رغم التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، تواصل دبي وأبوظبي جذب أغنى أثرياء العالم، مستفيدتين من المزايا الضريبية والموقع الجغرافي الاستراتيجي والنمو المتسارع في القطاع المالي، وفق تقرير نشره موقع بلومبرغ.
ففي مكاتب مجموعة «آبي رود» للاستثمار في دبي، تتوالى الاتصالات من عملاء محتملين من الهند والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وإفريقيا، بل وحتى من البرازيل، يتطلعون لتأسيس مكاتب عائلية في الإمارات التي تُعد ملاذاً آمناً للثروات بفضل الإعفاء من ضرائب الدخل والميراث.
قال أرجون ميتال، المؤسس والرئيس التنفيذي للاستثمار في «آبي رود»، إن عملاءه ينجذبون إلى الإمارات بسبب موقعها بين الشرق والغرب، وبيئتها الضريبية المشجعة، إلى جانب تطور نظامها المالي، مؤكداً: «لم نشهد أي تباطؤ في الطلب بسبب التوترات الإقليمية، بل على العكس، عززت هذه الظروف مكانة الإمارات كمركز محايد واستراتيجي».
ووفق مركز دبي المالي العالمي، هناك أكثر من 800 كيان عائلي يدير أصولاً تفوق 1.2 تريليون دولار، بزيادة سنوية بنسبة 33%، ويقود هذا التدفق ارتفاعات جديدة في أسعار العقارات الفاخرة، فضلاً عن تغذية صناعة صناديق التحوط التي تشهد ازدهاراً ملحوظاً في الإمارات.
بدورها، أصبحت أبوظبي، موطناً لكبار مديري الأصول العالميين مثل بريفيان هوارد ومارشال وايس، كما أن مستثمرين كباراً مثل راي داليو، مؤسس «بريدج ووتر أسوشيتس»، أسس مكتبه العائلي هناك في عام 2023، مشيراً إلى أن الإمارات تتقدم بسرعة، بينما تتراجع اقتصادات أخرى حول العالم.
ووفقاً لتقديرات شركة «Henley & Partners» أوردها تقرير بلومبرغ، من المتوقع أن تستقطب الإمارات هذا العام حوالي 9800 مليونير جديد، وهو العدد الأكبر على مستوى العالم.
حتى الآن، لم تثنِ الصواريخ المتبادلة بين إيران وإسرائيل الأثرياء عن اختيار الإمارات، رغم أن الدولة تقع على مرمى حجر من إيران.
وتشير البيانات إلى أن أسعار العقارات الفاخرة في دبي بلغت مستويات قياسية في الربع الثاني من 2025، كما استقطب مركز أبوظبي المالي 267 كياناً جديداً الشهر الماضي فقط.
ويقول روبرت موجيلنيتسكي، الباحث في معهد دول الخليج العربي في واشنطن: «الإمارات تشكّل جزءاً من مرونة توزيع الثروات عالمياً، المخاطر الإقليمية حقيقية لكنها تبقى منخفضة الاحتمال وعالية التأثير».
ويشهد القطاع المصرفي الخاص في الإمارات تطوراً ملحوظاً، إذ توسعت بنوك عالمية مثل باركليز ودويتشه بنك وبنك سنغافورة في خدماتها الموجهة للعائلات الثرية.
وقد سجلت «باركليز» نمواً مزدوج الرقم في عدد المكاتب العائلية التي تخدمها بالإمارات، حسب تصريح ماتياس غونزاليس، رئيس قسم الاستثمارات في البنك بسويسرا ودبي.
كما يشير يان مرازك، الشريك الإداري في شركة الاستشارات المالية (M/HQ)، إلى أن نحو 20% من المكاتب العائلية التي تم إنشاؤها في الفترة الأخيرة ترتبط بالصين، حيث بدأ الأثرياء الصينيون يتجاوزون سنغافورة نظراً للتعقيدات التنظيمية الجديدة فيها.