خاص
خاص وزير المالية المصري محمد معيط

مصر والسندات الآسيوية.. البحث عن بديل لصندوق النقد  

كثفت مصر، التي تتعثر مراجعة أحدث قروضها مع صندوق النقد الدولي منذ ما يقرب من 9 أشهر، من اللجوء إلى أسواق السندات الآسيوية، وآخرها السوق الهندي كبديل عن الأسواق الدولية، وذلك لعدة أسباب، منها رغبة الدولة المصرية في تنويع مصادر الاستدانة، بالإضافة إلى انخفاض تكلفة الديون الآسيوية.

وبعد نجاحها مؤخرا في طرح سندات الباندا المقومة باليوان الصيني، وسندات الساموراي المقومة بالين الياباني، بقيمة مليار دولار، تتجه مصر حاليا كما أعلن وزير ماليتها الدكتور محمد معيط، إلى الاستدانة من السوق الهندية وطرح سندات مقومة بالروبية الهندية.

وطرقت مصر أبواب السوق اليابانية شهر أكتوبر الماضي، حيث أصدرت سندات الساموراي بما قيمته 500 مليون دولار بأجل 5 سنوات، وبعائد سنوي يعادل 1.5%، كما اقتحمت أيضا السوق الصينية حيث أصدرت في الشهر نفسه سندات الباندا المقومة باليوان الصيني، بحوالي 3.5 مليار يوان بما يعادل نصف مليار دولار بعائد 3.5% سنويا بأجل 3 سنوات.

علاقة متطورة

ويقول محمود أبو الوفا، خبير أسواق المال، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، إن العلاقات المصرية الهندية آخذة في التطور والاتساع، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 7.2 مليار دولار، مشيرا إلى أن مصر تسعى لاستثمار العلاقات الجيدة مع نيودلهي في طرح سندات سيادية مقومة بالروبية الهندية.

ولفت إلى أن مصر تسعى أيضا لاستبعاد الدولار الأميركي من تعاملاتها التجارية مع الهند، وذلك باعتماد نظام المقايضة، حيث من المتوقع أن يشمل هذا النظام سلعا مثل الأسمدة والغاز، وهو ما سيخفف الضغط عن الطلب على الدولار في السوق المصرية في ظل الشح الشديد في توافره.

وأضاف أن مصر تهدف إلى تنويع مصادر تمويل عجز الموازنة عبر اللجوء لأسواق جديدة، وذلك من ضمن أسباب اللجوء للسوق الهندية وليس فقط لانخفاض التكلفة، موضحا أن السندات الدولارية حاليا تكلفتها مرتفعة بالنسبة لمصر بسبب ارتفاع أسعار الفائدة عالميا، مما يشكل عبئا على الموازنة العامة للدولة.

مصر تسعى لاستثمار العلاقات الجيدة مع نيودلهي في طرح سندات سيادية
محمود أبو الوفا - خبير أسواق المال
عائدات مرتفعة

ويرى السيد كامل، الخبير الاقتصادي ومحلل أسواق المال، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أنه من المتوقع أن تلقى السندات المصرية المزمع طرحها بالسوق الهندية، إقبالا من المستثمرين هناك، خاصة بعد نجاح الحكومة المصرية في طرح نظيرتها في الصين واليابان، لافتا إلى أن دخول مصر لهذه الأسواق هدفه جذب مستثمرين جدد وتنويع مصادر التمويل.

وأضاف أن السندات الدولارية بالسوق الدولية مرتفعة التكلفة حاليا، وهو ما يدفع الأسواق الناشئة للاتجاه نحو أسواق جديدة، خاصة الآسيوية، بعيدا عن الأسواق التقليدية.

يشار إلى أن العجز الكلي في الموازنة العامة المصرية قد ارتفع مسجلا 383.1 مليار جنيه خلال أول شهرين من السنة المالية الحالية 2023-2024 ما يعادل 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 1.4% خلال الفترة نفسها من العام المالي الماضي.

كما انخفض معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 3.8% خلال العام المالي 2022 - 2023، وهو أقل من نسبة 4.2% المستهدفة خلال هذا العام، وأقل للنصف تقريبا من معدل نمو العام المالي الماضي، الذي بلغ 6.6%، ويرجع هذا التراجع إلى ارتفاع أسعار الفائدة عالميا، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

السندات الدولارية بالسوق الدولية مرتفعة التكلفة حاليا، وهو ما يدفع الأسواق الناشئة للاتجاه نحو أسواق جديدة
السيد كامل - الخبير الاقتصادي ومحلل أسواق المال
قروض وتمويلات

وحصلت الحكومة المصرية على تمويلات وقروض بقيمة ملياري دولار خلال أكتوبر الماضي، كان آخرها قرضاً مشتركاً من بنك دويتشه والمؤسسة العربية المصرفية، بقيمة 500 مليون دولار، بهدف تهدئة أزمة نقص النقد الأجنبي، وتطبيق خطة لإطالة متوسط عمر محفظة الدين العام وخفض تكلفة الدين الخارجي. وتمر مصر حاليا بأزمة حادة تتمثل في شح الدولار بسبب ارتفاع الدين الخارجي للبلاد، والذي وصل إلى 165 مليار دولار بحلول نهاية الربع الأول من العام الجاري 2023، وهو ما يرهق الموازنة العامة المصرية بسبب ارتفاع تكلفة خدمة الدين، إذ على الحكومة المصرية سداد حوالي 29.229 مليار دولار خلال عام 2024 المقبل. وتأثر قطاع السياحة في مصر، وهو أحد المصادر الرئيسية لتدفق الدولار، بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إذ تباطأ معدل الحجوزات في المقاصد السياحية القريبة من الحدود مثل طابا ونويبع والعريش. وشهد سعر الدولار في السوق الموازية في مصر، السوق غير الرسمية، ارتفاعات غير مسبوقة، حيث اقترب من مستوى 50 جنيها للدولار الواحد، فيما يصل سعره في السوق الرسمية (البنوك) أقل من 31 جنيها. وفاقم مع حدة نقص الدولار، بالإضافة إلى التطورات الجيوسياسية في المنطقة، ما حدث من تراجع في تحويلات المصريين في الخارج خلال الآونة الأخيرة حيث أشار البنك المركزي المصري في أحدث تقرير له إلى تراجعها بنسبة 30.8%، لتصل إلى 22.1 مليار دولار خلال العام المالي الماضي 2022 - 2023. وفي ضوء تلك الأزمة المعقدة، خفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، تصنيف الديون السيادية لمصر بالعملات الأجنبية إلى "B –" بدلا من "B" بسبب ارتفاع المخاطر على التمويل الخارجي وارتفاع الديون الحكومية. وفي أكتوبر الماضي، خفضت وكالتا "موديز" و"ستاندرد آند بورز" التصنيف الائتماني لمصر بمقدار درجة واحدة أيضا.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com