ليبيا المنقسمة.. البنك المركزي يتمرد على حكومة طرابلس

ليبيا: رئيس حكومة الوحدة على اليمين ومحافظ البنك المركزي على اليسار
ليبيا: رئيس حكومة الوحدة على اليمين ومحافظ البنك المركزي على اليساررويترز
تعمقت الانقسامات في ليبيا، الغنية بالنفط والغاز والغارقة في وضع اقتصادي متأزم، مع انتقال الخلافات إلى العلاقة بين البنك المركزي المسؤول عن السياسة النقدية في البلاد ورئيس حكومة الوحدة المخولة بتصميم الميزانية لعموم ليبيا.

فقد أطلق محافظ البنك المركزي الليبي الصديق الكبير حالة التحدي أمام رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة حينما دعاه الى صياغة ميزانية تشمل جميع مناطق البلاد وليس فقط تلك الخاضعة لسلطة حكومة الوحدة في طرابلس.

ودعا محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير إلى ميزانية وطنية موحدة في تحد واضح لحليفه السابق رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، وسط تراجع قيمة الدينار الليبي.

ونشر الكبير رسالة إلى حليفه السابق الدبيبة يوم الثلاثاء يحث فيها على إنهاء ما وصفه بالإنفاق الموازي "المجهول المصدر" حفاظا على الاستدامة المالية للدولة.

ميزانيتان في الغرب والشرق

وغالبا ما كانت الخلافات بخصوص الوصول إلى الموارد المالية للدولة محورا للتنافس بين الفصائل التي مزقت ليبيا منذ الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي في عام 2011.

وتعد مطالبة الكبير بإقرار ميزانية موحدة إشارة إلى الانقسامات السياسية في ليبيا. وتعمل حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها الدبيبة في طرابلس والغرب، في حين تحظى إدارة موازية بدعم البرلمان في الشرق.

وقال الخبير في الشأن الليبي بمعهد رويال يونايتد سيرفيسز، جلال حرشاوي لوكالة رويترز: "هذه الرسالة تمثل تحديا مباشرا وسافرا لسلطة وشرعية حكومة الدبيبة"، وأضاف: "لا يمكن تحقيق ميزانية موحدة إلا من خلال تغييرات سياسية عميقة، بما في ذلك على أعلى المستويات في حكومة طرابلس الحالية".

وجاءت آخر ميزانية موحدة لليبيا، والتي وافقت عليها حكومة طرابلس وكذلك البرلمان في الشرق في أوائل عام 2021 خلال محاولة للجمع بين الفصائل المتنافسة في البلاد بعد انقسام لسنوات.

ونُصبت حكومة الدبيبة من خلال عملية دعمتها الأمم المتحدة في عام 2021، لكن البرلمان توقف عن الاعتراف بشرعيتها في نهاية ذلك العام بعد محاولة فاشلة لإجراء انتخابات وطنية، ما أدى إلى جمود سياسي طويل الأمد.

ويستمد الدبيبة صلاحيته في صرف الأموال من احتياطيات المصرف المركزي من قانون البنوك، وهو ما يرفضه البرلمان. ومن الناحية العملية، فهو يعتمد على صرف الأموال من مصرف ليبيا المركزي.

وبينما كان يُنظر إلى الدبيبة والكبير في السابق على أنهما حليفان مقربان، فقد اختلفا مع قيام حكومة الوحدة الوطنية بزيادة الإنفاق العام إلى مستوى يثير قلق البنك المركزي، في حين تتراجع قيمة الدينار الليبي بنحو مطرد في أسواق العملات منذ العام الماضي.

وقال الخبير حرشاوي إن مبادلة النفط الخام بالوقود لتوفير برنامج الوقود المحلي المدعوم تؤثر على الإيرادات، ما يساهم في ما وصفه بالإنفاق المفرط من جانب حكومة الوحدة الوطنية والإدارة الموازية في الشرق.

سعر صرف الدينار الليبي في السوق الرسمي
سعر صرف الدينار الليبي في السوق الرسميالمصدر - Google finance
الدينار بسعرين

واعتمدت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس برئاسة الدبيبة، والمعترف بها دوليا، ميزانية لعام 2023 بنحو 23.3 مليار دولار، لا تشمل الإنفاق على المناطق غير الخاضعة لها في الشرق.

وفي الشرق اعتمد البرلمان ميزانية موازية بقيمة 18.54 مليار دولار قدمتها حكومة غير معترف بها دوليا، ويرأسها أسامة حماد، لكنها حكومة غير قادرة على الوصول إلى خزائن البنك المركزي الملتزم  بالعمل مع الحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة والدول الكبرى.

وأدى الصراع المستمر بين المؤسسات الرسمية المشرفة على إدارة موارد البلاد من النقد الأجنبي والانقسام في السياسات المالية بين الشرق والغرب في ليبيا إلى انهيار في العملة المحلية، حيث اتسع فارق سعر الصرف بين  السوقين الرسمي والموازي يوم الأحد الماضي إلى 58.5% .

 ويجري تداول الدينار الليبي حاليا في السوق الرسمي بسعر 4.43 دنانير للدولار الواحد بينما، يعرض السوق الموازي سعرا بنحو 7.7 دنانير للدولار.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com