logo
اقتصاد

الاتفاق المفاجئ بين واشنطن وبكين يمنح فرصة للاقتصاد العالمي

الاتفاق المفاجئ بين واشنطن وبكين يمنح فرصة للاقتصاد العالمي
الرئيس دونالد ترامب خلال تجمع جماهيري في ميشيغان - الولايات المتحدة يوم 29 أبريل 2025المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:12 مايو 2025, 04:26 م

حتى وقت قريب، كان يبدو هذا السيناريو مستبعداً. لكن يوم الاثنين، وفي خطوة فاجأت المستثمرين والشركات التي كانت تخشى اندلاع حرب تجارية، توصّلت الولايات المتحدة والصين إلى هدنة.

فقد قرر أكبر اقتصادين في العالم إلغاء معظم الرسوم الجمركية التي فرضاها على بعضهما منذ أبريل، في سياق تصعيد متبادل هدد بتغذية التضخم في الولايات المتحدة، وضرب قطاع التصدير الصيني، وتقويض الاقتصاد العالمي.

وقد قفزت الأسواق المالية في الولايات المتحدة وخارجها فور الإعلان عن هذه الخطوة، فيما ارتفع الدولار وعوائد السندات، ما يعكس توقعات بتحسن النمو الاقتصادي الأميركي في ظل تراجع التوترات التجارية. كما تنفّس المصدّرون الصعداء.

وأكد محللون ومستثمرون لوول ستريت جورنال أن هذه النتيجة أفضل بكثير مما كانوا يتوقعونه مطلع الأسبوع، حين بدأ المفاوضون من الجانبين محادثات مكثفة استمرت يومين في مقر السفير السويسري لدى الأمم المتحدة في جنيف.

أخبار ذات صلة

الاتفاق التجاري بين بريطانيا والولايات المتحدة.. هل يمثل طعنة لأوروبا؟

الاتفاق التجاري بين بريطانيا والولايات المتحدة.. هل يمثل طعنة لأوروبا؟

ووافقت واشنطن على خفض الرسوم الجمركية الأساسية على معظم المنتجات الصينية إلى 30% بعد أن كانت 145%، بينما تعهّدت بكين بتخفيض رسومها على المنتجات الأميركية إلى 10% بدلًا من 125%.

تجدر الإشارة إلى أن النسبة الأميركية البالغة 30% تشمل ضريبة إضافية تتعلق بدور الصين المزعوم في أزمة الفنتانيل داخل الولايات المتحدة، وهي مسألة طُرحت خلال مباحثات عطلة نهاية الأسبوع.

ورغم هذا التراجع، ستظل الرسوم الأميركية على بعض المنتجات الصينية أعلى من 30%، إذ بقيت التعريفات المفروضة على الصلب والألمنيوم والسيارات، وكذلك بعض الرسوم التي فُرضت خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترمب وسلفه جو بايدن، على حالها.

واتفقت واشنطن وبكين على الإبقاء على هذه المعدلات الجديدة لمدة 90 يوماً، بهدف التوصل إلى اتفاق تجاري أوسع خلال مفاوضات مقبلة.

من جانبها، أعلنت الصين أنها ستلغي أو تعلّق بعض الإجراءات غير الجمركية التي اتخذتها رداً على الولايات المتحدة، منها تخفيف القيود على تصدير المعادن الحيوية المستخدمة في البطاريات والتقنيات المتقدمة.

وفي مؤتمر صحفي بجنيف، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إن الولايات المتحدة تسعى إلى «اتفاق تجاري مستدام» مع الصين، مشيراً إلى أن القطيعة التامة بين الاقتصادين «ليست مطلوبة» وأن «أيًّا من الطرفين لا يرغب في الانفصال».

وأضاف بيسنت أن بلاده لا تزال قلقة بشأن اختلال العلاقات التجارية مع الصين، مستشهداً بممارسات بكين في إدارة سعر صرف عملتها، ودعمها الحكومي للصناعات التحويلية، وهي أمور ترى واشنطن أنها أسهمت في فقدان الوظائف الأميركية في قطاع التصنيع. ولفت إلى أن هذه القضايا وغيرها ستكون محور النقاش خلال مهلة التسعين يوماً المقبلة.

ويسهم هذا الاتفاق في تجنب مواجهة تجارية مدمّرة بين القوتين الاقتصاديتين، كان من شأنها أن تؤثر سلباً على سلاسل التوريد وأسعار المستهلكين في أنحاء العالم.

وكانت شركات التجزئة الأميركية قد حذّرت من فراغ الرفوف في متاجرها إذا ما تعذر عليها استيراد المنتجات الصينية، فيما عبّرت شركات صغيرة عن مخاوفها من الإفلاس إذا فقدت الوصول إلى القاعدة الصناعية الصينية العملاقة. وقد حذر خبراء الاقتصاد من أن ارتفاع الأسعار ونقص السلع قد يعيدان إشعال موجة التضخم.

