(خاص ).. التعويم كلمة أصبحت مصدر إزعاج للشعب المصري، نظراً لتداعياتها السلبية على حياتهم اليومية وتكلفتها الباهظة، بالإضافة إلى ما ينتج عن التعويم من أعباء اقتصادية ضخمة تضاف إلى أعبائهم السابقة، وعلى مدار الفترة الماضية انطلقت معلومات تفيد أن هناك مرحلة أخرى من التعويم للجنيه، مما زاد من إرباك الشارع المصري، ليأتي الرد من صانع القرار، ولجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري بالنفي، بل أكد أن التعويم الأخير سوف يستمر على مدار 4 سنوات أخرى، بدعم من قرض الصندوق الدولي، وزيادة الصادرات، والاتجاه نحو توطين الصناعة، مما يقلل من الآثار السلبية للتعويم الأخير، وتخفيف الضغط على الدولار من خلال توفيره من هذه المصادر.
صرف قرض الصندوق
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، النائب الدكتور فخري الفقي، إن برنامج صندوق النقد الدولي الثالث شهد مفاوضات شاقة ودقيقة على مدار سبعة أشهر بدءاً من مارس الماضي، وحتى 27 أكتوبر الماضي، بعد الاتفاق على وضع برنامج لإصلاح الاقتصاد الهيكلي، بالأخص الشق الثاني لأهميته الشديدة، ولهذا يستمر البرنامج لمدة أربع سنوات وليس ثلاث.
وأضاف أن الخطوات والإجراءات التي تسير عليها الاجتماعات طبيعية، إذ لابد من موافقة مجلس صندوق النقد على الخطوات الإجرائية، ولا يمكن توقيع اتفاق مبدئي، إلا إذا كانت هناك إشارة خضراء من مجلس إدارة الصندوق.
وكشف الفقي في تصريحات تلفزيونية، أن البرنامج الجديد سيستمر 4 سنوات على مدار 48 شهرًا، ولم يكن الخبراء ليصلوا القاهرة، إلا بعد ملء الفجوة التمويلية، وتحقق البعض منها عبر الاستثمارات العربية الفترة الماضية، وتمويل الدول الخليجية.
وأشار فخري إلى أنه سيجري ثمانية مراجعات بشكل نصف سنوي على مدار 4 سنوات، وهنا تكمن شهادة الثقة، قائلًا "سيتم صرف الشريحة الأولى من القرض بعد الموافقة النهائية يوم 16 ديسمبر الجاري، وأتوقع أن تتسلم مصر مليار دولار من صندوق الاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي خلال الشهر الجاري، مع دخول أول شريحة من القرض المخصص مباشرة لها من الصندوق".
التعويم الأخير
وأكد رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن سعر الصرف تم تحريره بالفعل، وأصبح مرناً، وسيستمر على مدار 4 سنوات، مشيراً إلى أن الحديث عن تحرير جديد غير حقيقي، وأن ما يحدث في السوق السوداء من تصرفات عشوائية يتحمل مسؤوليتها المروجون.
ولفت الفقي إلى أن الصندوق تعلم دروس الثمانينات، ومطلع التسعينات، فلا يوافق على القرض إلا بعد التأكد من الدولة المتقدمة للاقتراض بأنها تقدم شبكات حماية اجتماعية كافية، وأن هناك اهتماماً كبيراً، وهذا يعكس أن مصر تسير في الاتجاه السليم.
الصندوق يؤكد
وأعلن صندوق النقد الدولي إدراج البرنامج الجديد مع مصر، ضمن جدول أعمال المجلس التنفيذي في 16 ديسمبر الجاري.
وتبلغ مدة البرنامج 4 سنوات، ويتضمن حزمة تمويلية بقيمة 3 مليارات دولار بجانب مليار دولار من صندوق الاستدامة والمرونة التابع له، ونحو 5 مليارات من الشركاء الدوليين.
