تبحث البنوك اللبنانية تعيين مستشار مالي استعداداً لمفاوضات محتملة مع مصرف لبنان المركزي بشأن مطالبات تبلغ قيمتها نحو 80 مليار دولار، في خطوة محورية لفك عقدة الأزمة المالية التي ضربت أكثر دول الشرق الأوسط مديونية وأعاقت جهود الحصول على دعم مالي دولي.
وبحسب ما نقلته وكالة «بلومبرغ» عن مصادر مطلعة، فإن جمعية مصارف لبنان، التي تمثل نحو 60 بنكاً وتُعرف اختصاراً بـ«ABL»، تدرس عروضاً مقدمة من شركتي Alvarez & Marsal وAnkura لتولي مهمة التفاوض مع المصرف المركزي.
وذكرت المصادر أن قرار الجمعية بتعيين مستشار جاء بطلب من مصرف لبنان. لكن الخيارات المتاحة كانت محدودة، لأن العديد من الشركات المالية تملك سندات لبنانية، ما يشكل تضارباً في المصالح بحسب ما أفاد أحد المصادر.
وفي بيان رسمي، أوضحت جمعية المصارف أن عملية اختيار مستشار مالي دولي لا تزال قيد الإعداد ولم تُحسم بعد.
وأضافت أن المصرف المركزي نصح البنوك بالقيام بهذه الخطوة، تماشياً مع قيام كل من الحكومة والمصرف بتعيين مستشاريهما أيضاً.
وقالت الجمعية: «في هذه المرحلة، لا توجد تفاصيل إضافية يمكن مشاركتها بشأن توقيت أو نطاق أي مفاوضات محتملة».
وبحسب «بلومبرغ»، فإن المصادر طلبت عدم كشف هويتها لأن المحادثات لا تزال سرية. كما لم يصدر أي تعليق من مصرف لبنان بشأن هذه التحركات.
وكانت البنوك اللبنانية قد أودعت مليارات الدولارات في مصرف لبنان، المعروف باسم «بنك لبنان»، في إطار ما عُرف بالهندسة المالية التي أطلقها عام 2016، والتي ساعدت على تمويل الإنفاق الحكومي مقابل جذب البنوك للودائع من خلال أسعار فائدة مرتفعة.
لكن هذا النموذج انهار في 2019 عندما تراجعت تدفقات النقد الأجنبي وانهار سعر الصرف أمام الدولار، وفشل المصرف المركزي في سداد مستحقاته للبنوك، والتي تُقدّر بحوالي 80 مليار دولار، لتبدأ منذ ذلك الحين حالة من الجمود بين الطرفين.
وتُصر البنوك على أن يتحمل كل من مصرف لبنان والحكومة خسائر تلك المرحلة. كما تسبب هذا الجمود في تعثر التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، الذي حذر مؤخراً من أن لبنان لا يزال يواجه احتياجات تمويل خارجية كبيرة.
ويعتمد أي دعم خارجي محتمل على قدرة الحكومة الجديدة على تنفيذ إصلاحات جوهرية، أبرزها معالجة خسائر مصرف لبنان وإعادة أموال المودعين.
وقد أحرز البرلمان اللبناني بعض التقدم في تلبية شروط صندوق النقد، مثل تعزيز الشفافية في القطاع المالي، والموافقة مؤخراً على خطة لإعادة هيكلة البنوك.
ويُجري الصندوق حالياً محادثات مع لبنان للتوصل إلى اتفاق جديد على مستوى الموظفين بشأن هذه الإصلاحات، مؤكداً أن هناك حاجة لمزيد من العمل لضمان توافق الاستراتيجية الحكومية مع المعايير الدولية ومتطلبات استدامة الدين العام.
وكان لبنان قد تخلّف في عام 2020 عن سداد سندات يوروبوندز بقيمة 30 مليار دولار، ما دفع البنوك حينها إلى الاستعانة بشركات مثل Global Sovereign Advisory وHoulihan Lokey لخوض مفاوضات مشابهة مع السلطات، لكن تلك الجهود توقفت لاحقاً.
وقد ساهم انتخاب رئيس مدعوم من الولايات المتحدة مطلع العام الجاري وتشكيل حكومة تكنوقراط في إعادة بعض الثقة للمستثمرين، إذ حققت السندات السيادية المتعثرة للبنان عوائد بلغت 45% هذا العام، وهي الأعلى بين 69 سوقاً ناشئة يتابعها مؤشر «بلومبرغ» للعائد الإجمالي على السندات السيادية.