أخبار ذات صلة

الصين تفتح الباب جزئياً أمام الشركات الأميركية للحصول على معادن نادرة

الصين تفتح الباب جزئياً أمام الشركات الأميركية للحصول على معادن نادرة

 

أما في الصين، فإن حرباً تجارية مفتوحة مع الولايات المتحدة كانت ستعرّض ملايين الوظائف المرتبطة بالسوق الأميركية للخطر، وتُفاقم التوترات مع دول أخرى تخشى من طوفان السلع الصينية. كما تخشى بكين من فقدان الوصول إلى منتجات أميركية ضرورية، مثل طائرات «بوينغ» وقطع الغيار والرقائق الإلكترونية.

يُذكر أن أسعار السلع الصينية المصدّرة تراجعت منذ أكثر من عامين، في ظل فائض العرض عن الطلب-a نزعة انكماشية كان من المرجح أن تتفاقم مع تزايد الحواجز التجارية.

وكان للاتفاق تأثير فوري على بعض المصدرين، إذ أعلنت شركتان صينيتان تصنعان أشجار عيد الميلاد الاصطناعية -وكانتا قد وضعتا عدداً من العمال في إجازة بسبب الرسوم المرتفعة- أن التعريفة البالغة 30% تمثل مستوى يمكن التكيّف معه. وأكدت الشركتان عزمهما التفاوض مع الزبائن الأميركيين لتقاسم عبء الرسوم، واستعدادهما لتكثيف الشحنات خلال مهلة التسعين يوماً، تحسّباً لعودة الرسوم للارتفاع لاحقاً.

ورغم حالة الارتياح في أوساط المصانع الصينية، قدّر لاري هو، كبير الاقتصاديين للصين في مجموعة «ماكنزي»، في مذكرة بحثية أن الرسوم الجمركية بنسبة 30% قد تؤدي إلى تراجع صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 36% خلال 12 شهراً.

وكانت صادرات الصين إلى السوق الأميركية قد انخفضت بنسبة 21% في أبريل مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، نتيجة زيادة الرسوم. في المقابل، ارتفعت صادرات بكين إلى دول رابطة آسيان بنسبة 21%، في إشارة إلى أن بعض المصنعين أعادوا توجيه شحناتهم نحو أسواق لم تشملها الرسوم، وفقاً لمحللين.

وصف دان آيفز، المحلل في شركة «ويدبوش سكيوريتيز»، خفض الرسوم الجمركية بأنه «سيناريو مثالي»، مشيراً إلى أن دونالد ترمب كان قد تحدث قبل أيام فقط عن أن نسبة 80% على المنتجات الصينية «تبدو منطقية».

أما روبن شينغ، كبير الاقتصاديين للصين لدى «مورغان ستانلي» في هونغ كونغ، فقال إن «تجميد الرسوم يمنح الاقتصادين فترة تنفس، بعدما بدأت الأمور تأخذ منحى يشبه الحصار التجاري الثنائي». وأضاف أن من المرجح أن تشهد التجارة بين البلدين ازدهاراً خلال فترة التسعين يوماً، مع سعي الطرفين للاستفادة من انخفاض الرسوم، في تكرار لما حدث في وقت سابق من هذا العام.

وأشار بيسنت إلى أن الجانبين اتفقا على إطار لتوجيه المحادثات التجارية، ما يُفترض أن يمنع موجات جديدة من التصعيد الانتقامي، كتلك التي أعقبت إعلان ترامب فرض رسوم جديدة في الثاني من أبريل، حين رفع الرسوم على الصين بنسبة 34% ضمن خطة تعريفات عالمية شملت معظم شركاء الولايات المتحدة التجاريين، وتفاقمت مع تبادل الطرفين لخطوات انتقامية متتالية.

ورغم عدم التوصل إلى اتفاق بشأن رسوم الفنتانيل، أكد المسؤولون الأميركيون أنهم أوصلوا مخاوفهم بوضوح في اجتماعات خاصة. وكان ترمب قد اتهم الصين بلعب دور في تجارة هذه المادة القاتلة، وهو ما تنفيه بكين.

وخلال اجتماع خاص يوم السبت، قال مصدر مطلع إن بيسنت أمسك كمية صغيرة من السكر عن الطاولة وأبلغ المسؤولين الصينيين أن هذه الكمية قد تقتل شخصًا لو كانت فنتانيل. ثم أمسك كمية أكبر وقال إنها قد تقتل سكان جنيف بأكملها، ثم كمية أكبر قال إنها قد تقتل سكان سويسرا كلها.

وفي لقائه مع مجموعة صغيرة من الصحافيين، أشار بيسنت إلى أن مسألة الفنتانيل لم تكن محوراً رئيسياً في المحادثات، لكن الوفد الصيني ضم وزير الأمن العام وانغ شياوهونغ، الذي ناقش الملف بالتفصيل مع الجانب الأميركي، معتبراً أن وجود مثل هذا المسؤول «غير معتاد في وفد تجاري» ويعكس «استجابة الصين لمخاوفنا».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC