كيف يمكن للكوارث أن تكون حافزاً للنمو؟

رغم الوجه المظلم للكوارث الطبيعية إنسانياً واقتصادياً، وآثارها المدمرة الواضحة على البشر والحجر، إلا أن دراسات اقتصادية وجدت في هذه العتمة بارقة أمل قد تحول ذلك الركام المتناثر إلى حجر أساس يعلن عن بداية جديدة أفضل من سابقها، فكيف يمكن فعلاً قلب الدمار والانكسار إلى بناء ونمو؟

تتسبب الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والأعاصير المدارية عادة ً بأضرار جسيمة ومباشرة على الاقتصاد الكلي للدول، وبالنسبة للشركات، تدمر الكوارث رأس المال البشري والأصول الملموسة مثل المباني والمعدات، وبالتالي تؤدي إلى تدهور قدرتها الإنتاجية، وقد تكون هذه الآثار السلبية في بعض الأحيان قاتلة وتدفع المؤسسات الاقتصادية إلى الإغلاق.

دراسات وآراء اقتصادية كتلك التي خرجت عن المنتدى الاقتصادي العالمي تحت عنوان "هل تحفز الكوارث الطبيعة النمو الاقتصادي؟ وجدت أنه رغم الضرر المباشر على مستوى الأرواح والبنى التحتية، إلا أنه هناك ما يسمى بالـ "التدمير الابداعي" بناءً على استطلاعات أجريت في الأعوام 2010 و2012 وأكدت أن الكوارث الطبيعية قد تعزز النمو، وهناك بعض الأدلة على هذه الفرضية، وإن كانت متضاربة، فمن ناحية اكشتفت دراسة أعدت في العام (2012) وركزت على زلزال كوبي، المزيد من الاستثمار من قبل الشركات الموجودة داخل المنطقة المتضررة أكثر من تلك الموجودة في الخارج، مما يدعم فرضية التدمير الإبداعي، وتماشيا مع هذه الفرضية، وجدت دراسة أخرى في (2009) أن الشركات الأوروبية الموجودة في المناطق المتضررة من الفيضان الكبير في عام 2000 لديها نمواً أعلى في الأصول والعمالة مقارنة بالشركات غير المتضررة.

ولكن من ناحية أخرى أظهرت دراسة في 2011 حول الشركات التي عانت بسبب كارثة تسونامي المدمرة بسريلانكا عام 2004 أرباحاً ومبيعات وأرصدة رأسمالية أقل.

من ناحيتها، تقول سونالي ديرانياغالا خبيرة اقتصادية وعضو بهيئة التدريس في قسم الاقتصاد بجامعة لندن وباحثة في جامعة كولومبيا، في مقالة منشورة على موقع الأمم المتحدة تحت عنوان "الإنعاش الاقتصادي بعد الكوارث الطبيعية"، أنه ينظر إلى الكوارث الطبيعية باعتبارها تتيح فرصة ”لإعادة البناء على نحو أفضل“ كبناء مساكن أو طرق أو مدارس ومستشفيات، إلا أنه من المهم توضيح المقصود بكلمة ”أفضل“، وذلك بإعادة بناء المساكن والبنى التحتية العامة وفقاً لمعايير السلامة العليا التي تحد من خطر الكوارث ما يقلل في المستقبل إلى أدنى حد الخسائر البشرية والاقتصادية، كما أن الكارثة قد تكون فرصة لـ "طفرة في مجال التنمية" بإنشاء، مثلاً، بنى تحتية متطورة ما كانت لتوجد لولا الكارثة ذاتها، وكل هذا مرهون بقدرات البلد الاقتصادية المتاحة وسياسة الإنعاش الاقتصادي السريعة.

قد يعجبك ايضا

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com