logo
طاقة

أزمة كهرباء في "بلد الطاقة".. هل تنجح الاستثمارات في إنهاء معاناة الليبيين؟

أزمة كهرباء في "بلد الطاقة".. هل تنجح الاستثمارات في إنهاء معاناة الليبيين؟
عمال يعملون على أبراج الجهد العالي بعد أن تضررت بسبب القتال، جنوب طرابلس، في 23 مايو 2019.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:31 يوليو 2024, 06:11 م

تطمح ليبيا، التي تعاني أزمة كهرباء مزمنة، إلى إنهاء معاناة مواطنيها عبر ضخ استثمارات محلية ودولية، وربط مع دول الجوار لتجاوز الأزمة في إحدى كبريات دول العالم الغنية باحتياطات نفطية.

وتعاني ليبيا، منذ 2011، من عجز بالكهرباء، جراء عدة أسباب، بينها أزمات عدم الصيانة والأعطال التي تواجه 10 محطات كبرى في البلاد، وكذلك أعمال تخريبية طالت خطوط الجهود العالية جراء أوضاع أمنية متردية وسط صراع حكومتين شرق وغرب البلاد. 

وفي محاولة لمحاصرة أزمة الكهرباء التي أدت لاحتجاحات واسعة، اتجهت ليبيا إلى تنويع الاستثمارات بين إنشاء محطات أو تحديث أخرى أو التوجه للطاقة المتجددة البديلة، وهي خطوات يراها مختصون، بينهم مسؤول ليبي تحدثوا لـ"إرم بزنس"، لن تنهي وحدها معاناة الليبيين، "قريباً" دون ترشيد الاستهلاك، وتقليل الدعم، وإنهاء الانقسام بين حكومتي الشرق والغرب اللتين تتنازعان صلاحيات الإدارة والإنفاق.

أخبار ذات صلة

ليبيا.. تشغيل خط أنابيب جديد من حقل شمال الحمادة النفطي

ليبيا.. تشغيل خط أنابيب جديد من حقل شمال الحمادة النفطي

وفي 7 يناير الماضي، أعلن مصرف ليبيا المركزي، في بيان، أن إجمالي الإنفاق العام للدولة بلغ 122.7 مليار دينار (25 مليار دولار)، وذلك خلال الفترة من 1 يناير حتى 31 ديسمبر 2023، تشمل 7.2 مليار دينار (1.49 مليار دولار) للترتيبات المالية الخاصة بالشركة العامة للكهرباء.

مسارات إنعاش

وكان انقطاع الكهرباء خاصة مع حلول الصيف، سبباً بخروج احتجاجات عديدة بين عامي 2020، و2023، ولم يسلم صيف 2024، من الانقطاعات، شرق وجنوب ليبيا، ومناطق قرب طرابلس هذا الصيف، وانتشار المولدات الخاصة وسط عجز يصل إلى 1000 ميغاواط شتاءً، وأكثر من 2500 ميغاواط  صيفاً، رغم إنتاج للطاقة الكهربائية، بين 5.5 و8 آلاف ميغاوات يومياً، وفق إعلام محلي.

ولمواجهة الأزمة، تسعى الشركة العامة للكهرباء في البلاد (مقرها طرابلس)، لرفع طاقتها الإنتاجية إلى 14 ألفاً و834 ميغاواط بحلول عام 2025، و21 ألفاً و669 ميغاواط بحلول عام 2030، وفق تصريحات سابقة لمسؤولين في الشركة لإعلام محلي.

ولتنفيذ تلك التقديرات الطموحة، تحركت ليبيا المنقسمة في حكومة غرب البلاد وشرقها نحو استثمارات محلية ودولية وربط كهربائي مع دول جوار في محاولة من كل حكومة لتحسين الخدمات للمواطنين.

وكشفت الشركة العامة للكهرباء في ليبيا، عبر صفحتها الموثقة على "فيسبوك"، الثلاثاء، عن أعمال صيانة واسعة منها أعمال في قاعدة محول بمحطة في زليتن (شمال غرب)، وفك أعمدة الإنارة القديمة والمتهالكة واستبدالها بأخرى جديدة، واستمرار أعمال صيانة وتحديث للبنية التحتية لشبكة الإنارة بمناطق ليبية أخرى.

