كانت تايلاند ذات يوم وجهة مفضلة للمسافرين حول العالم، لكنها اليوم تواجه تحديات متزايدة تهدد مكانتها السياحية، وسط ركود ملحوظ في أعداد الزوار منذ عام 2024. ويشكل هذا القطاع الحيوي نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي، ويؤمّن مصدر دخل لأكثر من عشرة ملايين تايلاندي، مما يجعل التباطؤ الحالي مصدر قلق بالغ للسلطات.
فقد أظهرت البيانات الرسمية أن عدد السياح بين يناير ونهاية أبريل 2025 لم يتجاوز 11.8 مليون زائر، أي بزيادة هامشية لا تتعدى 0.12% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وتصدّر القادمون من الصين وماليزيا وروسيا والهند وكوريا الجنوبية قائمة الزوار.
أمام هذا الركود، دعا وزير السياحة والرياضة، سوراوونغ ثينتونغ، إلى اجتماع طارئ مع ممثلي القطاع السياحي، مشيراً إلى أن المخاوف الأمنية الناجمة عن تدهور الأوضاع في ميانمار وكمبوديا ولاوس، بالإضافة إلى حوادث خطف بارزة، ساهمت في تراجع الإقبال، خصوصاً من السياح الصينيين.
لكن صحيفة «بانكوك بوست» حذرت من الاكتفاء بتفسير الوضع على أنه ظرف مؤقت، مؤكدة أن الأزمة تمثل «جرس إنذار» حقيقي في بلد يعتمد على السياحة كركيزة اقتصادية واجتماعية. وأشارت الصحيفة إلى أن تأخر إصدار التأشيرات وتقييد فترتها من 60 إلى 30 يوماً زاد من تعقيد الوضع، إضافة إلى الارتفاع المفرط في الأسعار.
وباتت تايلاند، التي كانت تُعرف بوجهة مميزة تجمع بين الجودة والسعر المناسب، تفقد هذه السمعة، في ظل ضعف البنية التحتية، والاكتظاظ المفرط في بعض المناطق، وتدهور الشواطئ، وغلاء العملة المحلية مقابل اليورو والجنيه الإسترليني والروبل، مما أضعف القدرة الشرائية للسياح الأجانب.
ونتيجة لذلك، تقلصت مدة الإقامة، وتراجعت معدلات الإنفاق، بل وازدادت حالات إلغاء الحجوزات، كما هو الحال في مدينة باتايا. أما في المقابل، فالدول المجاورة مثل فيتنام وماليزيا والفلبين وكمبوديا، باتت تقدم عروضاً أكثر جاذبية من حيث الأسعار والخدمات، وفق ما أكده التقرير.
وقد حددت الحكومة التايلاندية هدفها بجذب 37.5 مليون سائح أجنبي خلال 2025، وتحقيق عائدات تصل إلى 48 مليون يورو. لكن «بانكوك بوست» حذّرت من أن هذه الأرقام ستظل حبراً على ورق إذا لم تُتخذ إصلاحات جذرية وسريعة، مضيفة: «الاعتماد على الحنين وحده لا يكفي لإعادة السياح. لقد آن الأوان للتحرك».