وقال وزير المالية الدكتور محمد معيط، إن الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الجديد تصل إلى نحو 750 مليون دولار، ومن المقرر الحصول عليها قبل نهاية الشهر الجاري.
سعر الدولار مقابل الجنيه
وشهد سعر الدولار في البنوك ارتفاعاً ليصل إلى مستويات 24.65 جنيه دولار للبيع، ومستويات 24.62 جنيه دولار للشراء في بنوك مصرف أبوظبي الإسلامي، والبنك الأهلي الكويتي.
ووفقًا لتقارير صحفية ، فقد تجاوزت أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه مستويات الـ 30 جنيه للدولار، حيث يرى خبراء السوق أن ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، قد يقود لتحريك جديد في البنوك، حتى يصل سعر الدولار لقيمته الحقيقية أمام الجنيه.
وتوقع الخبير، والمحاضر بالجامعة الأميركية، هاني جنينة، في تصريحات سابقة، أن تختفي السوق السوداء للعملة الأجنبية خلال الربع الأول من العام المقبل، وأن مصر ستحصل على جزء صغير من التمويل المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي في شهر ديسمبر الحالي.
وأشار إلى أن السوق السوداء، بعد قرار التعويم عام 2016، لم تختفِ إلا خلال الربع الأول من عام 2017، وبالتالي هناك تشابه كبير بين كلا السيناريوهين، متوقعاً أن الدولار سيشهد ارتفاعاً طبيعياً خلال الفترة المقبلة ليتخطى حاجز 25 جنيهاً، ولكن سيعود للهبوط مرة أخرى مع وصول أستلام الشريحة الأولى لمصر من صندوق النقد الدولي.
توقعات البنوك
وتوقعت بنوك استثمار عالمية بينها ستاندرد تشارتر (NASDAQ:CHTR)، واتش اس بي سي، أن يستمر تراجع الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي خلال الأسابيع المقبلة، خاصة مع اقتراب التوقيع الرسمي على قرض صندوق النقد الدولي الأشهر المقبلة.
وفقًا لتوقعات البنوك التي نشرتها وكالة بلومبرغ، من المرجح أن يتجه الجنيه إلى مستويات تتراوح ما بين 26 جنيه للدولار، إلى مستويات قرب الـ 27.8 جنيه للدولار خلال الفترة المقبلة.
وقالت الوكالة إن مصر ستتجه إلى مزيد من خفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، قبل أن تحصل على قرض صندوق النقد الدولي المقرر خلال ديسمبر الحالي متوقعة في الوقت ذاته مزيداً من الانخفاض خلال الـ12 شهراً المقبلة.
وأشارت الوكالة إلى ضعف مرونة سعر الصرف في مصر، مقارنة بأوضاع السوق الذي من المتوقع أن يشهد مزيداً من الانخفاض خلال الأشهر المقبلة.
وبناء على تطورات سعر الصرف، فقد ارتفع الدولار مقابل الجنيه حتى الآن، بأكثر من 57% منذ التعويم الأول في مارس الماضي، بينما تتجه التوقعات أن يتسع ارتفاع الدولار لأكثر من 78%، في حال انخفض الجنيه لمستويات الـ 28 جنيه للدولار.
خسائر الجنيه
ومنذ بداية عملية تحرير أسعار الصرف الثانية في 26 أكتوبر الماضي، انخفض الجنيه مقابل الدولار بقيمة تقترب من 5 جنيهات، ما عادل ربع قيمته ليتراجع من مستويات 19.7673 جنيه دولار، إلى المستويات الحالية بانخفاض 25% بينما فقد الجنيه المصري إجمالا منذ بدأ تحرير أسعار الصرف في 21 مارس 2022، ما يقرب من 9 جنيهات أي أكثر من نصف قيمته.
وقفز سعر صرف الدولار مقابل الجنيه منذ بداية عملية التعويم بأكثر من 57% ارتفاعًا من مستويات 15.7786 جنيه للدولار إلى المستويات الحالية.