استثمارات مليارية من الصين وتركيا إلى مصر.. بيئة جاذبة بتكاليف منخفضة

تشهد السوق المصرية منذ بداية العام الحالي زخماً استثمارياً من الشركات الصينية والتركية، في خطوة تراها القاهرة فرصة كبيرة لتعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وزيادة عوائد التصدير، وتوفير المزيد من فرص العمل، بحسب مسؤولين تحدثوا لـ«إرم بزنس».

الاستثمارات التركية والصينية المتدفقة على القاهرة تركزت في عدد من القطاعات الصناعية الرئيسة، مثل الملابس الجاهزة والمنسوجات والصناعات المغذية للسيارات والأجهزة المنزلية، وفق المسؤولين.

الاهتمام المتزايد من المستثمرين الأتراك والصينيين، دفع القاهرة لرفع مستهدفاتها الاستثمارية من البلدين لما يتجاوز 10 مليارات دولار خلال العامين المقبلين، بواقع 8 مليارات دولار من الصين، وملياري دولار من تركيا، بحسب ما قاله مسؤول حكومي لـ«إرم بزنس».

المسؤول الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أوضح أن بلاده تتطلع لمضاعفة الاستثمارات التركية والصينية خلال 5 سنوات على أقصى تقدير.

«الظروف الاقتصادية والجيوسياسية الحالية جعلت من مصر بيئة محفزة للاستثمارات التركية والصينية، خاصة مع انخفاض تكاليف الإنتاج، وتوفر العمالة، واستقرار سعر الصرف، بجانب الموقع الجغرافي والاتفاقيات التجارية»، بحسب المسؤول.

تُقدّر الاستثمارات الصينية في مصر بنحو 8 مليارات دولار، بحسب تقديرات جهاز التمثيل التجاري المصري، فيما تتجاوز الاستثمارات التركية 4 مليارات دولار، وفق بيانات السفارة التركية في القاهرة.

الشركات الصينية تتوسّع

قال نائب رئيس مجلس الأعمال المصري الصيني، مصطفى إبراهيم، إن هناك اهتماماً مكثفاً من الشركات الصينية للتواجد في مصر منذ أبريل الماضي، خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

إبراهيم أضاف لـ«إرم بزنس» أن الأوضاع التجارية بين أميركا والصين، والرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أبريل الماضي، دفعت الأخيرة للتوسع ببعض الصناعات خارج الصين، لتخفيف وطأة الرسوم على شركاتها.

اعتبر إبراهيم مصر ضمن الدول التي رأت فيها الصين «فرصة جيدة» لتجنب الرسوم الجمركية الأميركية الكبيرة، خاصة مع اقتصار الرسوم المفروضة على القاهرة على 10% فقط، بجانب النجاحات التي حققتها الشركات الصينية في مصر خلال السنوات الماضية.

أشار إلى أن هناك جدية وسرعة ملحوظة من الشركات الصينية للتوسع في مصر خلال الفترة الحالية في مجالات الصناعات المغذية للسيارات والأجهزة المنزلية والهواتف والملابس.

توقع إبراهيم استقطاب مصر استثمارات صينية تتخطى قيمتها 9 مليارات دولار حتى نهاية عام 2026، خاصة مع تطلع شركات صينية عملاقة للتواجد في القاهرة خلال الفترة المقبلة.

استثمارات صينية ضخمة

جذبت مصر منذ بداية العام الحالي عدداً كبيراً من المشروعات الصينية الصغيرة والمتوسطة، خاصة في نطاق المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وفق إبراهيم، الذي قال إن العام الحالي شهد أيضاً الإعلان عن استثمارات صينية كبيرة الحجم.

منذ بداية العام، أعلنت مصر عن 3 مشروعات صينية عملاقة؛ الأول لشركة «آسيا- بوتاس» التي تستهدف ضخ استثمارات تتراوح بين 7 و10 مليارات دولار في مشروع لإنتاج الفوسفات، والثاني لشركة «شين فينغ مصر للصلب» ويتضمن إنشاء مجمع متكامل للصناعات المعدنية داخل منطقة السخنة باستثمارات 1.6 مليار دولار.

أما المشروع الثالث، فأعلن عنه مجلس الوزراء المصري منتصف أغسطس الحالي، ويتضمن قيام مجموعة «سايلون» الصينية بإنشاء مصنع لإطارات السيارات في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، باستثمارات إجمالية تبلغ مليار دولار.

اهتمام تركي متزايد

بدوره، قال رئيس غرفة الملابس الجاهزة في اتحاد الصناعات المصرية، محمد عبد السلام، إن غرفته تتلقى ما بين 3 إلى 4 استفسارات يومياً من شركات ملابس تركية تتطلع للتوسع في مصر.

عبد السلام أضاف لـ«إرم بزنس» أن ارتفاع الأجور وتكاليف الإنتاج في تركيا دفع مستثمريها للبحث عن وجهات أقل تكلفة لمشروعاتهم.

«مصر أبرز الوجهات الجاذبة للمستثمرين الأتراك، فهي لديها بيئة أعمال مشجعة للاستثمار بفضل تكاليف الإنتاج المنخفضة، بجانب الاتفاقيات التجارية التي تسهّل دخول منتجاتها برسوم منخفضة لنحو 80% من دول العالم»، بحسب عبد السلام.

أشار رئيس الغرفة إلى أن صناعة الملابس الجاهزة تحقق هوامش ربحية منخفضة، وأن ارتفاع التكاليف في تركيا أفقد شركاتها ميزات تنافسية في أوروبا وأميركا، لذا برزت مصر كبديل جيد لأنقرة للحفاظ على الأسواق التصديرية.

توقع عبد السلام جذب بلاده ما يتراوح بين 150 إلى 200 مستثمر تركي بنهاية العام الحالي، دون الإفصاح عن قيمة الاستثمارات المتوقعة.

في وقت سابق، قال السفير التركي بالقاهرة، صالح موطلو شن، إن العام الجاري يشهد زيادة ملحوظة للاستثمارات التركية في مصر، متوقعاً تجاوزها 500 مليون دولار بنهاية العام الحالي.