تشهد أسواق الأسهم الأميركية نمطًا موسمياً لافتاً يتمثل في تراجع ملحوظ لحجم التداول خلال أشهر الصيف، لا سيما في يوليو وأغسطس. هذا التراجع يُعد سمة متكررة خلال السنوات الخمس الماضية، ويُعرف بين المستثمرين بفترة الركود الصيفي، حيث تنخفض السيولة ويتراجع النشاط مقارنة ببقية أشهر السنة التي تسجل ذروة التداولات.
تشير البيانات إلى أن حجم التداول اليومي في أسواق الأسهم الأميركية يتراجع خلال فصل الصيف بنسبة تتراوح بين 12% و20% مقارنة بمتوسط التداول في بقية أشهر العام. ويتفاقم هذا الانخفاض في النصف الثاني من أغسطس، حيث تهبط التداولات بنحو 27% مقارنة بمعدلاتها المعتادة في أشهر الذروة.
يرتبط هذا التراجع بدخول كبار المستثمرين ومديري الصناديق في عطلات سنوية، ما يؤدي إلى تراجع حجم الصفقات وانخفاض السيولة بشكل ملحوظ. وخلال هذه الفترة، يقل عدد المستثمرين النشطين، ما يجعل الأسواق أكثر حساسية لأي تطورات اقتصادية أو سياسية مفاجئة.
في المقابل، تشهد أسواق الأسهم الأميركية أعلى مستويات التداول خلال أشهر يناير، مارس، نوفمبر وديسمبر، حيث يعود المستثمرون إلى السوق بعد عطلات الصيف وأعياد نهاية السنة. يُعد شهر سبتمبر أيضاً نقطة انطلاق مهمة، حيث تعود السيولة تدريجيًا لمستوياتها المرتفعة، ما يؤدي إلى انتعاش ملحوظ في النشاط اليومي.
رغم أن انخفاض حجم التداول قد يوحي باستقرار السوق خلال الصيف، إلا أن هذا الاستقرار قد يكون مضللاً. ففي فترات السيولة الضعيفة، يكون السوق أكثر عرضة لتحركات حادة عند صدور أخبار مؤثرة، إذ تؤدي قلة عدد الصفقات إلى تضخيم تأثير أي حدث اقتصادي أو سياسي مفاجئ.
هذا النمط المتكرر يعزز من مصداقية النظرية الاستثمارية الشهيرة «Sell in May and Go Away»، والتي يعتمدها العديد من المستثمرين لتفادي الركود الصيفي. تنصح هذه القاعدة بالخروج من السوق مع بداية الصيف والعودة في الخريف، حيث تبدأ التداولات بالارتفاع مجددًا، ما يمنح المستثمرين فرصة أفضل للاستفادة من فترات النشاط المرتفع.
وهكذا تؤكد البيانات على مدار السنوات الخمس الماضية أن أسواق الأسهم الأميركية تخضع لدورة موسمية واضحة، يتراجع فيها حجم التداول خلال الصيف ويعود للانتعاش مع دخول أشهر الخريف والشتاء. هذه الأنماط تمنح المستثمرين فرصة لإعادة تقييم استراتيجياتهم بناءً على توقيتات السيولة والفرص الموسمية داخل السوق.