خاص
خاص

حلم إنتاج سيارة مصرية.. قرارات كثيرة وأفعال أقل

منذ إنتاج السيارة رمسيس في أربعينات القرن الماضي والمصريون يحلمون بالعودة لإنتاج سيارتهم المحلية الصنع الخاصة بهم، فصدرت الكثير من القرارات الحكومية، إلا أنها لم تجد طريقها للنور لعدة أسباب، منها البيروقراطية والتكلفة المرتفعة.

وتعد مصر ثاني أكبر سوق استهلاكا للسيارات في أفريقيا، حيث يتم بيع أكثر من 200 ألف سيارة سنويا، كما تحتل المرتبة الـ 42 عالميا، إلا أنها تركز على التجميع بدلا من التصنيع، حيث يجري تجميع أكثر من 70 ألف سيارة سنويا.

وفي إطار الاهتمام الحكومي بإنجاز حلم السيارة المصرية، ترأس رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، الأربعاء، اجتماعا للمجلس الأعلى لصناعة السيارات، لمتابعة الموقف التنفيذي لمراحل برنامج تنمية صناعة ‏السيارات.

وناقش الاجتماع، الموقف التنفيذي للمرحلة الأولى لميكنة البرنامج الوطني لتنمية صناعة ‏السيارات وجاهزية اعتمادها، والتي تتضمن تسجيل المصانع وشركات السيارات، وربط ‏شركات السيارات مع المصانع، وتعريف الموديلات، وتعريف الطرازات، وربط ‏الموردين المحليين بالطراز محل التصنيع.

ولفت مجلس الوزراء في بيان، إلى أن المنظومة ستكون جاهزة بالكامل خلال 12 أسبوعا. وفي سبتمبر الماضي، أعلنت الحكومة عن استعدادها لتقديم حزمة محفزات للشركات المصنعة للسيارات، بشرط سرعة توطين هذه الصناعة وتشغيل مصانع السيارات المطلوبة في أقرب وقت ممكن.

وتشمل هذه الحوافز، بحسب تصريحات لرئيس الحكومة "توفير الأراضي وبناء المصانع ضمن اتفاق مع مستثمرين "جادين" في مجال صناعة السيارات، يتولون بأنفسهم تشغيل هذه المصانع بعد تشييدها".

البيروقراطية وقلة الإمكانيات

من جانبه يرى المهندس أحمد حسني، خبير صناعة السيارات، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن طموحات الحكومة بشأن تدشين سيارة محلية مصرية ما زالت تصطدم بقلة الإمكانات، لافتا إلى أن المستهلك في مصر أمامه الآن أنواع مختلفة من السيارات المستوردة ذات الكفاءة العالية، وهو ما يختلف عن الظروف التي تم خلالها صناعة السيارة المصرية "رمسيس"، حيث لم يكن هنالك هذا التنوع الكبير في السيارات والمنافسة الشرسة بين الشركات العالمية.

ولفت حسني إلى أن هناك أساسيات لا يمكن أن تتجاهلها أي دولة إذا ما أرادت صناعة سيارة محلية خاصة بها، وهو وجود صناعات مكملة لمساندة صناعة السيارات، وهو ما تعمل عليه مصر منذ سنوات من خلال اجتذاب شركات عالمية لصناعة الأجزاء المكملة.

عقبات عدة

بدوره، أشار المهندس باهر السعدي، الخبير الاقتصادي، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية، إلى أن صدور إعلانات متكررة من الحكومة بالبدء قريبا في صناعة السيارات يصطدم بعدة مشاكل تعوق ذلك، منها أن المستثمر الراغب في إنشاء مصنع لصناعة السيارات يواجه بيروقراطية تجعله يعزف عن تنفيذ الفكرة، فضلا عن ارتفاع تكلفة الصناعة محليا، ما سيؤدي إلى إخراج منتج سعره مرتفع نسبيا بالنسبة للمستهلك.

وأوضح السعدي أن إنتاج 70 ألف سيارة سنويا يكلف نحو 50 مليون دولار شهريا، وهذا أمر يُصعب المهمة على أي مصنع، فضلا عن شح الدولار في السوق، وهي مشكلة ستواجه أي مستثمر يريد البدء في إنشاء مصنع للسيارات؛ لأن هذه الصناعة تحتاج إلى لوازم مكملة تأتي من الخارج بملايين الدولارات شهريا، فكيف سيتم تدبير هذه الدولارات في وقت تعاني فيه الدولة من أزمة في توفير العملة الصعبة.

ولفت إلى أن الرؤية الحالية للحكومة تتضمن فرض ضريبة بنسبة 35% على كل مصنع محلي ينتج أقل من 70 ألف سيارة سنويا أو لا يستخدم منتجات محلية في التصنيع بنسب تتراوح بين 47 و65% أو لا يصدر 30% من إنتاجه، مشيرا إلى أن هذه شروط صعب تحقيقها بالنسبة لأي مستثمر.

صناعة مستدامة

ويوجد في مصر 15 مصنعا لتجميع السيارات، و75 منشأة للصناعات المكملة، توفر أكثر من 75 ألف فرصة عمل، وكل هذه المصانع لديها القدرة على إنتاج 300 ألف سيارة ركاب ومركبات تجارية خفيفة وشاحنات وحافلات سنويا.

لكن عموما يشهد سوق السيارات بمصر في الفترة الأخيرة تراجعا كبيرا في المبيعات، بسبب ارتفاع الأسعار في ضوء ضعف قيمة الجنيه وشح الدولار. ومن بين كل ألف مصري، هناك 40 فقط يمتلكون سيارة، وهو معدل منخفض نسبيا في دولة يبلغ تعداد سكانها 104 ملايين نسمة.

وتستهدف الاستراتيجية الوطنية المصرية لصناعة السيارات "إقامة صناعة مستدامة ترتكز على جدوى اقتصادية حقيقية ومزايا تنافسية عالمية"، بما يعزز من اقتصاديات الكم وتعظيم القيمة المضافة المحلية والاستفادة من البنية التحتية الصناعية واللوجستية المصرية، وخلق فرص عمل لائقة واستقرار ميزان المدفوعات.

وفي إطار هذه الاستراتيجية، يستعد المجلس الأعلى لصناعة السيارات، خلال أيام، لتوقيع اتفاقية شراكة مع 4 شركات للانضمام إلى برنامج تنمية صناعة ‏السيارات؛ بهدف البدء في التصنيع داخل مصر.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com