أسبوع ساخن جدًا.. أسواق بلا وجهة

متداول في وول ستريت
متداول في وول ستريترويترز

شهدت الأسواق العالمية خلال تعاملات الأسبوع الماضي، العديد من الأحداث الصاخبة، والتي أدت إلى قلب المشهد الاقتصادي أكثر من مرة رأسًا على عقب، ليقفز إلى الذاكرة بعضٌ من مشاهد ما قبل الأزمة المالية 2008.

وقبل أن تستقبل أسواق المال العالمية، أسبوعا حاميا جديدا، لا يعلو خلاله صوت فوق صوت مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي يتخذ قرار الفائدة يومي 21 و22 مارس الجاري.. يجدر الوقوف على أبرز ما جاء خلال تعاملات الأسبوع الماضي.

اقرأ أيضًا.. 

مصر: تعظيم دور القطاع الخاص بهذه الوسائل

سقوط حر

وقبل انهياره بوقت قصير، احتل بنك سيليكون فالي المرتبة السادسة عشرة، في الولايات المتحدة، من حيث قيمة الأصول، حيث يقدم خدماته لنحو نصف عدد الشركات الناشئة بمجال التكنولوجيا في الولايات المتحدة.

وقد استفاد البنك إلى حد كبير من النمو الهائل، الذي شهده قطاع التكنولوجيا خلال السنوات الأخيرة، بدعم من انخفاض تكاليف الاقتراض، إذ ارتفعت أصول البنك من 71 مليار دولار بنهاية عام 2019، إلى مستوى الذروة البالغ 220 مليار دولار بنهاية مارس 2022.

ونمت الودائع بوتيرة مطردة من 64 مليار دولار، إلى 198 مليار دولار خلال نفس الفترة، التي أودعت خلالها الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا أموالها لدى البنك.

اقرأ أيضًا..

المركزي السعودي.. قرار هام بشأن الوساطة الرقمية

هل تسبب الفيدرالي في الأزمة؟

وتعود أزمة انهيار البنوك إلى عدة سنوات مضت، عندما استثمر بنك سيليكون فالي مليارات الدولارات، في السندات الحكومية الأميركية، في ظل اقتراب أسعار الفائدة من الصفر.

ومع ارتفاع أسعار الفائدة، بالتزامن مع دورة رفع أسعار الفائدة بوتيرة مطردة، من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، انهارت قيمة محفظة سندات بنك سيليكون فالي الأسبوع الماضي، ووصل متوسط العائد الذي كانت تحققه المحفظة 1.79%، أقل بكثير من عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بنحو 3.9%.

في ذات الوقت أدى ارتفاع تكاليف الاقتراض، إلى اتجاه الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، لضخ مزيد من الأموال لسداد الديون، حيث ظلت تكافح من أجل الحصول على مصادر تمويل جديدة لرأس المال الاستثماري.

اقرأ أيضًا..

أكبر صندوق لإدارة الثروات بالعالم ينفي شائعة كريدي سويس

كيف بدأ الانهيار؟

وتزامن حدوث الانهيار في الوقت الذي أعلن فيه البنك، الأربعاء الماضي، عن بيع مجموعة من الأوراق المالية بخسارة، ونيته إصدار ما قيمته 2.25 مليار دولار من الأسهم الجديدة لسد تلك الفجوة.

وأثارت تلك الأنباء حالة من الذعر، الأمر الذي أدى إلى إسراع مجموعة كبيرة من العملاء، لسحب أموالهم على مدار 48 ساعة.

وبعد يوم واحد فقط، انخفض سعر سهم البنك 60%، مما أدى إلى انخفاض أسهم البنوك الأخرى، في ظل انتشار مخاوف بشأن تكرار الأزمة المالية العالمية.

ومع بداية تداولات يوم الجمعة، توقف التداول على أسهم بنك سيليكون فالي، وتراجع البنك عن جهوده المبذولة لطرح أسهم جديدة، لزيادة رأس المال أو العثور على مشتر للبنك.

وتدخلت الجهات الرقابية في ولاية كاليفورنيا، وأغلقت البنك ووضعته تحت الحراسة القضائية، بإشراف المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، مما يعني عادة تصفية أصول البنك، واستخدام أموال التصفية لسداد المبالغ المستحقة للمودعين والدائنين.

اقرأ أيضًا..

من المستفيد الأكبر من أزمة البنوك؟.. محمد العريان يُجيب

فصل آخر من السقوط

وفي أوروبا، كشف بنك كريدي سويس، عن نقاط ضعف جوهرية في تقاريره المالية، مما أدى إلى ذعر الأسواق حيث لم يكن من الواضح ما إذا كان البنك الكبير، سيكون قادراً على الحصول على حزمة إنقاذ مالي.

أدى ذلك إلى تراجع الأسهم، وتزايدت المخاوف بكافة أنحاء الأسواق المالية العالمية، حيث سارع عدد من المستثمرين القلقين للحد من انكشافهم.

وكان البنك قد شهد تراكماً في المشاكل على مدار الأشهر الأخيرة، من صراعات بشأن الخسائر المالية، والمخاطر وقضايا الامتثال، بالإضافة إلى خرق كبير وواضح للبيانات، قبل أن يكشف البنك في أكتوبر، عن تعرضه لعمليات سحب كبيرة من قبل العملاء.

وخلال السنوات الأخيرة، تأثر البنك أيضاً من تعامله مع صندوق التحوط المنهار Archegos، وشركة التمويل البريطانية المنهارة غرينسيل كابيتال.

وخلال الأسبوع الماضي، بدا أن حصول البنك على قرض بقيمة 53.7 مليار دولار من البنك الوطني السويسري، أدى إلى تهدئة المستثمرين الأوروبيين، حيث انتعشت الأسواق في وقت لاحق من يوم الخميس.

اقرأ أيضًا

المركزي الأوروبي يتجاهل الفزع ويرفع الفائدة.. والأسواق تتفاعل

بيانات أميركية

ارتفع معدل التضخم في فبراير، إلا أنه ظل متسقاً مع التوقعات، ومن المرجح إبقاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، على مسار رفع سعر الفائدة مرة أخرى في اجتماع مارس، رغم الاضطرابات الأخيرة التي شهدها قطاع البنوك.

إذ ارتفع مؤشر تضخم أسعار المستهلكين بنسبة 0.4% على أساس شهري، ليصل إلى 6% على أساس سنوي، وفقاً لتقرير وزارة العمل.

وساهم انخفاض تكاليف الطاقة، في الحفاظ على معدل التضخم الأساسي تحت السيطرة، بعد تراجع القطاع بنسبة 0.6% على أساس شهري، مما أدى إلى تراجع معدل النمو على أساس سنوي إلى 5.2%. وكان أكبر محرك لمؤشر قطاع الطاقة، هو انخفاض أسعار زيت الوقود بنسبة 7.9%.

ويتوقع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إلى حد كبير، تباطؤ تكاليف الإسكان وغيرها من التكاليف ذات الصلة، مثل الإيجار على مدار العام.

اقرأ أيضًا

بيانات تفوق التوقعات.. يترقبها الفيدرالي قبل اجتماع الفائدة

معضلة الفيدرالي

وإلى جانب الفوضى الناجمة عن انهيار بنك سيليكون فالي، تزيد البيانات تعقيد معضلة مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشكل أكبر، خاصة مع ارتفاع الأسعار بعد استثناء تكاليف المواد الغذائية والطاقة.

وقبل انهيار بنك سيليكون فالي، كانت الأسواق على يقين تقريباً من أن البنك المركزي سيواصل المضي قدماً، في رفع سعر الفائدة، والتي تعتبر أسرع حملة يتم تطبيقها منذ الثمانينيات.

لكن التوقعات تأرجحت، حيث توقعت الأسواق آخر مرة إمكانية رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بنسبة 67%، في الاجتماع القادم للبنك المركزي، ثم التوقف خلال الفترة المتبقية من العام، أو حتى خفضها في الربع الرابع من العام.

نتائج غير متوقعة

و تراجع مؤشر أسعار المنتجين بصورة غير متوقعة، ظهرت علامات جيدة لعدد من المؤشرات، التي تعزز الآمال في المعركة ضد التضخم، إذ انخفضت أسعار المنتجين بشكل غير متوقع في فبراير، ولم يكن الارتفاع في يناير بنفس حجم التوقعات في البداية.

كما تراجع مؤشر أسعار المنتجين للطلب النهائي بنسبة 0.1% على أساس شهري، في حين تم تعديل بيانات يناير وخفضها لتعكس ارتفاع المؤشر بنسبة 0.3%، بدلاً من 0.7% المعلن عنها سابقاً.

وعلى أساس سنوي، ارتفع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 4.6%، بعد ارتفاعه بنسبة 5.7% في يناير، في حين أشارت التوقعات إلى ارتفاع المؤشر بنسبة 0.3% على أساس شهري، و5.4% على أساس سنوي.

اقرأ أيضًا

رئيس جلاكسي: الآن الوقت المناسب لاقتناء الذهب وشراء بيتكوين

القوة الكامنة للاقتصاد

تراجعت مبيعات التجزئة في فبراير، بعد ارتفاعها في يناير، مما يشير إلى أنه على الرغم من توقف إنفاق المستهلكين، لكن التضخم لا يزال أبرز التحديات.

إذ انخفضت مبيعات التجزئة الإجمالية بنسبة 0.4% بعد تسجيل نمو بنسبة 3.2% المعدلة في يناير، بينما لم يشهد المعدل الأساسي تغيراً يذكر.

وتشير البيانات إلى أن الطلب الاستهلاكي بدأ يتأثر بوطأة التضخم المستمر، ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة.

وساهمت مرونة سوق العمل في تعزيز الإنفاق في السوق الأميركي، بينما يكافح البعض الآخر لتغطية نفقاتهم.

اقرأ أيضًا..

قصة كريدي سويس.. العاصفة التي تجتاح بنوك أوروبا

الأوروبي يبقي على تعهده

رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة، بمقدار 50 نقطة أساس الأسبوع الماضي، مؤكداً عزمه على كبح جماح التضخم، رغم الاضطرابات التي يشهدها قطاع البنوك.

وارتفع سعر الفائدة على الودائع في الوقت الحالي إلى 3%، ووصل إلى أعلى مستوياته منذ عام 2008، حيث من المتوقع أن يبقى التضخم أعلى من مستوى 2% المستهدف حتى عام 2025.

واعترض البنك المركزي على الاقتراحات القائلة، بأن رفع سعر الفائدة سيهدد الاستقرار المالي، وسط اضطرابات قطاع البنوك بحجة مرونة القطاع بمنطقة اليورو، وأن رفع معدلات الفائدة بوتيرة أعلى سيساهم في تعزيز الهوامش.

اقرأ أيضًا..

ملياردير أميركي: الرأسمالية الأميركية تنهار أمام أعيننا

أعتقد أن القطاع المصرفي في الوقت الحالي في وضع أقوى بكثير مما كان عليه في 2008.. لقد تبدلت أوضاع رأس المال والسيولة منذ الأزمة المالية قبل 15 عاما
كريستين لاغارد

ومن الآن فصاعدًا، ستقوم الأسواق، بتسعير إمكانية رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بنسبة 55%، في الاجتماع المقرر عقده بتاريخ 4 مايو المقبل، ثم تتوقف عن رفعها خلال الفترة المتبقية من العام.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com