logo
عقارات

عمالقة التطوير العقاري في مصر يتوسعون في أسواق الخليج.. لماذا؟

عمالقة التطوير العقاري في مصر يتوسعون في أسواق الخليج.. لماذا؟
جناح شركة مجموعة طلعت مصطفى المصرية في معرض «سيتي سكيب 2024» العالمي في العاصمة السعودية الرياض. المصدر: موقع الشركة الإلكتروني
تاريخ النشر:2 يونيو 2025, 04:01 ص

بدأت البوصلة الاستثمارية لبعض شركات التطوير العقاري العملاقة في مصر تتجه نحو الأسواق الخليجية، في محاولة وصفتها مجموعة طلعت مصطفى القابضة (أكبر مطور عقاري مصري) بأنها جزء من استراتيجية تستهدف التحول إلى مطور إقليمي، بجانب تعزيز القدرة على توليد إيرادات بالدولار الأميركي، والتحوط ضد تقلبات العملة المحلية.

عانت السوق المصرية من تقلبات واضحة في سعر الجنيه مقابل الدولار حتى مارس من العام الماضي، حين حرر البنك المركزي المصري سعر الصرف في الدولة العربية الأكثر اكتظاظاً بالسكان، وهي خطوة سمحت للعملة المحلية بالتراجع نحو 40% أمام العملة الخضراء، في محاولة لاحتواء أزمة اقتصادية أرهقت القاهرة لنحو عامين.

قرار تحرير سعر الصرف في مصر أسهم في الحفاظ على قدر كبير من الهدوء والاستقرار لسعر العملة المحلية طوال الأشهر الـ14 الماضية، حيث ظلت تتداول في نطاق يتراوح بين 48 و51 جنيهاً خلال تلك الفترة، لكن هذا الهدوء لم يحجم مساعي كبار المطورين العقاريين للتوجه للأسواق الخارجية، بل بدأت بعض الشركات اتخاذ خطوات فعلية لتحويل رغبتها التوسعية إلى مشروعات قيد التنفيذ.

البداية مع «طلعت مصطفى»

أطلقت شركة «طلعت مصطفى القابضة» في نهاية سبتمبر 2023 (وقت ذروة أزمة نقص العملة بمصر وارتفاع أسعارها في السوق الموازية) مشروع مدينة «بَنان» في السعودية، وهو المشروع الخارجي الأول للمطوّر العقاري الأكبر في مصر، والذي يجري تطويره بالشراكة مع «الشركة الوطنية للإسكان» السعودية، على مساحة إجمالية تبلغ 10 ملايين متر مربع، وباستثمارات تصل إلى 65 مليار ريال سعودي (17.3 مليار دولار). 

أخبار ذات صلة

مدينة في العراق.. ثالث محطات «طلعت مصطفى» المصرية على طريق التوسعات

مدينة في العراق.. ثالث محطات «طلعت مصطفى» المصرية على طريق التوسعات

ثاني مشاريع «طلعت مصطفى» خارج مصر، أعلنت عنه المجموعة قبل نحو أسبوعين، حيث وقّعت اتفاقية مع وزارة الإسكان العُمانية لتطوير مشروعين، سكني وسياحي، باستثمارات تبلغ 1.5 مليار ريال عُماني (3.9 مليار دولار).

وبالتزامن مع إعلان «طلعت مصطفى» مشروعها الثاني في عمان، أعلن مجلس الوزراء العراقي، قبل أسبوع، توقيع مذكرة تفاهم، بين الهيئة الوطنية للاستثمار، وشركة «طلعت مصطفى القابضة»؛ لإطلاق مشروع استثماري عراقي - مصري - سعودي، بهدف تطوير جزء من المدينة الاقتصادية لمدينة الرفيل غرب العاصمة بغداد، على مساحة 14 مليون متر مربع.

كبار المطورين.. التحاق متسارع

توسعات «طلعت مصطفى» الإقليمية أثارت شهية كبار المطورين العقاريين في مصر لاتخاذ خطوات مماثلة؛ إذ أعلنت شركة «بالم هيلز للتعمير» المصرية المملوكة للملياردير المصري ياسين منصور، قبل أيام، توقيع اتفاقية مع شركة «ويف سيفن» للاستثمار المحدودة، لتطوير قطعة أرض بمساحة 1.87 مليون متر مربع في أبوظبي، تُطل مباشرة على جزيرة السعديات، ومن المقرر أن يتم تنفيذ المشروع من خلال شركة «بي إتش دي نورث جبيل» للتطوير العقاري، وهي شركة تابعة مملوكة بالكامل لـ«بالم هيلز» للتعمير، بحسب بيان صادر عن الشركة.

من جانب آخر، اتخذت «أورا ديفلوبرز» المملوكة للملياردير المصري المعروف نجيب ساويرس، خطوات إقليمية في العراق والإمارات خلال الأشهر الماضية، إذ تعتزم الشركة إنشاء مدينة «علي الوردي» السكنية في بغداد باستثمارات تلامس 7 مليارات دولار، ومشروع «بين» على مساحة 4.8 مليون متر مربع في منطقة غنتوت بين أبوظبي ودبي، بما يتضمنه من أنشطة سكنية وفندقية متنوعة، وناد رياضي على مساحة 100 ألف متر مربع.

خطوات إقليمية متلاحقة 

اتجه مطورون عقاريون آخرون (يصنفون ضمن فئة الشركات الكبرى بمصر) أيضاً لاقتناص فرص إقليمية خلال الفترة الماضية، حيث أطلقت شركة «الأهلي صبور» المصرية مطلع العام الجاري أول مشروعاتها في سلطنة عمان «وادي زها» بمدينة السلطان هيثم باستثمارات 90 مليون ريال عماني (234 مليون دولار)، كما أعلنت «ماونتن فيو للتنمية والاستثمار العقاري»، خلال سبتمبر الماضي عن إطلاق «ماونتن فيو السعودية» ضمن خطة طموحة تستهدف تطوير مشروعات ومجتمعات عمرانية عدة هناك بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030.  

في الوقت نفسه، تستعد شركات كبرى أخرى لاتخاذ خطوات إقليمية؛ إذ أفصحت شركة «مدينة مصر للإسكان والتعمير» أخيراً عن مساعيها للإعلان عن أول مشاريعها الخارجية قبل نهاية العام الجاري، والذي سيكون إما في السعودية أو الإمارات، كما أعلنت شركة تطوير مصر في وقت سابق تأسيس شركة مشتركة مع شركة «نايف الراجحي الاستثمارية السعودية» لتطوير أول مشروع للشركة بالمملكة.

أخبار ذات صلة

أول مشاريعها الخارجية.. «بالم هيلز» المصرية تطور أرضاً في أبوظبي

أول مشاريعها الخارجية.. «بالم هيلز» المصرية تطور أرضاً في أبوظبي

هروب من «الفقاعة العقارية»

اعتبر الخبير الاقتصادي المصري، هاني توفيق، أن التوسعات الخارجية لكبار المطورين العقاريين في مصر ناتج بشكل رئيس عن تشبّع السوق المحلية وتراجع مبيعات العقارات في مصر منذ بداية العام الجاري، مقارنة بالماضي.

توفيق قال في حديثه لـ«إرم بزنس»: «تراجع المبيعات دفع كبار المطورين في مصر إلى الاختيار بين أمرين، إما الإفلاس أو التوسع خارجياً لتحقيق عوائد جديدة في ظل تراجع مبيعات العقارات وصعوبة عمليات إعادة البيع بسبب ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية».

«السوق المصرية تعاني حالياً من (فقاعة عقارية)، أسعار الوحدات بعيدة عن القيمة الحقيقية ولا تتناسب مع القوة الشرائية للمستهلك المصري العادي، هذا الأمر لا يعني أننا بصدد انفجار للفقاعة وانهيار لأسعار الوحدات، كل ما في الأمر أن ما يحدث في القطاع العقاري أصبح منعزلاً عن الواقع»، تابع توفيق.

وأوضح الخبير الاقتصادي المصري أن الأزمة التي تعانيها السوق المصرية نتجت عن زيادة المعروض من وحدات الإسكان فوق المتوسط والفاخر، في حين يتركز الطلب المرتفع في وحدات الإسكان دون المتوسط، ما ساعد على عدم تلاقي العرض والطلب.

الحل في صناديق الاستثمار 

دعا هاني توفيق أيضاً إلى ضرورة تفعيل صناديق الاستثمار العقاري في مصر وإعفائها من الضرائب، موضحاً أن هذه الصناديق ستستقطب استثمارات صغار المستثمرين غير القادرين على الاستثمار بالقطاع العقاري، وستشتري ملايين الوحدات المغلقة داخل الدولة.

وقال توفيق: «الصناديق العقارية تحقق أربعة أهداف رئيسة، فهي وعاء جديد لراغبي الاستثمار العقاري من المواطنين والبنوك بأي قيم مالية، وتمثل حلاً لمشكلة مديونية الدولة ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التي قامت ببناء وحدات ولا تستطيع بيعها، كما أنها ستحل مشكلة الديون المعدومة بالبنوك نتيجة عدم القدرة على استرداد التمويلات العقارية الممنوحة للوحدات المغلقة، بجانب توفير مساكن للشباب بالايجار وليس الشراء».

تباطؤ مبيعات.. لكن لا خوف 

شهدت السوق العقارية في مصر تباطؤاً في المبيعات خلال الربع الأول من العام الجاري، بحسب ما كشفه تقرير أعدته شركة «ذا بورد كونسالتينغ» لأبحاث ودراسات السوق، والتي فسّرت التباطؤ بارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للعملاء وضعف سوق إعادة البيع.

ورغم تباطؤ المبيعات وتحذيرات بعض المحللين من مخاطر الفقاعة العقارية في مصر، لكن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قال نهاية الأسبوع الماضي، في مؤتمر صحفي، إنه لا خوف في مصر من حدوث فقاعة عقارية نظراً لاعتماد المطورين على تمويلات ذاتية، كما أن أسعار العقارات في البلاد تتحرك وفقاً لقوى العرض والطلب.

زيادة الإيرادات الدولارية

أكدت محللة القطاع العقاري بشركة «إتش سي» لتداول الأوراق المالية، مريم السعدني، إن هناك سببين يفسّران توجّه كبار المطورين العقاريين المصريين إلى لأسواق العربية، الأول يتعلق برغبة الشركات المصرية منذ سنوات في زيادة مواردها الدولارية أو العملات الأجنبية المرتبطة بالدولار، والثاني يتعلق برغبة الدول العربية نفسها في الاستعانة بالمطورين المصريين لتنفيذ خطط التطوير التي تقوم بها دول مثل السعودية وعمان، وخطط إعادة الإعمار التي تنفذها دول مثل العراق لمواجهة نقص الوحدات السكنية.

وأضافت السعدني لـ«إرم بزنس»، أن السعودية لديها توسعات ضخمة في الرياض تحديداً، واحتياج لمشروعات إسكان كبرى وإقامة مجتمعات عمرانية مختلفة تشبه مثيلتها في مصر، لذا فإن هناك رغبة في جذب الشركات المصرية العملاقة لنقل تجاربها وقصص نجاحها إلى المملكة.

كما توقعت السعدني أن تحظى شركات العقارات المتوسطة بفرص توسعية إقليمية في الدول التي تتطلع لإعادة الإعمار، لكن تلك الخطوة تتوقف على قدرة هذه الشركات على التسويق لنفسها في الخارج والدخول في مشروعات أقل حجماً.

كذلك أشارت إلى أن التوسع الخارجي للشركات المصرية سيكون له انعكاس إيجابي على خطة زيادة عوائد تصدير العقار لمصر مثلما حدث مع شركة «إعمار» الإماراتية حين توسعت في السوق المصرية وروجت أيضاً لمشروعاتها في الإمارات من داخل السوق المصرية.

علامات عملاقة ونضج استثماري 

لفت محلل الاقتصاد الكلي، محمد أنيس، إلى أن شركات التطوير العقاري المصرية بلغت مرحلة من النضج الاستثماري، وصنعت علامات تجارية عملاقة، تؤهلها للتوسع إقليمياً وتحقيق نجاحات جديدة، مثلما فعلت الشركات الخليجية في مصر خلال السنوات الأخيرة.

واستبعد أنيس أن يكون توسع الشركات المصرية في الخارج ناتجاً عن أزمة في السوق المحلية سواء ما يتردد حول دخول السوق فقاعة عقارية أو البحث عن عوائد دولارية أو مخاوف التضخم، قائلاً «الشركات لديها عوائد دولارية جيدة مكنتها من الاستثمار خارج الدولة، كما لم تتأثر مبيعات الشركات بالتضخم، بل فاقت زيادات أسعار العقارات مستويات التضخم دون أن تتأثر السوق».

أضاف أنيس لـ«إرم بزنس»، أن تواجد الشركات المصرية في الأسواق الخليجية سيسهم بشكل واضح في زيادة عوائدها الدولارية، بجانب استقطاب عملاء جدد للسوق المحلية، خصوصاً أن تنفيذ مشروعات خارجية سيكون أفضل وسيلة للترويج لتصدير العقار في مصر (بيع عقارات للأجانب) بدلًا من الاعتماد على المعارض الدولية فقط.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC