدم رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماتيو رينزي، وضع غير المقيمين في بلاده كجزء من نظام ضريبي مؤيد للأعمال التجارية لتعزيز الاستثمار الأجنبي.

ثم قام رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، بتقليد رينزي من خلال طرح إجراء مماثل، باستخدام الإصلاح كربط لحزمة أوسع من التخفيضات الضريبية الداعمة للأعمال.

وفي كلتا الحالتين، كان تقديم القواعد غير المحلية يُنظر إليه بعدِّه وسيلة للإشارة إلى العالم بأن إيطاليا واليونان مفتوحتان للأعمال التجارية.

* رؤية المعنيين

وقال أحد رجال الأعمال الأثرياء الذين يستثمرون في جميع أنحاء أوروبا ويطالبون حاليا بوضع غير مقيم في بريطانيا، في حديث لتليغراف دون الكشف عن هويته: "ستكون هذه لحظة خروج بريطانيا الثانية من الاتحاد الأوروبي. سويسرا وإسبانيا وإيطاليا تقدم بدائل أفضل بكثير وتحاول جذب ثروات هائلة من لندن".

فيما أكد رجل أعمال مليونير متقاعد حديثاً، دون الكشف عن هويته: "أنوي بيع شقتي ومغادرة المملكة المتحدة قبل نهاية العام"، وكان قد انتقل إلى لندن قبل خمس سنوات واشترى عقارًا بقيمة مليوني جنيه إسترليني في غرب لندن وقرر أن يصبح واحدًا منال آلاف "غير المقيمين" في بريطانيا، والآن يستعد للمغادرة.

وقال: "ليس هناك أي جدوى من القيام باستثمارات مالية في المملكة المتحدة لأن الضرائب مرتفعة للغاية. إن إلغاء نظام الضرائب على غير المقيمين لن يساعد في تحسين الوضع".

كما تحدث أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في لندن، والذي يدعي أنه غير مقيم، عن التغييرات في المملكة المتحدة، للصحيفة البريطانية دون الكشف عن اسمه، قائلا: "لقد غيرت وجهة نظري تجاه بريطانيا، وهذا يعني أنني على الأرجح سأحتاج إلى المغادرة".

وأردف: "سوف يضر بريطانيا، وهذا إلى جانب أن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي يجعلها أقل جاذبية، أنا أفكر في قبرص وإيطاليا والبرتغال".

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com