وتنوعت المساعي أيضاً بين تحركات للربط الكهربائي واستثمارات خارجية، أحدثها في يونيو الماضي، خلال مباحثات جرت بين شركة الكهرباء الجزائرية الحكومية "سونلغاز"، ووزارة الطاقة في تونس؛ لتعزيز شبكات الكهرباء ذات الجهد العالي بين البلدين وليبيا لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة.

وفي نوفمبر 2023، كشف وزير الكهرباء في الحكومة الليبية المنبثقة عن البرلمان، عوض البدري، عن اجتماعات لدراسة إمكانية الربط الليبي اليوناني ودراسات لإقامة محطات طاقة شمسية في ربوع البلاد. 

في مايو الماضي، استأنفت شركة "هيونداي" الكورية أعمالها بمشروع محطة غرب طرابلس البخارية، وفق بيان للشركة العامة للكهرباء، أفاد بأن المشروع مكون من 4 وحدات بإجمالي قدرة إنتاجية تبلغ 1400 ميغاوات، وسيساهم في "استقرار الشبكة الكهربائية"، في عموم البلاد عند الانتهاء من تنفيذه.

وقبلها بشهر، وقعت الشركة ذاتها، وفق بيان وقتها على مشروع إنشاء محطة زليتن الموردة من شركة سيمنس الألمانية وتنفيذ ائتلاف شركتي "اورباكون للتجارة القطرية، المقاولات والسويدي إليكتريك المصرية"، بنحو 800 مليون يورو (873.9 مليون دولار)، وتضم 6 وحدات بإجمالي قدرة إنتاجية تصل إلى 1044 ميغاوات ومن المقرر الانتهاء من تنفيذها خلال 26 شهراً.

وفي يوليو 2023، كشفت وزارة الكهرباء المصرية، أن الوزارة تُجري دراسات لبحث إمكانية رفع قدرة خط الربط مع ليبيا من 150 ميغاواط إلى 2000 ميغا وات، وفي سبتمبر 2022، بحثت الشركة العامة للكهرباء في ليبيا، وفق بيان، استئناف العمل بمشروع محطة الخليج البخارية في سرت، بقدرة إنتاجية تبلغ 1400 ميغاوات، حيث تعمل، حالياً، الوحدة الأولى فقط بقدرة إنتاجية 250 ميغاوات؛ لتوقف العمل بالمشروع منذ العام 2014؛ "نتيجة للظروف الأمنية".

وفي قطاع الطاقة النظيفة، بدأت شركة "توتال" الفرنسية في يونيو 2022، تنفيذ أول مشروع للطاقة الشمسية في ليبيا، بقدرة 500 ميغاوات، في وقت تهدف ليبيا إلى توليد 22% من الكهرباء الخاصة بها، من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030.

كما وقعت شركة "دبليو سولار" للاستثمار وإحدى شركات "ألفا ظبي القابضة" اتفاقية، في يونيو 2021، مع شركة الكهرباء شراكة لإقامة مزارع للطاقة الشمسية لإنتاج 500 ميغاواط في مرحلته الأولى مع هدف طويل الأجل يبلغ ألفي ميغاواط.

وكان إجمالي قيمة عقود مشاريع تنفيذ محطات كهرباء في ليبيا، المتعاقد عليها منذ 2011، وحتى 2018، سبعة مليارات دينار (1.45 مليار دولار)، وفق تقديرات نقلتها وكالة أنباء شينخوا الصينية عن مدير الشركة الليبية للكهرباء وقتها، علي ساسي، لافتاً إلى أن الخسائر التي طالت قطاع الكهرباء في ليبيا، طيلة السنوات السبع هذه، تخطت 1.5 مليار دينار (300 مليون دولار).

أخبار ذات صلة

رئيس "المصرية الليبية لرجال الأعمال": سوق ليبيا تزخر بفرص استثمارية واعدة

رئيس "المصرية الليبية لرجال الأعمال": سوق ليبيا تزخر بفرص استثمارية واعدة

تغيير منتظر

سلامة الغويل، وزير الدولة لشؤون الاقتصاد السابق في حكومة عبد الحميد الدبيبة، ورئيس مجلس المنافسة ومنع الاحتكار التابع لمجلس النواب شرقي البلاد، يرى في حديث لـ"إرم بزنس"، أن الاستثمارات لم يكتب لها النجاح في ظل غياب الشفافية، والتردي الأمني، والأزمات التي تواجه حكومة طرابلس، ويعول في المستقبل القريب على أن تحدث حكومة شرق البلاد تغييراً إيجابياً في هذا الصدد. 

المسؤول الليبي أوضح أن حكومة طرابلس كانت تمتلك ميزانيات واسعة، وكان بإمكانها مواجهة الأزمة مبكراً إلا أنها كانت غير قادرة على خلق استقرار أمني، فيما أشار في المقابل إلى أن شرق البلاد جذب استثمارات واسعة في الآونة الأخيرة، وعملت الحكومة على خلق آليات لتجاوز الأعطال، وتطوير قطاع الكهرباء، ومع الموازنة الجديدة التي أقرت، مؤخرًا، يمكن أن نرى شيئاً جيداً ملموساً في هذا القطاع عبر الاستثمارات أو ما شابه، في إشارة إلى إقرار البرلمان الليبي مخصصات إضافية للميزانية بقيمة 18.3 مليار دولار.

وبحسب الغويل، فإن الاستثمارات في مجال قطاع الكهرباء في العالم المالي المقبل قد تتجاوز 2 مليار دينار (413 مليون دولار) شرق البلاد، لافتاً إلى أن الربط الكهربائي لاسيما مع مصر، والاستثمارات الجادة في القطاع، بداية نحو إنهاء الأزمة.

الأزمة لن تنتهي قريباً

بدوره، قال المحلل الاقتصادي الليبي، خالد بوزعكوك، لـ "إرم بزنس"، إن "المشاريع الكبرى في قطاع الكهرباء مع شركات أجنبية المزمع تنفيذها أو الجاري تجسيدها على أرض الواقع "بحاجة إلى وقت أطول"، في إشارة إلى أن الأزمة لن تنهي خلال وقت قريب، خاصة مع استمرار الانقسام بين حكومتي الشرق والغرب.

فالاستثمارات في المحطات الجديدة لإنتاج الكهرباء يجب أن تصاحبها استثمارات في البنية التحتية، ونقاط التوزيع، والمحطات الفرعية المتهالك بعضها، وفق "بوزعكوك" الذي أكد على ضرورة مواجهة الاعتداءات التخريبية على الطاقة، والبناء العشوائي خارج المخططات العمرانية وارتفاع معدلات ومستويات الاستهلاك العالية، فضلاً عن زيادة الاستثمارات في الطاقة النظيفة.

بوزعكوك أشار إلى أن معدل انقطاع الكهرباء في بنغازي، شرقي البلاد، التي يعيش فيها نحو 870 ألف نسمة، يتراوح بين 5 إلى 6 ساعات يومياً، وسط شكاوى عديدة من أنه عندما يعود التيار الكهربائي يكون في أحيان كثيرة ضعيفاً، تزداد معه المعاناة حيث تتلف العديد من الأجهزة الكهربائية.

وعن كيفية إدارة قطاع الطاقة في ظل الانقسام، يقول خالد بوزعكوك إن الشركة العامة للكهرباء في طرابلس، هي المخولة بجلب قطع الغيار، وإبرام عقود مع الشركات المحلية والأجنبية لإنشاء وصيانة المحطات وتنسق مع نظيرتها الموازية في بنغازي في إنجاز المهام، أما الوزارة فتتحرك في نطاق حكومة الشرق بشكل إشرافي وتنفيذي.

ووفق إعلام محلي، يبلغ إنتاج الغاز الطبيعي اليومي 220 ألفاً و638 برميلاً مكافئاً يومياً، تصدّر ليبيا 24% من إنتاجها من الغاز الطبيعي، والباقي يوزع 49% للاستخدام المحلي، و11 % للتشغيل و16% للحرق.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC