تترقب الأسواق العالمية هذا الأسبوع لحظة الحسم مع انتهاء مهلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية، يوم الأربعاء 9 يوليو، بعد ثلاثة أشهر من حالة عدم اليقين التي أربكت المستثمرين وسلاسل التوريد العالمية.
وتنتهي، الأربعاء، فترة التجميد التي منحها ترامب لمدة 90 يوماً بشأن ما وصفه بـ«الرسوم الجمركية المتبادلة»، مما يمهد الطريق لتطبيق سياسة حمائية تهدف إلى تقليص العجز التجاري الأميركي وتحفيز عودة الصناعات المحلية.
وبينما يستعد ترامب للإعلان عن صفقات تجارية جديدة وتحذيرات محتملة خلال الساعات المقبلة، يسابق المفاوضون الزمن للتوصل إلى اتفاقات قبل انتهاء المهلة. وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الأحد: «سنكون منشغلين جداً خلال الـ72 ساعة المقبلة»، في إشارة إلى الجهود المكثفة لإنهاء المفاوضات.
ووفقاً لـ «بلومبرغ إيكونوميكس»، من المتوقع أن يسعى ترامب خلال الأيام القليلة المقبلة إلى تصعيد تهديداته ضد الشركاء التجاريين لتعزيز موقفه التفاوضي، كما فعل سابقاً مع اليابان.
يؤكد ترامب أن الرسوم الجمركية ستبدأ في جلب إيرادات للخزانة الأميركية اعتباراً من الأول من أغسطس. ويبدو أن الرئيس الأميركي يعيد صياغة قواعد التجارة العالمية عبر فرض رسوم أحادية الجانب، في خطوة تتناقض مع النظام التجاري القائم منذ عقود والقائم على تقليل الحواجز برعاية منظمة التجارة العالمية.
ورغم أن ترامب يروج لفكرة أن الدول المصدّرة تدفع الرسوم مباشرة، إلا أن العبء الحقيقي يقع غالباً على المستوردين الأميركيين الذين يواجهون خيارات صعبة: إما تقليص هامش أرباحهم أو رفع الأسعار على المستهلكين أو التفاوض مجدداً مع الموردين الأجانب.
وتُقدّر «بلومبرغ إيكونوميكس» أن الرسوم الجمركية قد ترتفع إلى متوسط 20% من إجمالي الواردات الأميركية، مقارنة مع نحو 3% فقط قبل تولي ترامب منصبه، وهو ما يمثل تهديداً جديداً للاقتصاد الأميركي.
حتى الآن، لا تزال مؤشرات الاقتصاد الأميركي صامدة، مع استمرار نمو التوظيف واستقرار معدلات التضخم. لكن الاحتياطي الفيدرالي يترقب تأثير الرسوم الجمركية على النشاط الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة، مع استمرار ترامب في الضغط لخفض أسعار الفائدة.
وتزداد حالة الغموض في أوساط مديري سلاسل الإمداد والشركات الذين يسعون لتقييم تأثير الرسوم على الإنتاج والمخزون والتوظيف والتضخم والطلب الاستهلاكي، خاصة مع التغير المستمر في السياسة التجارية يوماً بعد يوم.
إلى جانب الموعد الحاسم للرسوم الأميركية، يتابع المستثمرون هذا الأسبوع عدداً من القرارات المهمة للبنوك المركزية والبيانات الاقتصادية الرئيسية.
في الولايات المتحدة، تترقب الأسواق محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي للحصول على إشارات حول توجهات أسعار الفائدة، بينما يُنتظر أن تظهر بيانات مطالبات البطالة استمرار الشركات في الحفاظ على العمالة.
في كندا، من المتوقع أن تعكس بيانات يونيو مزيداً من التراجع في سوق العمل، وسط تأثير الرسوم الجمركية على القطاعات الصناعية.
أما في آسيا، فمن المتوقع أن يخفض بنك الاحتياطي الأسترالي سعر الفائدة إلى 3.6% يوم الثلاثاء، في حين يُتوقع أن يُبقي بنك نيوزيلندا والبنك المركزي الماليزي على معدلات الفائدة دون تغيير. كما ينتظر المستثمرون بيانات التضخم من الصين وأرقام القروض والإمدادات النقدية.
في أوروبا، من المقرر صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة لشهر مايوk يوم الجمعة، إلى جانب بيانات الإنتاج الصناعي من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا التي قد تعكس تأثير السياسة التجارية الأميركية على القطاعات الصناعية الأوروبية.
وفي روسيا، تترقب الأسواق بيانات التضخم التي ستحدد مسار أسعار الفائدة، بعد أن خفّض البنك المركزي الروسي معدلات الفائدة الشهر الماضي لأول مرة منذ نحو ثلاث سنوات.
أما في أمريكا اللاتينية، سيكون التركيز على بيانات التضخم في كولومبيا وتشيلي والمكسيك والبرازيل، بينما يُتوقع أن يخفض البنك المركزي في بيرو أسعار الفائدة مجدداً لدعم النمو الاقتصادي. كل هذه المؤشرات ستساهم في رسم ملامح النصف الثاني من العام وسط تصاعد التوترات التجارية وترقب تأثيرها على الأسواق العالمية.