logo
طاقة

أزمة كهرباء تتفاقم في إيران.. هل تنجح خطط الاستيراد في سد فجوة الطلب؟

أزمة كهرباء تتفاقم في إيران.. هل تنجح خطط الاستيراد في سد فجوة الطلب؟
خلال انقطاع التيار الكهربائي في إحدى مناطق العاصمة الإيرانية طهران بسبب برنامج توفير الطاقة يوم 8 مايو 2025.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:8 يونيو 2025, 05:07 ص

مع تصاعد الضغط على الشبكة الوطنية وتزايد الطلب في القطاعين الصناعي والمنزلي وعقوبات دولية متواصلة، تتجه إيران نحو خيارات طارئة لسد العجز المتزايد في الطاقة الكهربائية عبر الاستيراد من تركيا وأذربيجان.

وبرأي خبراء في الطاقة تحدثوا لـ«إرم بزنس»، فإن «هذه الواردات تُخفف العبء بشكل محدود إذ لا تُمثل سوى 2-3% من العجز المتوقع إلا أنها مهمة لدعم القطاعات الحيوية بالبلاد»، مؤكدين أن هذا التعاون سيكون «حلاً مؤقتاً ضرورياً، ولا يُمكن أن يُغني عن الإصلاح المحلي الشامل والسعي لوضع حلول دائمة في ظل العقوبات الدولية المفروضة عليها والتي استنزفت اقتصاد طهران».

أخبار ذات صلة

واشنطن تفرض مجموعة جديدة من العقوبات المرتبطة بإيران

واشنطن تفرض مجموعة جديدة من العقوبات المرتبطة بإيران

ووفق تقديرات حديثة غير رسمية، جرى تداول الريال الإيراني في السوق السوداء بأكثر من 920 ألفاً بمقابل الدولار، مقارنة بأقل من 600 ألف في منتصف عام 2024، كما تمت إقالة وزير الاقتصاد والشؤون المالية الإيراني عبد الناصر همتي مارس الماضي في ظل أزمات كبيرة تواجهها البلاد.

وفي ظل شحّ الطاقة بإيران، أعلن نائب رئيس شركة «توانير» الحكومية لنقل وتوزيع الكهرباء، محمد الله‌ داد، يوم الـ20 من مايو الماضي، أن كبار المصنعين بات بإمكانهم استيراد الكهرباء مباشرة من أذربيجان وتركيا عبر خطوط الربط الكهربائي، لتحقيق الاستقرار في الأنشطة الصناعية وتخفيف ذروة طلب القطاعين الصناعي والمنزلي على الشبكة.

وجاء القرار في ظل ما يواجهه كبار مستهلكي الكهرباء، خصوصاً في قطاعي إنتاج الأسمنت والصلب اللذين يمثلان نحو 15% من استهلاك الكهرباء الصناعي، ويسهمان بنحو 8% في الناتج المحلي الإجمالي، خاصة بعدما طلبت وزارة الداخلية الإيرانية في مايو الماضي، منهم خفض عمليات الإنتاج إلى 10% من مستوياتها القياسية في المدة من الـ15 إلى الـ30 من مايو الماضي.

وقال مدير مصنع للبتروكيماويات في مدينة تبريز إن «الحكومة تقوم حالياً بقطع الكهرباء عن المصنع ثلاثة أيام في الأسبوع»، وفق موقع «إيران إنترناشيونال» الإيراني، لافتاً في تقرير نهاية مايو الماضي، إلى أن «تأثير انقطاع التيار الكهربائي الواسع على القطاع الصناعي في إيران بدأ بالظهور؛ حيث ارتفع سعر الأسمنت في الأسواق، بسبب توقف الإنتاج في الوحدات الصناعية، بنسبة 111% منذ بداية العام الحالي، وبنسبة 228% مقارنة بالعام الماضي».

كما تحدث الموقع الإيراني عن حدوث احتجاجات في مايو الماضي لأصحاب المخابز بسبب انقطاع الكهرباء لتسببه في إفساد عجين الخبز ورفع تكاليفه.

معاناة كبيرة

ووفق الخبير الاستراتيجي في الطاقة والزميل الزائر الأول لدى جامعة جورج ميسن الأميركية أوميد شكري، فإن إيران تُعاني «أزمة كهرباء مُتفاقمة، مدفوعةً بمجموعة من التحديات الهيكلية والاقتصادية والبيئية. وقد تجاوز الطلب المتزايد على الكهرباء، والذي ينمو بمعدل 7% سنوياً تقريباً نتيجةً للنمو السكاني والتنمية الصناعية وزيادة استخدام مكيفات الهواء».

وهذه المعاناة لها أسباب، بحسب شكري، خاصة «بعدما أدت عقود من نقص الاستثمار والبنية التحتية القديمة إلى تعريض محطات الطاقة وأنظمة النقل للأعطال، وقد فاقَم تأثير العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة المشكلة، وحدّ من قدرة إيران على تحديث قطاع الطاقة لديها وتطوير حقول غاز جديدة».

بالإضافة إلى ذلك «أدى الاستهلاك غير الكفؤ للطاقة، والذي تفاقم بسبب الدعم الحكومي الكبير، إلى هدر واسع النطاق، ولا سيما في الصناعات عالية الطلب، مثل الصلب والبتروكيماويات»، وفق شكري.

وزادت العوامل الموسمية، بما في ذلك فصول الشتاء الباردة التي تُحوّل الغاز الطبيعي إلى التدفئة، والجفاف الذي يُقلل قدرة توليد الطاقة الكهرومائية، من الضغط، لافتاً إلى أنه نتيجةً لذلك، ارتفع عجز الكهرباء في إيران من 13,000 ميغاواط في عام 2023 إلى 18,000 ميغاواط في عام 2024، مع توقعات بوصوله إلى 25,000 ميغاواط بحلول عام 2025.

وفي محاولةٍ لتخفيف حدّة الأزمة، لجأت إيران إلى استيراد الكهرباء من الدول المجاورة. وتشمل الخطط الحالية استيراد 500 ميغاواط من أرمينيا وتركمانستان، و140 ميغاواط إضافية من أذربيجان خلال فترات الذروة الصيفية، بحسب شكري.

وأضاف: «رغم أن هذه الواردات تُخفف العبء بشكل محدود إذ لا تُمثل سوى 2-3% من العجز المتوقع، فإنها تُعدّ قيّمة لدعم القطاعات الحيوية».

ومع ذلك، فإن «الواردات وحدها لا تكفي لسد الفجوة، وتُبذل جهودٌ أوسع نطاقًا، مثل توسيع سعة التوليد، وإدارة ذروة الطلب، وتقديم حوافز للاستهلاك، إلا أنها تواجه عقباتٍ كبيرةً بسبب القيود المالية، واختناقات البنية التحتية، ونظام العقوبات المستمر»، وفق شكري.

ويخلص إلى أن «التعاون في مجال الطاقة عبر الحدود حل مؤقت وضروري، إلا أنه لا يُمكن أن يُغني عن الإصلاح المحلي الشامل».

أخبار ذات صلة

العراق يفقد 5000 ميغاواط من الكهرباء بفعل الغاز والعقوبات على إيران

العراق يفقد 5000 ميغاواط من الكهرباء بفعل الغاز والعقوبات على إيران

الأولوية للحلول الممتدة

وبرأي شكري «تتطلب الحلول طويلة الأمد لأزمة الكهرباء في إيران تحولات جوهرية في السياسات واستثمارات كبيرة حيث يُعدّ تحديث البنية التحتية القديمة وتحسين كفاءة حقول الغاز وشبكات النقل أمراً أساسياً لاستقرار الإمدادات».

ويمكن أن «يُسهم تسخير إمكانات الطاقة المتجددة الكبيرة في إيران وخاصةً في مجالي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح - في تنويع مزيج الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. ومن شأن الإصلاحات الهيكلية، بما في ذلك الإلغاء التدريجي للدعم وتعزيز تقنيات كفاءة الطاقة، أن تحد من الاستهلاك المفرط وتُوازي بين العرض والطلب»، كما يري الخبير الاستراتيجي في الطاقة الدكتور أوميد شكري.

ويضاف ذلك إلى «استراتيجيات المياه والطاقة المتكاملة باعتبارها بالغة الأهمية، نظراً لأن ندرة المياه تؤثر في كل من تبريد محطات الطاقة الكهرومائية والحرارية، بجانب جذب الاستثمارات الأجنبية والخاصة التي تعتمد على تخفيف العقوبات وتحسين الاستقرار التنظيمي من شأنه أن يجلب رأس المال والخبرة اللازمين للتحديث»، بحسب  شكري.

وأكد المحلل المختص في شؤون الطاقة أنه «دون اتخاذ إجراءات حاسمة في هذه المجالات، ستستمر الأزمة في تقويض مرونة إيران الاقتصادية واستقرارها الاجتماعي».

كما يرى عضو مجلس الطاقة العالمي، ماهر عزيز، في حديث لـ«إرم بزنس»، أن ما تخطط له إيران حالياً هو إجراء مؤقت وسريع لتلافي الأزمة، موضحاً أن إيران تمتلك مخزونات ضخمة من الغاز الطبيعي وبالتالي هي تستطيع باقتدار بناء محطات كهرباء وتوليد الطاقة لكن بناء محطات كهرباء ستستغرق بين سنتين و4 سنوات، والإجراء الأسرع حالياً هو الاستيراد.

وأوضح عزيز أن إيران تمتلك مخزونات جيدة من النفط، ولكن العقوبات تحد من كل هذا وتجعل خياراتها محدودة للغاية.

وأقرت ميزانية الحكومة الإيرانية لعام 2025 تصدير 16 مليار متر مكعب من الغاز بقيمة 5 مليارات دولار، وهي كمية تزيد بنسبة 15% مقارنة بما كان مدرجاً في ميزانية العام السابق.

شكوك وعجز مستمر

غير أن المحلل الاقتصادي التركي المختص بشؤون الطاقة، دالغا خاتين أوغلو، يشكك في جدوى الحلول الإيرانية، قائلاً إنه بسبب الفرق الكبير في أسعار الكهرباء بين إيران والأسواق المجاورة، يبقى من غير الواضح ما إذا كان هذا الخيار مجدياً اقتصادياً للمصانع الإيرانية، لافتاً إلى أن «ارتفاع أسعار الكهرباء المستوردة سيؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات الصناعي؛، ما سيُفاقم مشكلة التضخم المتفشي أصلاً في البلاد».

وبرأي خاتين أوغلو فإنه «لتوضيح حجم أزمة الكهرباء في إيران، يكفي القول إنه حتى لو سلّمت أرمينيا وأذربيجان وتركمانستان كامل إنتاجها من الكهرباء لإيران، فلن يُغطي ذلك العجز المحلي».

وبحسب إحصائيات إيرانية غير رسمية، أوردها موقع «إيران إنترناشيونال» فإن القدرة القصوى لخطوط الربط الحالية مع تركيا وأذربيجان لا تتجاوز 850 ميغاواط، بينما تعاني إيران عجزًا يصل إلى 15 ألف ميغاواط في الشتاء و25 ألف ميغاواط في الصيف.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC