الذهب قد يخترق مستويات 4500 دولار للأونصة
الأسعار تفقد نحو 300 دولار من ذروتها التاريخية
منذ الإعلان عن التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة وبريطانيا، وكذا الاتفاق بين قطبي الاقتصاد العالمي واشنطن وبكين، دخل المعدن النفيس في نفق دون بريق ليسلك مساراً عرضياً مبتعداً عن ذروته التاريخية بنحو 300 دولار.
رغم تحرك الذهب منذ يوم 12 من مايو الحالي وحتى اليوم بين مستوى قمة قرب 3250 دولاراً للأونصة، ومستوى قاع عند 3190 دولاراً للأونصة، إلا أن بنك «غولدمان ساكس» لا يزال يتمسك برؤيته شديد التفاؤل التي يتوقع فيها مستويات قياسية جديدة للمعدن الأصفر.
لطالما كانت أسعار الفائدة من أهم العوامل المؤثرة في أسعار الذهب، ولأن المعدن الأصفر لا يُقدم عائدًا يُضاهي عائد السندات، فإنه يكون أكثر جاذبية للمستثمرين عند انخفاض أسعار الفائدة (والعكس صحيح عند ارتفاع عوائد السندات).
◄انخفضت أسعار الذهب في المعاملات الفورية اليوم الثلاثاء بحلول الساعة 8:00 صباحا بتوقيت غرينتش حوالي 1 دولار مقلصاً معظم خسائره في التعاملات المبكرة، مسجلاً في أحدث التداولات 3229 دولاراً للأونصة.
◄في حين تراجعت الأسعار في تعاملات العقود الأميركية الآجلة تسليم شهر يونيو، حوالي 0.2% أو ما يعادل 4 دولارات في الأونصة عند مستويات 3228 دولاراً للأونصة.
◄ارتفعت أسعار الذهب أمس الاثنين مع تراجع الدولار والإقبال على أصول الملاذ الآن بعدما خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 1.4% إلى 3232.80 دولار.
استعاد الذهب بعضاً من بريقه، بعد أن خفضت موديز يوم الجمعة الماضي تصنيف الولايات المتحدة من Aaa إلى Aa1، وأرجعت سبب ذلك إلى ارتفاع الدين والفوائد بقدر أعلى بكثير من الدول التي لديها تصنيف مماثل.
يعد الذهب أداة تحوط من الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية، وينتعش في ظل انخفاض أسعار الفائدة، وحالات عدم اليقين والغموض الاقتصادي ومخاوف الركود.
خلال هذا العام اخترق الذهب مستوياته القياسية 29 مرة، وقفزت العقود الآجلة لذروة 3509 دولارات للأونصة، والأسعار الفورية إلى 3500 دولار للأونصة.
قبل الإعلان عن اتفاقي واشنطن والمملكة المتحدة من جانب والصين من جانب آخر بلغت مكاسب الذهب منذ بداية لعام في ذروتها 33%، في حين تسجل الآن أقل من 23%.
كتب خبراء بنك «غولدمان ساكس»: حظي الذهب باهتمام متزايد بين التجار والمستثمرين والبنوك المركزية، وهو ما يجعل المعدن النفيس، عُرضة لارتفاعاتٍ مُذهلة.
منذ مارس، زاد المستثمرون من حيازاتهم من الذهب، مدفوعين بمخاوف بشأن صحة الاقتصاد وتقلبات السوق.
على المدى الطويل، تتوقع غولدمان ساكس للأبحاث ارتفاع الأسعار بفضل الطلب المستمر من البنوك المركزية على مدى سنوات، كما يتوقع محللو البنك أن يدفع هذان العاملان سعر الذهب إلى مستويات قياسية جديدة.
قالت لينا توماس المحللة لدى غولدمان ساكس: «كلما ساد عدم اليقين، يستثمر المتداولون أموالهم مؤقتاً في الذهب، وعندما يسود الوضوح، تميل أسعار الذهب إلى الانخفاض مجدداً؛ لأن المتداولين يعرفون ما يجب فعله بأموالهم».
أضافت: «لقد شهدنا هذا سابقاً في أعوام 2008، و202، وحتى في أغسطس 2024، تُعدّ مثل هذه الأوقات فرصاً واعدة للشراء؛ لأن الذهب عادةً ما ينتعش بعد فترة وجيزة مع بحث المستثمرين عن الأصول الآمنة، وقد حدث الشيء نفسه في أبريل».
«التوقعات الإيجابية للذهب على المدى الطويل هي أن البنوك المركزية تشتري كميات كبيرة منه. ونتوقع أن يستمر هذا الوضع لثلاث سنوات أخرى على الأقل»، وفقاً لتوماس.
وفقًا لأبحاث غولدمان ساكس، تسعى البنوك المركزية في الأسواق الناشئة، التي تمتلك نسبة أقل من احتياطياتها من الذهب، إلى اللحاق بنظيراتها في الأسواق المتقدمة.
تحتفظ الصين بأقل من 10% من احتياطياتها من الذهب، مقارنةً بنحو 70% أو أكثر للولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
تبلغ قيمة الأصول المُدارة في صناديق الاستثمار المتداولة المرتبطة بالذهب حوالي 294 مليار دولار، أي ما يُعادل حوالي 3000 طن من الذهب.
تميل صناديق التقاعد والمستثمرون الأفراد إلى امتلاك الجزء الأكبر من استثماراتهم في صناديق الاستثمار المتداولة المرتبطة بالذهب، وغالباً ما تتبع حيازات هذه الصناديق أسعار الفائدة عن كثب.
لهذا السبب، ارتبطت أسعار الذهب تاريخيًا بأسعار الفائدة، ومؤخراً، أدت مشتريات البنوك المركزية إلى تباعدهما، فبينما تميل حيازات صناديق الاستثمار المتداولة إلى تتبع أسعار الفائدة عن كثب، إلا أنها غالباً ما تتجاوزها بشكل كبير مع تزايد مخاوف الركود.
يتوقع خبراء غولدمان ساكس أن يحطم الذهب المزيد من الأرقام القياسية هذا العام، وأن يرتفع سعر الذهب إلى 3700 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2025 (من 3220 دولاراً في 15 مايو) مع قيام البنوك المركزية بشراء أطنان عديدة من المعدن النفيس شهرياً.
من المرجح أيضاً أن ترتفع أسعار السلع الأساسية مع زيادة استثمارات مستثمري صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) تحسبًا لخفض أسعار الفائدة ووسط تزايد المخاوف من الركود.
في حال حدوث ركود، تتوقع شركة غولدمان ساكس للأبحاث أن يرتفع سعر الذهب إلى 3880 دولارًا للأونصة.
قد يلجأ المستثمرون الأفراد أيضًا إلى الذهب لتنويع استثماراتهم بعيدًا عن الأصول الأمريكية، خاصةً إذا استمر أداء أدوات التحوط التقليدية في محافظ الأسهم، مثل سندات الخزانة الأميركية، في الانخفاض خلال فترات انخفاض الأسهم.
ورغم أن هذا ليس توقعًا أساسيًا للفريق، إلا أن خبراء غولدمان ساكس يقولون إنه، حتى لو كان التحول البسيط من الأصول الأميركية إلى الذهب سيكون له تأثير إيجابي كبير على سعر الذهب؛ نظرًا للأحجام النسبية للأسواق.