قطاع ناشئ تحفزه مليارات الدولارات.. الخليج يتحول صوب الأمن السيبراني

مع تصاعد التهديدات السيبرانية التي يُتوقع أن تُكلّف الاقتصاد العالمي أكثر من 10.5 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات (Cybersecurity Ventures)، بات الأمن السيبراني يشكّل حجر الزاوية في التحول الرقمي لدول مجلس التعاون الخليجي.

ففي ظل هجمات إلكترونية متزايدة، مثل ما شهدته الإمارات بتعرضها لأكثر من 200 ألف هجوم في يوم واحد – ما يعادل 72 مليون هجوم سنوياً – تحوّلت مراكز الأمن السيبراني إلى أولوية قصوى في السياسات الوطنية الخليجية.

استراتيجيات خليجية موحدة واستثمارات متنامية

بحسب تقرير IDC لعام 2024، يُتوقع أن يصل حجم سوق الأمن السيبراني في الشرق الأوسط إلى 23 مليار دولار بحلول عام 2027، بمعدل نمو سنوي يبلغ 14.5%، مدفوعاً بالحاجة إلى حماية البنى التحتية الحيوية في قطاعات الطاقة والمالية، في ظل اعتماد متزايد على الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.

السعودية أطلقت استراتيجيتها الوطنية للأمن السيبراني، فيما تستضيف قطر ملتقى الأمن السيبراني الخليجي 2025 لدعم التعاون الإقليمي، وسط جهود حثيثة لتعزيز السيادة الرقمية وتنويع الاقتصاد.

تقرير (Frost & Sullivan) أشار إلى أن قيمة صناعة الأمن السيبراني في الشرق الأوسط قد تبلغ 13.4 مليار دولار بحلول عام 2030، مما يعكس تطلعات المنطقة للتحول إلى مركز عالمي في هذا القطاع.

نموذج الإمارات السيبراني

تسعى الإمارات إلى مضاعفة مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي من 9.7% إلى 20% بحلول 2031، ضمن استراتيجيتها الرقمية الطموحة. ووفقاً للتقديرات، يُتوقع أن يبلغ سوق خدمات تكنولوجيا المعلومات 3.76 مليار دولار في 2025، في حين وصل حجم سوق الأمن السيبراني إلى 2.1 مليار درهم في 2024، مع توقعات بتجاوزه 3.9 مليار درهم بحلول 2029.

البيئة الرقمية في الإمارات تواجه تحديات متصاعدة، إذ تعرضت 93% من المؤسسات لهجمات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي في العام الماضي. كما تصدت المنظومة السيبرانية لهجمات طالت 634 جهة حكومية في مارس 2025.

تعكس هذه الأرقام الحاجة إلى تقنيات متقدمة؛ فقد كشفت بيانات أن 96% من المؤسسات تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل التهديدات، و93% للكشف عنها، و77% لاستعادة الأنظمة بعد الهجمات.

ضمن الجهود الوطنية، أُطلق مركز التميز العالمي للأمن السيبراني في أبوظبي بالتعاون مع "غوغل كلاود"، باستثمارات متوقعة تبلغ 1.4 مليار دولار، وتوفير أكثر من 20 ألف وظيفة بحلول 2030.

محمد عفيفي، باحث وخبير اقتصادي، يرى أنه على الرغم من أن الوقت الحالي ، تسخر دولة الإمارات كافة إمكاناتها لاستمرار ريادتها التكنولوجية عالميا، إلا أنه لضمان نجاح استراتيجياتها فعليها أولاً، الحفاظ على جاذبية وتنافسية بيئة الأعمال الإماراتية في سوق عالمي سيناهز 177 مليار دولار أمريكي في 2025، وثانياً ترسيخ القدرات والإمكانات للكوادر الوطنية، باعتبار ذلك الضمانة الأولى لتعزيز مكانة واستقلالية الدولة في سلاسل القيمة السيبرانية عالمياً.

السعودية.. صناعة أمن رقمي شامل

تتقدم السعودية في مجال الأمن السيبراني ضمن رؤية 2030، مع تقديرات تشير إلى أن سوق الأمن السيبراني بلغ 3.5 مليار دولار في 2024، مع توقعات ببلوغه 7.3 مليار دولار في 2029، بمعدل نمو سنوي قدره 15.8%.

الهيئة الوطنية للأمن السيبراني تقود هذه الجهود، من خلال إعداد أطر تنظيمية وتمكين الجهات الحكومية والخاصة. وفي خطوة لتعزيز الابتكار، وقّعت شركة CyberME السعودية في 2024 مذكرة تفاهم مع شركتين صينيتين لتوطين تقنيات سيبرانية متقدمة.

المملكة تستضيف سنوياً منتدى الأمن السيبراني الدولي، ما يعزز مكانتها كمركز عالمي للأمن السيبراني، ويجذب استثمارات بمئات الملايين من الدولارات.

ويؤكد الخبير السيبراني طلال شيخ لـ«إرم بزنس» أن الاستثمار في هذا المجال يتجاوز الحماية الرقمية إلى تعزيز الابتكار وتوفير وظائف عالية المهارة، وتوسيع قاعدة الاقتصاد ليشمل قطاعات مثل الحوسبة السحابية ودفاعات إنترنت الأشياء.

قطر..أمن سيبراني يعزز التحول التكنولوجي

بلغ حجم سوق الأمن السيبراني في قطر نحو 1.02 مليار دولار في 2022، مع توقعات بوصوله إلى 1.64 مليار دولار بحلول 2026، وبمعدل نمو سنوي 12.7%. وتشير توقعات طويلة الأجل إلى استمرار النمو بمعدل 12.6% حتى عام 2033، بحسب BuddeComm.

وتستهدف قطر من خلال رؤية 2030 تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، حيث جذبت الاستثمارات التكنولوجية نحو 2.5 مليار دولار في 2024، ويُتوقع أن ينمو الطلب على الحلول السيبرانية بمعدل 20% سنوياً وفق Gartner.

الرئيس التنفيذي لشركة العضيد، سحيم أحمد سلطان آل ثاني، قال في تصريحات لـ«إرم بزنس» إن "قطر تملك حاضنات أعمال، وتشريعات متقدمة، وتنظم فعاليات دولية كـمنتدى الدوحة وWeb Summit، مما يعزز بيئة الابتكار والشراكات."

وفي خطوة استراتيجية، أُطلق مركز سايبر دوم قطر بالشراكة بين سايبروس الروسية والعضيد للأعمال، كمنصة وطنية لمواجهة التحديات السيبرانية، مستنداً إلى تجربة موسكو في هذا المجال.

أندريه باردِش، المدير التنفيذي لمؤسسة سايبروس، في تصريح لـ«إرم بزنس» يؤكد أهمية الشراكة، مشيراً إلى خبرة روسيا في مواجهة هجمات سيبرانية معقدة تتيح نقل معرفة وأدوات لبناء منظومة سيبرانية قطرية مستقلة.

وتؤكد وكالة ترويج الاستثمار القطرية أن ميزانية الأمن السيبراني ستتجاوز 1.64 مليار دولار بحلول 2026، في وقت تعتمد فيه 80% من البنوك القطرية على حلول متقدمة لحماية البنية التحتية الحيوية.