logo
اقتصاد

موانئ الخليج.. الابتكار والأمن في عالم مضطرب ومنافسة عالمية شرسة

صالح: الموانئ الذكية تعتمد أنظمة (AI)، (IoT)، والتنبؤ عن المخاطر

صالح: «ميناء المستقبل» في دبي نموذج رقمي يكشف المخاطر في الوقت الحقيقي

صالح: الذكاء الاصطناعي 20% من الناتج المحلي لدولة الإمارات بحلول 2030.

موانئ الخليج.. الابتكار والأمن في عالم مضطرب ومنافسة عالمية شرسة
خلال أول عملية تزويد للسفن بالغاز الطبيعي المسال من سفينة إلى سفينة بميناء خليفةالمصدر: موقع موانئ أبوظبي الإلكتروني
تاريخ النشر:4 أغسطس 2025, 03:50 م

تشهد موانئ الخليج، التي تُعد بوابات حيوية للتجارة العالمية، تحولاً غير مسبوق في أنظمتها لمواجهة تحديات جيوسياسية وبيئية ورقمية متزايدة.

في 2024، أعلنت مجموعة موانئ دبي العالمية «دي بي ورلد» تسجيل ميناء جبل علي وحده 15.5 مليون حاوية نمطية، فيما قفز ميناء الملك عبدالله في «جدة» عام 2023، من المرتبة 41 إلى المرتبة 32 مسجلاً 5.5 مليون حاوية نمطية، بحسب تقرير «Lloyd's List» لأكبر 100 ميناء بالعالم الصادر عام 2024. ولكن توقعات تقرير آخر صادر عن الشركة نفسها، يشير إلى فائض طاقة استيعابية بحلول 2030 قد يصل إلى 20 مليون حاوية، مما يضاعف المنافسة مع موانئ عالمية مثل سنغافورة. ومع تصاعد التوترات في مضيق هرمز وزيادة الهجمات السيبرانية بنسبة 30% في 2024، نطرح تساؤلاً حول كيفية تعزيز موانئ الخليج أنظمتها الذكية لإدارة المخاطر وتأمين سلاسل إمدادها؟.

من التوسع إلى المرونة

على مدى عقدين، استثمرت دول الخليج العربي مليارات الدولارات في بنية تحتية متطورة، جعلت موانئ مثل جبل علي في دبي وميناء خليفة في أبوظبي من بين أكبر 10 موانئ عالمياً من حيث حجم المناولة والأكثر كفاءة وفقاً لتقرير مجلس التعاون الخليجي الصادر عام 2023، حيث ساهمت هذه الموانئ في تسهيل 15% من التجارة البحرية العالمية، لكن التحديات الجديدة، مثل التوترات الجيوسياسية في مضيق هرمز الممر المائي الذي تعبره 20% من إمدادات النفط العالمية، وارتفاع الهجمات السيبرانية بنسبة 30% في الخليج لعام 2024، والضغوط البيئية لخفض الانبعاثات بنسبة 50% بحلول 2050 بحسب ما أعلنته سابقاً المنظمة البحرية الدولية، جميعها أسباب تدفع الموانئ للانتقال من التوسع إلى إدارة المخاطر الذكية.

أخبار ذات صلة

موانئ الخليج تتحدى أزمة التأخيرات بتسريع حركة الحاويات والبضائع

موانئ الخليج تتحدى أزمة التأخيرات بتسريع حركة الحاويات والبضائع

ويرى عمرو صالح أستاذ الاقتصاد الدولي، أن «الموانئ الذكية» لا تقتصر على كونها موانئ عالية التقنية فقط، بل هي أنظمة ذكية مبنية حول التعرف السريع على المخاطر. تتطلب الاعتماد على أنظمة مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء (IoT)، البلوك تشين والأتمتة للتحليلات التنبؤية والكشف المبكر عن المخاطر، مما يعزز المرونة التشغيلية ويقلل التعطيلات». على سبيل المثال، نفّذ ميناء جبل علي نظاماً ذكياً لرصد حركة السفن عبر تقنية GIS/AIS، مما قلل زمن المناولة بنسبة 15% في 2024. ويقول صالح إن «الموانئ الذكية لا تُسرّع العمليات فحسب، بل تقلل المخاطر بنسبة تصل إلى 40% عبر التنبؤ المبكر».

ويستعين أستاذ الاقتصاد الدولي بمشروع ميناء خور دبي «ميناء المستقبل»، على أنه مثال ونموذج رقمي يدمج الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لإدارة المخاطر في الوقت الحقيقي. ويهدف إلى جعل دبي مركزاً عالمياً للوجستيات الذكية بحلول 2033، مما يعزز جاذبيتها التجارية.

ووفقاً لوزارة الطاقة والبنية التحتية الإماراتية، تشغّل الدولة حالياً 106 موانئ في 78 دولة. وبلغ حجم مناولة الحاويات في موانئ الإمارات نحو 21 مليون حاوية، مع مساهمة تجاوزت 135 مليار درهم (36.7 مليار دولار) في الناتج المحلي، مما يعكس الأهمية المتزايدة لهذا القطاع اقتصادياً.

أطلقت موانئ دبي العالمية مبادرات رقمية وبيئية في عدد من مواقعها التشغيلية، وأدخل ميناء جبل علي أسطولاً جديداً من الشاحنات الكهربائية لنقل ما يقارب 204 آلاف حاوية نمطية سنوياً، ما يعزز التزام المجموعة بالاستدامة وخفض الانبعاثات.

ومن المتوقع، بحسب عمرو صالح، أن يمثل الذكاء الاصطناعي 20% من الناتج المحلي لدولة الإمارات أي بحجم 100 مليار دولار بحلول 2030، ليتم تقليل الاعتماد على النفط.

د.عمرو صالح، الخبير الاقتصادي ومستشار البنك الدولي السابق
د.عمرو صالح، الخبير الاقتصادي ومستشار البنك الدولي السابق المصدر: حساب صالح على منصة «فيسبوك».

لماذا إعادة التفكير بالمخاطر؟

ولخص صالح في تصريحات خاصة مع «إرم بزنس»، العوامل التي تدفع موانئ الخليج لإعادة تقييم استراتيجياتها. في ثلاث نقاط: 

أولاً: تزايد التوترات الجيوسياسية، مثل الاضطرابات في مضيق هرمز، التي يمر عبرها حوالي 20% من تجارة النفط العالمية وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA)، أي اضطراب قد يكلف التجارة العالمية 10 مليارات دولار يومياً.

ثانياً: الهجمات السيبرانية، على سبيل المثال، تعرضت موانئ مثل ميناء الملك عبدالله في السعودية لهجمات سيبرانية في 2023، مما أدى إلى تعطيل مؤقت لعمليات الشحن. بحسب تقرير الأمن السيبراني الصادر عن شركة «فورتينت» الأميركية، في وقت يحذر تقرير آخر صادر عن «تريند مايكرو» من تصاعد هجمات ما يسمى بـ «التزييف العميق» في 2025، مما يهدد أنظمة الموانئ.

ويرى عمرو صالح، أن الحلول تكمن في تطوير بروتوكولات أمنية متقدمة وتدريب العاملين على اكتشاف التهديدات الإلكترونية. 

وفي 2024، استثمر ميناء دبي 100 مليون دولار لتطوير بروتوكولات أمنية، مما قلل الثغرات بنسبة 50%. ويوصي د.أحمد المنصوري، مدير الأمن السيبراني في هيئة موانئ دبي، خلال تصريح سابق: «بأن تخصيص 10% من ميزانية الموانئ للأمن السيبراني، يمكن أن يقلل المخاطر بنسبة تصل إلى 60%». كما اعتمد ميناء خليفة نظاماً ذكياً للتنبؤ بالطلب، مما قلل التخزين الزائد بنسبة 20% في 2023. 

ثالثاً: الضغوط التنظيمية البيئية التي تفرضها المنظمة البحرية الدولية (IMO) لخفض الانبعاثات بنسبة 50% بحلول 2050، فبحسب تقرير صادر عن «ماكنزي» لعام 2024، ستتجاوز الطاقة الاستيعابية لموانئ الخليج 70 مليون حاوية، بحلول 2030، بينما لن تتجاوز المناولة الطلب الفعلي 50 مليوناً مما يزيد الضغط لتحسين الكفاءة.

هذا الفائض يزيد المنافسة مع موانئ عالمية مثل «سنغافورة وشنغهاي». ولمواجهة هذا التحدي، يرى المحلل اللوجستي خليفة المطيري من مركز أبحاث الخليج، أن «دمج التحليلات التنبؤية وأنظمة الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز الكفاءة التشغيلية بنسبة 25%».

تجربة ميناء روتردام في هولندا، التي نجحت في تقليل الانبعاثات بنسبة 30% عبر اعتماد تقنيات خضراء وأنظمة ذكية، تقدم نموذجاً يمكن محاكاته. من خلال تعزيز الأمن السيبراني، وتحسين الكفاءة التشغيلية، والاستثمار في الاستدامة، كما يمكن للمنطقة أن تظل مركزاً عالمياً للتجارة، مع ضمان استمرارية النمو الاقتصادي في مواجهة التحديات المستقبلية.

أخبار ذات صلة

«موانئ» السعودية تسجل نمواً بـ18.6% في الحاويات المناولة خلال يونيو

«موانئ» السعودية تسجل نمواً بـ18.6% في الحاويات المناولة خلال يونيو

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC