هبوط حاد في عائدات سندات الخزانة الأميركية
رغم الاستقلالية الكاملة والحصانة التي يتمتع بها رئيس وأعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي «البنك المركزي الأميركي»، إلا أن القضاء الأميركي قد يصدر قراراً يمكّن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من إقالة رئيس الفيدرالي جيروم باول لوجود سبب.
في غضون ذلك، حذرت مذكرة بحثية جديدة عن مركز «وولف للأبحاث» الأميركي تتناول السيناريوهات المحتملة لإقالة باول، من أنه بصرف النظر عما سيحدث بالضبط بعد ذلك، فإن هذا سيكون بمثابة فوضى.
كتب الخبيران لدى «وولف للأبحاث» توبين ماركوس وتشوتونغ تشو في مذكرة للعملاء: «نتوقع، كما يتوقع الجميع، أن يكون ذلك سلبيا بشكل كبير بالنسبة للأسواق، ومن المرجح أن يؤدي إلى عمليات بيع هيستيرية للأسهم وتراجع عوائد السندات».
أصدرت الشركة التحليل بعد ساعات من ورود تقارير تفيد بإبلاغ ترامب لمجموعة أعضاء الكونغرس الجمهوريين أنه من المرجح أن يقيل باول قريباً، وهو ما عاد الرئيس ترامب لينفيه ولكن ليس بشكل قاطع، تاركاً الباب مفتوحاً للتكهنات.
قال مؤسس شركة «إيفركور» لإدارة الأصول روجر ألتمان في بيان: «هناك الكثير من الأفكار السيئة، لكن إقالة الرئيس لمحافظ مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أو بالأحرى محاولة إقالته، تُعدّ من أسوأ الأفكار».
وقال ألتمان، الذي شغل منصب نائب وزير الخزانة في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون: «إنها فكرة مروعة للغاية، ستصيب الأسواق بالهلع، جنباً إلى جنب وفقدان الثقة في الأصول الأميركية».
أشار ألتمان إلى ما أسماه اختلافاً صارخاً بين المسارات الاقتصادية للدول التي لديها بنوك مركزية مستقلة حقا، مثل الولايات المتحدة، والدول التي سيّست البنوك المركزية التي يسيطر عليها، على سبيل المثال، رؤساء دولها.
طرح خبراء «وولف للأبحاث» سيناريو إذا تحرك ترامب لإقالة باول بدلاً من مجرد الضغط عليه للاستقالة، مرجحين أن يتحرك باول عبر القضاء لمواجهة ذلك.
وقالوا إن السؤال الكبير الأول هو ما إذا كان سيتم فصله فعلياً من منصبه مع استمرار الإجراءات القضائية، بمعنى أن يصبح المنصب شاغراً بالفعل.
وأشاروا إلى أنه في العديد من الحالات الأخرى التي أقال فيها ترامب مفوضي الوكالات المستقلة خلال فترة ولايته الثانية، رفع هؤلاء المفوضون دعاوى قضائية سعياً لإعادة تعيينهم، إلا أنها فشلت جميعها.
سلطت مذكرة «وولف للأبحاث» الضوء على ثلاثة سيناريوهات محتملة في حال أقدم ترامب على إقالة باول:
◄ السيناريو الأول، يظل باول رئيساً فعلياً لبنك الاحتياطي الفيدرالي بينما يسعى ترامب إلى الحصول على أمر قضائي لإقالته.
◄ السيناريو الثاني، يغادر باول منصبه طواعية ويرفع دعوى قضائية لإعادة تعيينه.
◄ السيناريو الثالث والأكثر دراماتيكية، يحاول باول البقاء في منصبه كرئيس، ويسعى ترامب إلى إقالته من خلال عمل تنفيذي.
تقول المذكرة إن سيناريو مماثلاً حدث في شهر مارس بعد استدعاء شرطة واشنطن العاصمة لمرافقة موظفي معهد السلام الأميركي خارج المبنى بعد أن اتهمهم موظفون من ما يسمى بإدارة كفاءة الحكومة التابعة لإيلون ماسك بالتعدي على ممتلكات الغير.
كتب محللو وولف للأبحاث: «لا داعي للقول إن مرافقة باول إلى خارج بنك الاحتياطي الفيدرالي من قبل شرطة واشنطن العاصمة أو وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية من شأنها أن تكون صورة مثيرة للقلق بالنسبة للأسواق، لإنها ستدمر استقلالية أكبر مؤسسة نقدية في العالم».
أشار «وولف للأبحاث» إلى أنه إذا رُفعت دعوى قضائية بشأن إقالة ترامب لباول، فمن المرجح أن ينتهي بها الأمر في المحكمة العليا، التي تنظر إلى الاحتياطي الفيدرالي نظرة مختلفة عن الوكالات المستقلة الأخرى فيما يتعلق بحماية الموظفين من الإقالة المبررة.
كتبت أغلبية المحكمة العليا في أمر يسمح لترامب بإقالة مسؤولين من وكالتين أخريين: «إن بنك الاحتياطي الفيدرالي كيان شبه خاص ذو هيكل فريد من نوعه ويتبع التقليد التاريخي المتميز للبنكين الأول والثاني في الولايات المتحدة».
قال السيناتور جون كينيدي من ولاية لويزيانا في إحاطة صحفية: «إذا طردت رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، فسوف ترى انهيار سوق الأسهم، وسوف ترى انهيار سوق السندات».
أضاف: «إذا خفّض باول أسعار الفائدة من جانب واحد، بمقدار 300 نقطة أساس، أي 3% الآن، فسترى سوق السندات يدخل في حالة من الاضطراب، وأسعار الفائدة ترتفع بشكل كبير، وسيكون لذلك تأثير كبير على اقتراضنا للأموال لتمويل الحكومة».
كما حذر مستشاري البيت الأبيض الذين انخرطوا في جهد منسق لزيادة الضغوط على باول بشكل كبير في التصريحات العامة ومن خلال التحركات البيروقراطية المصممة لإعطاء ترامب المزيد من النفوذ.
بدوره، قال السيناتور توم تيليس من ولاية كارولينا الشمالية، إن إقالة باول سترسل موجة صدمة عبر الأسواق حول احتمال وجود تهديد حقيقي لاستقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي.
ولفت إلى أن هكذا احتمال سيخلق تأثيرات من الدرجة الثانية والثالثة لا يريد أي من الذين يتابعون الأسواق رؤيتها.
خلال جلسة أسئلة وأجوبة في المكتب البيضاوي مع الصحفيين، بعد وقت قصير من تقارير إقالة رئيس الفيدرالي من حديث المسؤول، نفى ترامب بسرعة وبشكل علني ما قاله البيت الأبيض.
قال ترامب: «لا نخطط للقيام بذلك، ولكن لا أستبعد أي شيء، رغم أنني أعتقد أنه مستبعد جداً، إلا إذا اضطر للمغادرة بتهمة الاحتيال في قضية تجديد وإنشاء ملحق للبنك المركزي الأميركي».
من المعروف أن ترامب متقلب المزاج ولديه سجل طويل في طرد الموظفين بعد وقت قصير من قولهم إنهم يحظون بدعمه الكامل.
وفي حالة باول، انتقده طويلاً لعدم خفض أسعار الفائدة على الرغم من مطالبة الرئيس للبنك المركزي بالقيام بذلك.