شعبة مواد البناء: مشروعات إعادة الإعمار عززت الطلب على الأسمنت المصري
رغم الاضطرابات التي تعصف بعدد من الدول العربية، نجحت مصر في تحويل هذه الأزمات إلى فرص تصديرية، لترفع عائداتها من صادرات الأسمنت إلى 201 مليون دولار خلال الربع الأول من 2025، مقابل نحو 186 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة 8%.
الدول العربية الأربع: ليبيا، وفلسطين، وسوريا، ولبنان، استحوذت وحدها على 36% من إجمالي الصادرات المصرية من الأسمنت خلال الفترة بين يناير ومارس، إذ استوردت منتجات بقيمة 73 مليون دولار، مقابل 23.4 مليون دولار فقط في الربع الأول من 2024، بنمو تجاوز 200%، وفق بيانات هيئة الرقابة على الصادرات والواردات المصرية التي حصلت «إرم بزنس» على نسخة منها.
وتأتي هذه القفزة في وقت تشهد فيه صادرات مصر إلى الأسواق الإفريقية التقليدية تراجعاً ملحوظاً، لا سيما في دول مثل غانا وساحل العاج والكاميرون، ما يعزز أهمية الأسواق العربية في دعم نمو قطاع الأسمنت المصري.
تصدّرت ليبيا قائمة أكبر المستوردين للأسمنت المصري في الربع الأول، بواردات بلغت 31.2 مليون دولار، مقابل 21.5 مليون دولار في الفترة المقارنة من العام الماضي، بزيادة 45%.
واحتفظت ليبيا بمكانتها كأكبر سوق للأسمنت المصري خلال عام 2024 بالكامل، بعدما بلغت وارداتها 149.8 مليون دولار، مقابل 86.8 مليون دولار في 2023، بنمو سنوي 72%.
أما فلسطين فحققت قفزة لافتة بواردات بلغت 27.9 مليون دولار خلال الربع الأول من 2025، مقابل 538 ألف دولار فقط في الفترة نفسها من 2024، بنمو قياسي بنسبة 5097%، وكانت فلسطين قد استوردت أسمنتاً مصرياً بقيمة 48.5 مليون دولار في 2024، لتحتل المرتبة الخامسة حينها، مقارنة بـ30.9 مليون في 2023.
وفيما يخص لبنان، فقد جاء تاسعاً ضمن أكبر أسواق الأسمنت المصري بالربع الأول، بواردات قيمتها 7.2 مليون دولار، مقارنة بـ636 ألف دولار في الفترة نفسها من 2024، بنمو تجاوز 1000%، وخلال عام 2024 كاملاً، استورد لبنان أسمنتاً بقيمة 31.8 مليون دولار، مقارنة بـ10.2 مليون دولار في 2023، بنمو 212%.
أما سوريا، فقد دخلت لأول مرة ضمن قائمة أكبر 10 أسواق للأسمنت المصري، إذ بلغت وارداتها 6.6 مليون دولار في الربع الأول من 2025، مقارنة بـ795 ألف دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، بنمو 741%، وكانت دمشق قد استوردت ما قيمته 3.6 مليون دولار فقط من الأسمنت المصري في 2024، مقابل 855 ألف دولار في 2023.
قال رئيس شعبة مواد البناء في الغرفة التجارية بالقاهرة، أحمد الزيني، في تصريحات خاصة لـ«إرم بزنس»، إن الطلب القوي على الأسمنت المصري من الأسواق العربية، خاصة ليبيا وسوريا، أسهم في تعويض التراجع الذي شهدته صادرات مصر إلى بعض الأسواق الإفريقية.
وأشار الزيني إلى أن مشروعات إعادة الإعمار في الدول الأربع تلعب دوراً رئيساً في هذا الطلب، مؤكداً أن ليبيا تحديداً تشهد طلباً متزايداً على الأسمنت المصري، خاصة في المناطق الشرقية مثل بنغازي، البعيدة عن التوترات الجارية في العاصمة طرابلس.
ولفت إلى أن السوق السورية أيضاً مرشحة لمزيد من النمو في استيراد الأسمنت من مصر خلال النصف الثاني من 2025، مع تسارع مشروعات إعادة الإعمار.
ورغم الإيجابيات التي تحققها الصادرات، عبّر الزيني عن مخاوف من انعكاس هذه الطفرة التصديرية على السوق المحلية، قائلاً إن سعر الأسمنت في مصر ارتفع بنحو 2000 جنيه للطن منذ بداية 2025، مقارنة بالعام الماضي، نتيجة تراجع الإنتاج المحلي إثر قرار أصدره جهاز حماية المنافسة في 2021 يسمح بخفض الطاقات الإنتاجية.
وأوضح الزيني أن جهاز حماية المنافسة قرر مؤخراً تعليق قرار خفض الإنتاج حتى نهاية يونيو 2025، لكن هذا لم يمنع الشركات من تقليص المعروض لتحقيق أرباح أعلى، وهو ما رفع الأسعار بنحو 1000 جنيه إضافية منذ صدور القرار.
وأضاف: «لا مبرر حالياً لوصول طن الأسمنت إلى 4500 جنيه للمستهلك، فالصناعة تعتمد على خامات محلية مثل الكلنكر، كما أن تكلفة الفحم المستورد انخفضت مع تراجع الدولار».