التدخل في السياسة النقدية يدمر مصداقية البنك
ترامب يبدو أنه تخلى عن فكرة إقالة جيروم باول
يبدو أن الكواليس المغلقة وأروقة أكبر صانع للسياسة النقدية في العالم تخبئ ما لا تراه الأسواق حقاً، فبعدما أطلق وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت أحدث تطميناته للأسواق بشأن بقاء رئيس الفيدرالي في منصبه، توقع أن تنخفض الفائدة بوتيرة لم يتوقعها الفيدرالي نفسه في أحسن التقديرات.
في تصريحات صحفية بساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء، قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت إنه يتناول الإفطار مع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي «البنك المركزي الاميركي» جيروم باول كل أسبوع تقريباً، وأن أسعار الفائدة قد تشهد خفضا كبيراً.
أضاف وزير الخزانة الأميركي، والذي كان له دور في استمرار باول بمنصبه بعدما أقنع ترامب بذلك: «أتوقع أن تنخفض الفائدة بنسبة تراوح بين 1 إلى 2 % هذا العام».
أشار وزير الخزانة الأميركي إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تُؤدِّ إلا إلى تضخم طفيف، وأن الزيادة الأخيرة غالباً ما تحدث لمرة واحدة.
في إفادته للصحفيين، توقع بيسنت أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يُخفض أسعار الفائدة في سبتمبر، أو حتى قبل ذلك «في إشارة إلى اجتماع الأسبوع المقبل».
أكد بيسانت أن العامل الرئيس هو انخفاض التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية، ما قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى اتخاذ إجراء قبل سبتمبر.
كما قال إن «متلازمة اضطراب الرسوم الجمركية» وتعريفات «يوم التحرير» قد تُؤثر أيضاً في قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ولكن حتى الآن ثبت أن التعريفات لم تشعل التضخم كما كان متوقعاً.
في أحدث تصعيد هذا الأسبوع، اتهم ترامب رئيس الفيدرالي بـالعناد وانعدام الكفاءة على خلفية رفضه خفض أسعار الفائدة.
وقالت تصريحات صحفية: «أوروبا خفضت أسعار الفائدة عشر مرات، بينما لم نحصل نحن على أي خفض».
وأضاف ترامب في رسالته التي تعد مكررة في الأسابيع الأخيرة : «ليس لدينا تضخم، واقتصادنا قوي، كان يجب أن نكون أقل بمعدل نقطتين إلى ثلاث نقاط على الأقل».
من المقرر أن يجتمع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نهاية هذا الشهر، مع تزايد البيانات التي تصب في صالح الإبقاء على أسعار الفائدة مقيدة عند مستويات عالية خاصة لمواجهة التضخم المرتفع.
قال باول الأسبوع الماضي، إن البنك يتوقع ارتفاع التضخم هذا الصيف، مع نفاذ تأثير الرسوم الجمركية إلى قطاعات الاقتصاد.
وأكد أن المركزي الأميركي يتحلى بالصبر فيما يتعلق بتبني المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة، لكنه لم يستبعد إجراء تخفيض في اجتماع الشهر الحالي، قائلاً إن كل شيء يعتمد على البيانات الواردة.
في تجمع اقتصادي هذا الأسبوع، أشار باول إلى أن السياسة النقدية تصبح أكثر تأثيرًا عندما يفهم الجمهور الأسباب التي تقف وراء القرارات التي يتخذها المجلس، وأكّد أن الفيدرالي الأميركي يواصل التركيز على تحقيق أهدافه في تحقيق أقصى قدر من التوظيف وضبط الأسعار.
أكد باول أن الفيدرالي في وضع جيد يسمح له بانتظار المزيد من الوضوح حول هذه التطورات قبل اتخاذ أي قرارات تتعلق بالسياسة النقدية، مؤكداً ضرورة عدم التسرع في اتخاذ خطوات قد تؤثر سلباً في الاقتصاد.
يتطلب أي خفض لأسعار الفائدة موافقة سبعة أعضاء من أصل 12 عضواً في اللجنة، حتى لو عين ترامب رئيساً جديداً للمصرف المركزي، فإن تكوين اللجنة لا يضمن له الأغلبية المطلوبة دون دعم داخلي مبني على بيانات واضحة.
يشعر صناع السياسة لدى الفيدرالي بالقلق من أن صدمة الرسوم الجمركية قد تكون كبيرة ومعقدة لدرجة أنها قد تؤثر في قراءات التضخم في الأشهر المقبلة، لذا يبقى أغلب أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في وضع الترقب والانتظار.
حتى بعد استسلام ترامب لفكرة بقاء باول، إلا أن باول لديه الحق في البقاء، ليس حتى مايو المقبل فقط، بل قد يستمر عضواً في المجلس بعد نهاية ولايته كرئيس حتى 2028، ما يضعف نفوذ الرئيس القادم مؤقتاً.